الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ. وَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ.
ــ
في كَراهَةِ الزِّيادَةِ عليه. إذا ثَبَت هذا، فلا فَرْقَ بينَ كَوْنِها مُتَتابِعَةً أو مُتَفَرِّقَةً، في أَوَّلِ الشَّهْرِ أو في آخِرِه؛ لأنَّ الحَدِيثَ وَرَد مُطْلَقًا مِن غيرِ تَقْيِيدٍ، ولأنَّ فَضِيلَتَها لكَوْنِها تَصِيرُ مع الشَّهْرِ عُشْرَ السَّنَةِ، والحَسَنَةُ بعَشْرِ أَمْثالِها، فيكونُ كَأنَّه صام السَّنَةَ كُلَّها، فإِذا وُجِد ذلك في كُلِّ سَنَةٍ صار كصيامِ الدَّهْرِ كُلِّه. وهذا المَعْنَى يَحْصُلُ مع التَّفْرِيقِ. واللهُ أَعْلَمُ.
1096 - مسألة: (وصِيامُ يَوْمِ عاشُوراءَ كَفّارَةُ سَنَةٍ، ويَوْمِ عَرَفَةَ كَفّارَةُ سَنَتَيْن. ولا يُسْتَحَبُّ لمَن كان بعَرَفَةَ)
صِيامُ هذَيْن اليَوْمَيْن مُسْتَحَبٌّ؛ لِما روَى أبو قَتادَةَ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال في صِيامِ عَرَفَةَ:«إنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ» (1).
(1) أخرجه مسلم، في: باب استحباب صيام ثلاثة أيام. . . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 819. وأبو داود، في: باب في صوم الدهر تطوعا، من كتاب الصيام. سنن أبي داود 1/ 565. والترمذى، في: باب ما جاء في فضل صوم يوم عرفة، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 282. وابن ماجه، في: باب صيام يوم عرفة، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 551. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 295، 304، 307.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال في صِيامِ عاشُوراءَ: «إنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ» . أخْرَجَه مسلمٌ (1).
فصل: يَوْمُ عاشُوراءَ هو اليَوْمُ العاشِرُ مِن المُحَرَّمِ. هذا قولُ سَعِيدِ ابنِ المُسَيَّبِ، والحسنِ؛ لِما روَى ابنُ عباسٍ، قال: أمَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بصَوْمِ يومِ عاشُوراءَ، العاشِرِ مِن المُحَرَّمِ. أخْرَجَه التِّرْمِذِىُّ (2). وقال: حسنٌ صحيحٌ. ورُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، أَنَّه قال: التّاسِعُ. ورُوِىَ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَصُومُ التّاسِعَ. أخْرَجَه مسلمٌ بمَعْناه (3). وروَى عنه عَطاءٌ، أنَّه قال: صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ (4). فعلى هذا يُسْتَحَبُّ صومُ التَّاسِعِ والعاشِرِ، نَصَّ عليه أحمدُ، وهو قولُ إسحاقَ. قال أحمدُ: فإنِ اشْتَبَهَ عليه أوَّلُ الشَّهْرِ صام ثَلاثَةَ أيَّامٍ. وإنَّما يَفْعَلُ ذلك ليَحْصُلَ له التّاسِعُ والعاشِرُ يَقِينًا.
فصل: واخْتُلِفَ في صَوْمِ عاشُوراءَ، هل كان واجِبًا؟ فذَهَبَ القاضى إلى أنَّه لم يَكُنْ واجِبًا، وقال: هذا قِياسُ المَذْهَبِ، واسْتَدَلَّ بأمْرَيْن؛
(1) في: باب استحباب صيام ثلاثة أيام. . . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 819.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في صوم الدهر تطوعا، من كتاب الصيام. سنن أبي داود 1/ 565. والترمذي، في: باب ما جاء في الحث على صوم يوم عاشوراء، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 284.
(2)
في: باب ما جاء عاشوراء أي يوم هو، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 286.
(3)
في: باب أي يوم يصام في عاشوراء، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 797.
(4)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصيام. المصنف 4/ 287. وعنه البيهقى في سننه 4/ 287.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحَدُهما، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، أمَر مَن لم يَأْكُلْ بالصومِ. والنِّيَّةُ في اللَّيْلِ شَرْطٌ في الواجِبِ. والثانى، أنَّه لم يأْمُرْ مَن أكَل بالقَضاءِ، ويَشْهَدُ لهذا ما روَى مُعاوِيَةُ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إنَّ هذَا يَوْمُ عاشُوراءَ، لم يَكْتُبِ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيامَهُ، فَمَنْ شاءَ فَلْيَصُمْ، ومَنْ شاءَ فلْيُفْطِرْ» (1). وهو حديثٌ صحَيحٌ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه كان مَفْرُوضًا؛ لِما رَوَتْ عائِشَةُ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم صامَه، وأَمَر بصِيامِه، فلمّا افْتُرِضَ رمضانُ كان هو الفَرِيضَةَ، وتَرَك عاشُوراءَ، فمَن شاء صامَه، ومَن شاء تَرَكَه (2). حديثٌ صحيحٌ. وحَدِيثُ مُعاوِيةَ مَحْمُولٌ على أنَّه أرادَ، ليس هو مكْتُوبًا عليكم الآنَ. وأمَّا تَصْحِيحُه بنِيَّةٍ مِن النَّهارِ، وتَرْكُ الأمْرِ بقَضائِه، فيَحْتَمِلُ أن يَقُولَ: مَن لم يُدْرِكِ اليومَ بكَمالِه لم يَلْزَمْه قَضاؤُه. كما قُلْنا في مَن أَسْلَمَ وبَلَغ في أثْناءِ يومٍ من رمضانَ. على أنَّه قد روَى
(1) أخرجه البخاري، في: باب صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصوم. صحيح البخاري 3/ 57. ومسلم، في: باب صوم يوم عاشوراء، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 795. والإمام مالك، في: باب صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصيام. الموطأ 1/ 299. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 95.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب وجوب صوم رمضان، وباب صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصوم. وفي: باب أيام الجاهلية، من كتاب المناقب. وفي: باب سورة البقرة، من كتاب التفسير. صحيح البخاري 3/ 31، 57، 5/ 51، 6/ 29. ومسلم، في: باب صوم يوم عاشوراء، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 792، 793. والترمذى، في: باب ما جاء في الرخصة في ترك صوم يوم عاشوراء من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 285. والإمام مالك، في: باب صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصيام. الموطأ 1/ 299. والدارمى، في: باب في صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصوم سنن الدارمى 2/ 23. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 30، 50، 162، 244، 248.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو داودَ (1)، أنَّ أَسْلَمَ (2) أتَتِ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ:«صُمْتُمْ يَوْمَكُمْ هذَا؟» ، قالُوا: لا. قال: «فَأتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَاقْضُوهُ» .
فصل: فأمَّا يَوْمُ عَرَفَةَ، فهو اليَوْمُ التّاسِعُ مِن ذى الحِجَّةِ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. سُمِّىَ بذلك؛ لأنَّ الوُقُوفَ بعَرَفَةَ فيه. وقيل: سُمِّىَ بذلك؛ لأنَّ إبراهيمَ عليه السلام أُرِىَ في المَنامِ لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ أَنَّه يُؤْمَرُ بذَبْحِ ابْنِه، فأصْبَحَ يَوْمَه يَتَرَوَّى، هل هذا مِن اللهِ أو حُلْمٌ. فسُمِّىَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فلمّا كانتِ اللَّيْلَةُ الثانيةُ رَآه أيضًا، فأصْبَحَ فعَرَفَ أنَّه مِن اللهِ، فسُمِّىَ يومَ عَرَفَةَ. وهو يومٌ شَرِيفٌ عَظِيمٌ، وفَضْلُه كَبِيرٌ.
فصل: ولا يُسْتَحَبُّ لمَن كان بعَرَفَةَ أن يَصُومَه؛ ليَتَقَوَّى على الدُّعاءِ عندَ أكثرِ أهْلِ العِلْمِ، وكانت عائشةُ وابنُ الزُّبَيْرِ يَصُومانِه، وقال قَتادَةُ: لا بَأْسَ به إذا لم يَضْعُفْ عن الدُّعاءِ، وقال عَطاءٌ: أصُومُ في الشتاءِ، ولا أصُومُ في الصَّيْفِ؛ لأنَّ كَراهَةَ صومِه إنَّما هى مُعَلَّلَةٌ بالضَّعْفِ عن الدُّعاءِ، فإذا قَوِىَ عليه، أو كان في الشتاءِ لم يَضْعُفْ، فتَزُولُ الكَراهَةُ. ولَنا، ما رُوِىَ عن أمِّ الفَضْلِ بنتِ الحارِثِ، أنَّ ناسًا تَمارَوْا بينَ يَدَيْها يومَ عَرَفَةَ في رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ بَعْضُهم: صائِمٌ. وقال بَعْضُهم: ليس بصائِمٍ. فأرْسَلَتْ إليه بقَدَحٍ مِن لَبَنٍ، وهو واقِفٌ على بَعِيرِه بعَرَفَاتٍ،
(1) في: باب في فضل صومه، من كتاب الصيام. سنن أبي داود 1/ 570.
(2)
أي قبيلة أسلم. انظر معجم قبائل العرب 1/ 25، 26.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فشَرِبَه النبىُّ صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عليه (1). وقال ابنُ عُمَرَ: حَجَجْتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم فلم يَصُمْه - يَعْنى يومَ عَرَفَةَ - ومع أبي بكرٍ فلم يَصُمْه، ومع عُمَرَ فلم يَصُمْه، ومع عثمانَ فلم يَصُمْه، وأنا لا أصُومُه، ولا آمُرُ به، ولا أنْهَى عنه (2). قال التِّرْمِذِىُّ: حديثٌ حسنٌ. وعن أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن صِيامِ يَوْمِ عَرَفَةَ بعَرَفَةَ. رَواه أبو داودَ (3). لأنَّ الصومَ يُضْعِفُه، ويَمْنَعُه مِن الدُّعاءِ في هذا اليومِ المُعَظَّمِ، الذي يُسْتَجابُ فيه الدُّعاءُ،
(1) أخرجه البخاري، في: باب الوقوف على الدابة بعرفة، من كتاب الحج. وفي: باب صوم يوم عرفة، من كتاب الصوم. وفي: باب الشرب في الأقداح، من كتاب الأشربة. صحيح البخاري 2/ 198، 3/ 55، 7/ 147. ومسلم، في: باب. استحباب الفطر للحاج يوم عرفة، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 791.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في صوم يوم عرفة بعرفة، من كتاب الصيام. سنن أبي داود 1/ 569. والإمام مالك، في: باب صيام يوم عرفة، من كتاب الصيام. الموطأ 1/ 375.
(2)
أخرجه الترمذى، في: باب كراهية صوم يوم عرفة بعرفة، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 283.
كما أخرجه الدارمى، في: باب في صيام يوم عرفة، من كتاب الصوم. سنن الدارمى 2/ 23. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 73.
(3)
في: باب في صوم يوم عرفة بعرفة، من كتاب الصيام. سنن أبي داود 1/ 568.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب صيام يوم عرفة، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 551. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 304، 446.