الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأفْضلُ الْمُخْرَجِ التَّمْرُ، ثُمَّ مَا هُوَ أنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ بَعْدَهُ،
ــ
966 - مسألة: (وأفْضَلُ المُخْرَجِ التَّمْرُ، ثُمَّ ما هو أنْفَعُ للْفُقَراءِ بعدَه)
وهذا قَوْلُ مالكٍ. قال ابنُ المُنْذِرِ: واسْتَحَبَّ مالكٌ إخْراجَ العَجْوَةِ منه. واخْتارَ الشافعىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، إخْراجَ البُرِّ. وقال بعضُ أصحابِ الشافعىِّ: يَحْتَمِلُ أنَّ الشافعىَّ قال ذلك؛ لأنَّ البُرَّ كان أغْلَى في زَمنِه؛ لأنَّ المُسْتَحَبَّ أن يُخْرِجَ أغْلاها ثَمَنًا وأنْفَسَها؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل عن أفْضَلِ الرِّقابِ، فقال:«أغْلَاهَا ثَمَنًا، وأنْفَسُهَا عِنْدَ أهْلِهَا» (1). وإنَّما اخْتارَ أحمدُ إخْراجَ التَّمْرِ اقْتِداءً بأصحابِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وروَى بإسْنادِه، عن أبى مِجْلَزٍ، قال: قُلتُ لابنِ عُمَرَ: إنَّ اللَّه قد أوْسَعَ، والبُرُّ أفْضَلُ مِن التَّمْرِ. قال: إنَّ أصحابِى سَلَكُوا طَرِيقًا، وأُحِبُّ أن أسْلُكَه.
(1) أخرجه البخارى، في: باب أى الرقاب أفضل، من كتاب العتق. صحيح البخارى 3/ 188. ومسلم، في: باب بيان كون الإيمان باللَّه تعالى أفضل الأعمال، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 89. وابن ماجه، في: باب العتق، من كتاب العتق. سنن ابن ماجه 2/ 843. والإمام مالك، في: باب فضل عتق الرقاب وعتق الزانية وابن الزنا، من كتاب العتق. الموطأ 2/ 779، 780. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 388، 5/ 150، 171، 265.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وظاهِرُ هذا أنَّ جَماعَةَ الصَّحابَةِ كانوا يُخْرِجُون التَّمْرَ، فأحَبَّ ابنُ عُمَرَ مَوافَقَتَهُم، وسُلُوكَ طَرِيقِهم، وأحَبَّ أحمدُ أَيضًا الاقْتِداءَ بهم واتِّباعَهم. وروَى البخارىُّ (1)، عن ابنِ عُمَرَ، قال: فَرَض رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الفِطْرِ، صاعًا مِن تَمْرٍ، أو صاعًا مِن شَعِيرٍ، فعَدَلَ النّاسُ به نِصْفَ صاعٍ مِن بُرٍّ. فكان ابنُ عُمَرَ يُخْرِجُ التَّمْرَ، فأعْوَزَ أهْلُ المَدِينَةِ مِن التَّمْرِ، فأعْطَى شَعِيرًا. ولأنَّ التَّمْرَ فيه قُوتٌ وحَلاوَةٌ، وهو أقْرَبُ تَناوُلًا، وأقَلُّ كُلْفَةً، فكان أوْلَى. والأفْضَلُ بعدَ التَّمْرِ البُرُّ. وقال بعضُ أصحابنا: الزَّبِيبُ؛ لأنَّه أقْرَبُ تَناوُلًا وأقَلُّ كُلْفَةً، أشْبَهَ التَّمْرَ. ولَنا، أنَّ البُرَّ أَنْفَعُ في الاقْتِياتِ، وأْبلَغُ في دَفْعِ حاجَةِ الفَقِيرِ. ولذلك قال أبو مِجْلَزٍ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 79. وهذه الرواية عند البخارى، في: باب صدقة الفطر على الحُر والمملوك، من كتاب الزكاة. صحيح البخارى 2/ 162.