الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَحَبُّ التَّتَابُعُ فِى قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَلَا يَجِبُ.
ــ
عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا، [كَانَ لَهُ] (1) مِثْلُ أجْرِه، مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أجْرِ الصَّائِمِ شىْءٌ» . قال التِّرْمِذِىُّ (2): حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
1088 - مسألة: (يُسْتَحَبُّ التَّتابُعُ في قَضاءِ رمضانَ، ولا يَجبُ)
لا نَعْلَمُ خِلافًا في اسْتِحْبابِ التَّتابُع في قَضاءِ رمضانَ، لأنَّه أشْبَهُ بالَأداءِ، وفيه خُرُوجٌ مِن الخِلافِ، ولا يَجِبُ. هذا قولُ ابنِ عباسٍ، وأنَسِ ابنِ مالكٍ، وأبى هُرَيْرَةَ، وأبى قِلابَةَ، ومُجاهِدٍ، وأهلِ المدينةِ،
(1) في م: «فله» .
(2)
في: باب ما جاء في فضل من فطر صائما، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 4/ 20.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب في ثواب من فطر صائما، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 555. والدارمى، في: باب الفضل لمن فطر صائما، من كتاب الصوم. سنن الدارمى 2/ 7. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 114 - 116، 5/ 192.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومالكٍ، وأبى حنيفةَ، والثَّوْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ، وغيرِهم (1). وحُكِىَ وُجُوبُ التَّتابُعِ عن علىٍّ، وابنِ عُمَرَ، والنَّخَعِىِّ، والشَّعْبِىِّ. وقال داودُ: يَجِبُ، ولا يُشْتَرَطُ؛ لِما روَى ابنُ المُنْذِرِ بإسْنادِه، عن أبى هُرَيْرَةَ، أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ رَمَضَانَ، فَلْيَسْرُدْهُ، وَلَا يَقْطَعْهُ» (2). ولَنا، قَوْلُه (3) تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (4). غيرُ مُقَيَّدٍ بالتَّتابُعِ. فإن قِيلَ: فقد رُوِىَ عن عائشةَ، أنَّها قالت: نَزَلَتْ: (فَعِدَّةٌ منْ أيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ). فسَقَطَت «مُتَتَابِعاتٍ» (5). قُلْنا: هذا لم تَثْبُتْ عندَنا صِحَّتُه، ولو صَحَّ فقد سَقَطَتِ اللَّفْظَةُ المُحْتَجُّ بها. وأيضًا قولُ الصحابةِ، قال ابنُ عُمَرَ: إن سافَرَ؛ إن شاء فَرَّقَ، وإن شاء تابَعَ. ورُوِىَ مَرْفُوعًا (6). وقال أبو عُبَيْدَةَ (7)، في
(1) في م: «وغيرهما» .
(2)
أخرجه الدارقطنى، في: باب القبلة للصائم. من كتاب الصيام. سنن الدارقطنى 2/ 191، 192. والبيهقى، في: باب قضاء شهر رمضان. . . .، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 259.
(3)
في م: «لقوله» .
(4)
سورة البقرة 185.
(5)
أخرجه الدارقطنى، في: باب القبلة للصائم، من كتاب الصيام. سنن الدارقطنى 2/ 192. والبيهقى، في: باب قضاء شهر رمضان، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 258. وانظر تفسير القرطبى 2/ 281.
(6)
أخرجه الدارقطنى، في: الباب السابق. سنن الدارقطنى 2/ 193.
(7)
أى: ابن الجراح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَضاءِ رمضانَ: اللهُ لم يُرَخِّصْ لكم في فِطْرِه، وهو يُرِيدُ أن يَشُقَّ عليكم في قَضائِه (1). وعن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ، أنَّه قال: بَلَغَنِى أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِل عن تَقْطِيعِ قَضاءِ رمضانَ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ كَانَ عَلَى أحَدِكُمْ دَيْنٌ فقَضَاهُ مِنَ الدِّرْهَمِ و (2) الدِّرْهَمَيْن، حَتَّى يَقْضِىَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، هَلْ كَانَ ذَلِكَ قَاضِيًا دَيْنَهُ؟» قالُوا: نعم يا رسولَ اللهِ. قال: «فاللهُ أحَقُّ بِالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ مِنْكُمْ» . رَواه الأثْرَمُ (3). ولأنَّه صومٌ لا يَتَعَلَّقُ بزَمانٍ بعَيْنِه، فلم يَجِبْ فيه التَّتابُعُ، كالنَّذْرِ المُطْلَقِ، وخَبَرُهم لم تَثْبُتْ صِحَّتُه، ولم يَذْكُرْه أَصحابُ السُّنَنِ، ولو صَحَّ حَمَلْناه على الاسْتِحْبابِ؛ جَمْعًا بَيْنَه وبينَ ما ذَكَرْناه. واللهُ أعلمُ.
(1) أخرجه البيهقى، في: باب قضاء شهر رمضان. . . . إلخ، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 258.
(2)
في م: «أو» .
(3)
أخرجه الدارقطنى في: باب القبلة للصائم، من كتاب الصيام. سنن الدارقطنى 2/ 194. والبيهقى، في: باب قضاء شهر رمضان. . . . إلخ، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 259.
فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ.
ــ
فصل: قال، رحمه الله:(ولا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضاءِ رمضانَ إلى رمضانَ آخَرَ مِن غيرِ عُذْرٍ) وجُمْلَتُه أنَّ مَن عليه صومٌ مِن رمضانَ، فله تَأْخِيرُه ما لم يَدْخُلْ رمضانُ آخَرُ؛ لِما رَوَتْ عائشةُ، قالت: كان يكونُ علىَّ الصيامُ مِن شهرِ رمضانَ، فما أقْضِيه حتى يَجِئَ شعبانُ. مُتَّفَقٌ عليه (1). ولا يجوزُ تَأْخِيرُه إلى رمضانَ آخَرَ مِن غيرِ عُذْرٍ؛ لأنَّ عائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها،
(1) أخرجه البخارى، في: باب متى يقضى قضاء رمضان، من كتاب الصوم. صحيح البخارى 3/ 45. ومسلم، في: باب قضاء رمضان في شعبان، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 802، 803.
كما أخرجه أبو داود، في: باب تأخير قضاء رمضان، من كتاب الصوم. سنن أبى داود 1/ 559. والنسائى، في: باب وضع الصيام عن الحائض، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 162. وابن ماجه، في: باب ما جاء في قضاء رمضان، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 533. والإمام مالك، في: باب جامع قضاء الصيام، من كتاب الصيام. الموطأ 1/ 308.
كما أخرجه بنحوه الترمذى، في: باب ما جاء في تأخير قضاء رمضان، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 310. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 124، 131، 179.