الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَرْجَاهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ،
ــ
تَوَاطَأَتْ عَلَى أنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَواخِرِ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فِي الوِتْرِ مِنْهَا». مُتَّفَقٌ عليه (1). وقالت عائِشَةُ: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجاوِرُ في الْعَشْرِ الأَواخِرِ مِن رمضانَ (2). وفي لَفْظٍ للبُخارِىِّ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ، فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» (3). والأَحادِيثُ في ذلك كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ.
1105 - مسألة: (وأرْجاها لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِين)
اخْتَلَفَ أهلُ العِلْمِ في أرْجَى هذه اللَّيالِى، فقالَ أُبَىُّ بنُ كَعْبٍ، وعبدُ اللهِ ابنُ عباسٍ: هى لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِين. قال زِرُّ بنُ حُبَيْشٍ: قُلْتُ لأُبَىِّ ابنِ كَعْبٍ: أما عَلِمْتَ أبا المُنْذِرِ، أَنَّها لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِينَ؟ قال: أخْبَرَنَا
(1) أخرجه البخاري، في: باب التواطؤ على الرؤيا، من كتاب التعبير. صحيح البخاري 9/ 40. ومسلم، في: باب فضل ليلة القدر. . . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 823. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 8.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب تحرى ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، من كتاب ليلة القدر. صحيح البخاري 3/ 61. والترمذى، في: باب ما جاء في ليلة القدر، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 4/ 6.
(3)
أخرجه البخاري، في الباب السابق. صحيح البخاري 3/ 60. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 6/ 73.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّها لَيْلَةٌ صَبِيحَتَها تَطْلُعُ الشمسُ ليس لها شُعاعٌ. فعَدَدْنا، وحَفِظْنا، واللهِ لقد عَلِم ابنُ مسعودٍ أنَّها في رمضانَ، وأنَّها لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِين، ولَكنَّه كَرِهَ أن يُخْبِرَكُم، فَتَتَّكِلُوا. قال التِّرْمِذِىُّ (1): هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وروَى أبو ذَرٍّ في حَدِيثٍ أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَقُمْ بهم في رمضانَ حتىِ بَقِىَ سَبْعٌ، فقامَ بهم حتى مَضَى نَحْوٌ مِن ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثمَّ قام بهم في لَيْلَةِ خَمْسٍ وعِشْرِينَ حتى مَضَى نحوٌ مِن شَطْرِ اللَّيْلِ، حتى كانت لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِينَ، فجَمَعَ نِساءَه وأَهْلَه، واجْتَمَعَ الناسُ، قال: فقامَ بهم حتى خَشِينَا أن يَفُوتَنا الفَلاحُ. يَعْنِي السَّحُورَ. مُتَّفَقٌ عليه (2).
(1) في: باب ما جاء في ليلة القدر، من أبواب الصوم. وفي: باب من سورة القدر، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 4/ 9، 12/ 254.
كما أخرجه مسلم، في: باب فضل ليلة القدر. . . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 828، وأبو داود، في: باب في ليلة القدر، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 318. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 130 - 132.
(2)
تقدم تخريجه في 4/ 163. ولم نجده عند البخاري ولا مسلم. انظر تحفة الأشراف 9/ 157.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحُكِىَ عن ابنِ عباسٍ، أنَّه قال: سُورَةُ القَدْرِ ثَلاثُون كَلِمَةً، السّابِعَةُ والعِشْرُون منها {هِيَ} (1). وروَى أبو دَاوُدَ (2) بإسْنادِه، عن مُعاوِيَةَ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، في لَيْلَةِ القَدْرِ، قال:«لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ» . وقِيلَ: آكَدُها لَيْلَةُ ثَلاثٍ وعِشْرِين؛ لأنَّه رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ عبدَ اللهِ بنَ أُنَيْسٍ سَأَلَه، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أكُونُ ببادِيَةٍ يُقالُ لها الوَطَاةُ (3)، وإنِّى بحَمْدِ اللهِ أُصَلِّى بهم، فمُرْنِي بلَيْلَةٍ مِن هذا الشَّهْرِ أنْزِلُها في المَسْجِدِ، فأُصَلِّيها فيه. فقال:«انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَصَلِّهَا فِيهِ، وإنْ أحْبَبْتَ أنْ تَسْتَتِمَّ آخِرَ هذا الشَّهْرِ فَافْعَلْ، وَإنْ أَحْبَبْتَ فَكُفَّ» . فكانَ إذا صَلَّى العَصْرَ دَخَل المَسْجِدَ، فلم يَخْرُجْ إلَّا في حاجَةٍ، حتى يُصَلِّىَ الصُّبْحَ،
(1) أشار ابن حجر إلى هذا بقوله: «وزعم ابن قدامة أن ابن عباس استنبط ذلك من عدد كلمات السورة، وقد وافق قوله فيها هى سابع كلمة بعد العشرين، وهذا نقله ابن حزم عن بعض المالكية، وبالغ في إنكاره. نقله ابن عطية في تفسيره، وقال: إنه من ملح التفسير وليس من متين العلم» في كلام كثير. انظره في: فتح البارى 4/ 265.
(2)
في: باب من قال: سبع وعشرون، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 320.
(3)
في عون المعبود 1/ 523 أنه يقال لها: الوطاءة. ولم يحدد موضعها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإذا صَلَّى الصُّبْحَ كانت دابَّتُه ببابِ المَسْجدِ. رَواه أبو داودَ مُخْتَصَرًا (1). وقِيلَ: آكَدُها لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وعِشْرِين؛ لأَنَّه رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِن السَّبْعِ الأوَاخِرِ» (2). ورُوِىَ عن بعضِ الصحابَةِ أنَّه قال: لم نَكُنْ نَعُدُّ عَدَدَكُم هذا، وإنَّما نَعُدُّ مِن آخِرِ الشَّهْرِ. يَعْنِي أنَّ السابِعَةَ والعِشْرِينَ هى أوَّلُ لَيْلَةٍ مِن السَّبْعِ الأواخِرِ. وقيل: آكَدُها لَيْلَةُ إحْدَى وعِشْرِين؛ لِما روَى أبو سَعِيدٍ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثمَّ أُنْسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فِي الْوِتْرِ، وَإنِّى رَأَيْتُ أنِّى أَسْجُدُ فِي صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ» . قال:
(1) في: باب في ليلة القدر، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 318.
كما أخرجه البيهقى، في: باب الترغيب في طلبها ليلة ثلاث وعشرين، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 309، 310.
(2)
أخرج البيهقى معناه، في: باب الترغيب في طلبها ليلة ثلاث وعشرين، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 310.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فجاءَتْ سَحَابَةٌ، فمَطَرَتْ حتى سال سَقْفُ المَسْجِدِ، وكان مِن جَرِيدِ النَّخْلِ، فأُقِيمَتِ الصلاةُ، فرَأَيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ في الماءِ والطِّينِ، حتى رَأَيْتُ أثَرَ الماءِ والطِّينِ في جَبْهَتِه. وفي حَدِيثٍ:«فِي صَبِيحَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). قال التِّرْمِذِىُّ (2): قد رُوِىَ أنَّها لَيْلَةُ إِحْدَى وعِشْرِينَ، وليلةُ ثَلاثٍ وعِشْرِينَ، وليلةُ خَمْسٍ وعِشْرِين، ولَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِين، وليلةُ تِسْعٍ وعِشْرِين، وآخِرُ ليلةٍ. وقال أبو قِلابَةَ: إنَّها تَنْتَقِلُ في لَيالِى العَشْرِ. قال الشافعىُّ: كان هذا عِنْدِى، واللهُ أعْلَمُ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُجِيبُ على نَحْوِ ما يُسْأَلُ. فعلى هذا كانَتْ في السَّنَةِ التي رَأَى أبو سعيدٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ في الماءِ والطِّينِ ليلةَ إحْدَى وعِشْرِين، وفي السَّنَةِ التي أمَر عبدَ اللهِ بنَ أُنَيْسٍ ليلةَ ثَلاثٍ وعِشْرِين، وفي السَّنَةِ التي رَأَى
(1) أخرجه البخاري، في: باب الاعتكاف في العشر الأواخر. . . .، وباب الاعتكاف وخرج النبي صلى الله عليه وسلم صبيحة عشرين، وباب من خرج من اعتكافه عند الصبح، من كتاب الاعتكاف. وفي: باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر، وباب تحرى ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر فيه، من كتاب ليلة القدر. صحيح البخاري 3/ 59، 60، 62، 64 - 66. ومسلم، في: باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 824، 825.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في من قال: ليلة إحدى وعشرين، من باب تفريع أبواب شهر رمضان، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 319. والنسائي، في: باب ترك مسح الجبهة بعد التسليم، من كتاب السهو 3/ 67. والإمام مالك، في: باب ما جاء في ليلة القدر، من كتاب الاعتكاف. الموطأ 1/ 319. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 7، 24، 60.
(2)
في: باب ما جاء في ليلة القدر، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 4/ 7، 8. وفيه كلام أبي قلابة والشافعى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أُبَىُّ بنُ كَعْبٍ عَلامَتَها، ليلةَ سَبْعٍ وعِشْرِين، وقد تُرى عَلامَتُها في غيرِ هذه اللَّيالِى. قال بعضُ أهْلِ العِلْمِ: أبْهَمَ اللهُ هَذه الليلةَ على الأُمَّةِ؛ ليَجْتَهِدُوا في طَلَبِها، ويَجِدُّوا في العِبادَةِ في الشَّهْرِ كُلِّه، طَمَعًا في إدْراكِها، كما أَخْفَى ساعَةَ الإِجابَةِ في يَوْمِ الجُمُعَةِ؛ ليُكْثِرُوا مِن الدُّعاءِ في اليَوْمِ كُلِّه، وأخْفَى اسْمَه الأعْظَمَ في الأسْماءِ، ورِضاه في الطّاعاتِ؛ ليَجْتَهِدُوا في جَمِيعِها، وأخْفَى الأَجَلَ وقِيامَ السّاعَةِ، ليَجِدَّ الناسُ في العَمَلِ، حَذَرًا منها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والمَشْهُورُ مِن عَلامَتِها ما ذَكَرَه أُبَىُّ بنُ كعبٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِن صَبِيحَتِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لها. وفي بَعْضِ الأحادِيثِ:«بَيْضَاءَ مِثْلَ الطَّسْتِ» (1). ورُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّها لَيْلَةٌ بَلْجَةٌ (2) سَمْحَةٌ، لا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تَطْلُعُ الشَّمْسُ مِنْ صَبِيحَتِهَا لَا شُعَاعَ لَهَا (3).
(1) انظر تخريج حديث أبي بن كعب المتقدم في صفحة 554.
(2)
بلجة: أى مشرقة.
(3)
أخرجه الطبرانى، في: المعجم الكبير 22/ 59. وذكره الهيثمى وقال: وفيه بشر بن عون عن بكار بن تميم، وكلاهما ضعيف. مجمع الزوائد 3/ 178، 179. وأخرجه ابن أبى شيبة موقوفا عن الحسن البصري. المصنف 3/ 77.