الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ عَنِ الْحَوْلِ إِذَا كَمَلَ النِّصَابُ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ.
ــ
لتَمْيِيزِها مِن غَنَمِ الجِزْية والضَّوالِّ، ولِتُرَدَّ إلى مَواضِعِها إذا شَرَدَتْ. ويَسِمُ الإِبِلَ والبَقَرَ في أفْخاذِها؛ لأنَّه مَوْضِعٌ صُلْبٌ يَقِلُّ ألَمُ الوَسْمِ فيه، وهو قَلِيل الشَّعَرِ فتَظْهَرُ السِّمَةُ، ويَسِمُ الغَنَمَ في آذانِها؛ لأنَّه مكانٌ تَظْهَرُ فيه السِّمَةُ لا تَضَرَّرُ به الغَنَمُ.
فصل: قال: (ويَجُوزُ تَعْجِيلُ الزكاةِ عن الحَوْلِ إذا كَمَلَ النِّصابُ، ولا يَجُوزُ قبلَ ذلك) وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه متى وُجِد سَبَبُ وُجُوبِ الزكاةِ، وهو النِّصابُ الكامِلُ، جاز تَقدِيمُ الزكاةِ. وبهذا قال الحسنُ، وسَعِيدُ ابنُ جُبَيْر، والزُّهْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ، وأبو حنيفةَ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ. وحُكِىَ عن الحسنِ، أنَّه لا يَجُوزُ. وبه قال رَبِيعَةُ، ومالكٌ،
= كتاب اللباس. سنن ابن ماجه 2/ 1180. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 106، 171، 254، 259، 4/ 171.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وداودُ؛ لأنَّه رُوِى عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا تُؤَدَّى زَكَاةٌ قَبْلَ حُلُولَ الْحَوْلِ» (1). ولأنَّ الحَوْلَ أحَدُ شَرْطَىِ الزكاةِ، فلم يَجُزْ تَقْدِيمُ الزكاةِ عليه، كالنِّصابِ، ولأنَّ للزكاةِ وقْتًا، فلم يَجُزْ تَقْدِيمُها عليه، كالصَّلاةِ. ولَنا، ما روَى علىٌّ، أنَّ العباسَ سَألَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في تَعْجِيلِ صَدَقَتِه قبلَ أن تَحِلَّ، فرَخَّصَ له في ذلك. وفى لَفْظٍ (2)، في تَعْجِيلِ الزكاةِ، فرَخَّصَ له في ذلك. رَواه أبو داودَ (3). وقال يَعْقُوبُ بنُ شَيْبَةَ: هو أثْبَتُها إسْنادًا. وروَى التِّرْمذِىُّ (4)، عن علىٍّ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لعُمَرَ:
(1) انظر حديث عائشة وابن عمر، وتقدم تخريجهما في صفحة 6/ 327، 354.
(2)
هذا اللفظ عند الدارقطنى.
(3)
في: باب في تعجيل الزكاة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 376 كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في تعجيل الزكاة، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 190. وابن ماجه، في: باب تعجيل الزكاة قبل محلها، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 572. والدارمى، في: باب في تعجيل الزكاة، من كتاب الركاة. سنن الدارمى 1/ 385. والدارقطنى، في: باب تعجيل الصدقة قبل الحول، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 123. والبيهقى، في: باب تعجيل الصدقة، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 111. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 104.
(4)
انظر التخريج السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«إنَّا قَدْ أخَذْنَا زَكَاةَ الْعَبَّاس عَامَ أوَّل لِلْعَامِ» . وفى لَفْظٍ قال: «إنَّا كُنَّا تَعَجَّلْنَا صَدَقَةَ الْعَبَّاسِ لِعَامِنَا هَذَا عَامَ أوَّل» (1). رَواه سعيدٌ عن عَطاء، وابنِ أبى مُلَيْكَةَ، والحسنِ بنِ مسلمٍ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا. ولأنَّ تَعْجِيلَ المالِ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِه، فجاز، كتَعْجِيلِ قَضاءِ الدَّيْنِ قبلَ حُلُولِ أجَلِه، وأداءِ كَفّارَةِ اليَمِينِ بعدَ الحَلِفِ وقبلَ الحِنْثِ، وكَفّارَةِ القَتْلِ بعدَ الجَرْحِ قبلَ الزُّهُوقِ، وقد سَلَّمَ مالكٌ تَعْجِيلَ الكَفّارَةِ، وفارَقَ تَقْدِيمَها قبلَ النِّصابِ؛ لأنَّه تَقدِيمٌ لها على سَبَبِها، فأشْبَهَ تَقْدِيمَ الكَفّارَةِ على اليَمِينِ، وكَفّارَةِ القَتْلِ على الجَرْحِ، ولأنَّه قَدَّمَها على الشَّرْطَيْنِ، وههُنا قَدَّمَها على أحَدِهما. وقَوْلُهم: إنَّ للزكاةِ وقْتًا. قُلْنا: الوَقْتُ إذا دَخَل في الشئِ رِفْقًا بالإِنْسانِ، كان له أن يُعَجِّلَه ويَتْرُكَ الإِرْفاقَ بنَفْسِه، كالدَّيْنِ المُؤَجَّلِ، وكمَن أدَّى زكاةَ مالٍ غائِب، وإن لم يكنْ على يَقِينٍ مِن وُجُوبِها، ومِن الجائِزِ أن يكونَ المالُ تالِفًا في ذلك الوَقْتِ، وأمّا الصلاةُ والصيامُ فتَعَبُّد مَحْضٌ، والتَّوْقِيتُ فيها غيرُ مَعْقُولٍ، فيَجِبُ أن يُقْتَصَرَ عليه.
فصل: فأمّا تَعْجِيلُها قبلَ مِلْكِ النِّصابِ، فلا يَجُوزُ بغيرِ خِلافٍ
(1) انظر الدارقطنى والبيهقى في التخرج السابق، والأموال، لأبى عبيد 590.