الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّادِسُ، الْغَارِمُونَ؛ وَهُمُ الْمَدِينُونَ، وَهُمْ ضَرْبَانِ؛ ضَرْبٌ غَرِمَ لإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَضَرْبٌ غَرِمَ لإِصْلَاحِ نَفْسِهِ في مُبَاحٍ.
ــ
1000 - مسألة: (السَّادِسُ، الْغَارِمُونَ؛ وَهُمُ الْمَدِينُونَ، وَهُمْ ضَرْبَانِ؛ ضَرْبٌ غَرِمَ لإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَضَرْبٌ غَرِمَ لإِصْلَاحِ نَفْسِهِ في مُبَاحٍ)
الغارِمُون ضَرْبان؛ أحَدُهما، الغارِمُون لإِصْلاحِ نُفُوسِهم، ولا خِلافَ في اسْتِحْقاقِهم وثُبُوتِ سَهْمِهم في الزَّكاةِ، وأنَّ المَدِينين العاجِزِين عن وَفاءِ دُيُونِهم منهم. لكن مَن غَرِم في مَعْصِيَةٍ، مثلَ أن يَشْتَرِىَ خَمْرًا، أو يَصْرِفَه في زِنًا، أو قِمارٍ، أو غِناءٍ، أو نحوِه، لم يُدْفَعْ إليه قبلَ التَّوْبَةِ شئٌ؛ لأنَّه إعانَةٌ له على المَعْصِيةِ، وسَنَذْكُرُ ذلك. ولا يُدْفَعُ إلى غارِمٍ كافِرٍ؛ لأنَّه ليس مِن أهْلِ الزَّكاةِ، ولذلك لم يُدْفَعْ إلى فقيرِهم ومُكاتَبهم. وإن كان مِن ذَوِى القُرْبَى، فقال أصحابُنا: يَجُوزُ الدَّفْعُ إليه؛ لأنَّ عِلَّةَ مَنْعِه مِن الأخْذِ منها لفَقْرِه صِيانَتُه عن أكْلِها، لكَوْنِها أوْساخَ النّاسِ، وإذا أخَذَها للغُرْمِ صَرَفَها إلى الغُرَماءِ، فلا يَنَالُه دَناءَةُ وَسَخِها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال شيخُنا (1): ويَحْتَمِلُ أن لا يجوزَ؛ لعُمُومِ النُّصُوصِ في مَنْعِهم مِن أخْذِها، وكَوْنِها لا تَحِلُّ لهم، ولأنَّ دَناءةَ أخْذِها تَحْصُلُ، سواءٌ أكَلَها أو لم يَأكُلْها. ولا يُدْفَعُ إلى غارِمٍ له ما يَقْضِى به دَيْنَه؛ لأنَّ الدَّفْعَ إليه لحاجَتِه، وهو مُسْتَغْنٍ عنها.
الضَّرْبُ الثَّانِى، مَن غَرِم لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، وهو أن يَقَعَ بينَ الحَيَّيْن أو أهلِ القَرْيَتَيْن عَداوةٌ وضَغائِنُ، يَتْلَفُ بها نَفْسٌ أو مالٌ، ويَتَوَقَّفُ صُلْحُهم [على مَن](2) يَتَحَمَّلُ ذلك، فيَسْعَى إنْسَانٌ في الإِصْلاحِ بينَهم، ويَتَحَمَّلُ الدِّماءَ التى بينَهم والأمْوالَ، فيُسَمَّى ذلك حَمالَةً، بفَتحِ الحاءِ، وكانتِ العربُ تَعرِفُ ذلك، فكان الرجلُ منهم يَتَحَمَّلُ الحَمالةَ، ثم يَخْرُجُ في القَبائِلِ فيَسْألُ حتَّى يُؤَدِّيَها، فوَرَدَ الشرعُ بإباحَةِ المَسْألَةُ فيها، وجَعَل لهم نَصِيبًا مِن الصَّدَقَةِ، فرَوَى مسلمٌ (3) بإسْنادِه، عن قَبِيصَةَ بنِ المُخارِقِ، قال: تَحَمَّلْتُ حَمالةً، فأتَيْتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سَألْتُه فيها، فقال:
(1) في: المغنى 9/ 323.
(2)
في م: «عمن» .
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 219.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«أقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا» . ثم قال: «يَا قَبِيصَةُ، إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِثَلَاثَةٍ؛ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالةً، فَيَسْألُ فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٍ أصَابَتْهُ جَاثِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، أوْ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٍ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِى الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ، لَقَدْ أصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَ سِدَادًا مِن عَيْشٍ، أوْ قِوَامًا مِن عَيْشٍ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ سُحْبٌ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا يَوْمَ القِيَامَةِ» . ورَوَى أبو سعيدٍ الخُدْرِىُّ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِىٍّ، إلَّا لخَمْسَةٍ» (1). ذَكَر منهم الغارِمَ.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 225.