الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إِلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ فَعَلَ، فَهَلْ تُجْزِئُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن.
ــ
979 - مسألة: (ولا يَجُوز نَقْلُها إلى بَلَدٍ تُقْصَرُ إليه الصلاةُ، فإن فَعَل، فهل تُجْزِئُه؟ على رِوايَتَيْن)
قال أبو داودَ: سَمِعْتُ أحمدَ سُئِل عن الزكاةِ يُبْعَت بها مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ؟ قال: لا. قِيلَ: وإن كان قَرابَتُه بها؟ قال: لا. واسْتَحَبَّ أكْثَرُ أهلِ العلمِ أن لا تُنْقَلَ مِن بَلَدِها ورُوِىَ عن الحسنِ، والنَّخَعِىِّ أنَهما كَرِها نَقْلَ الزكاةِ مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ، إلَّا لذى قرابَةٍ (1). وكان أبو العالِيَةِ يَبْعَثُ بزَكاتِه إلى المَدِينَة. ولَنا، قَوْلُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم لمُعاذٍ:«أخْبِرْهُمْ أنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ فِى فُقَرَائِهِمْ» (2). وهذا يَخْتَصُّ فُقَراءَ بَلَدِهم. وقال سَعِيدٌ: حَدَّثَنا
(1) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب في الصدقة يخرج بها من بلد إلى بلد من كرهه، من كتاب الزكاة. المصنف 3/ 167. وأبو عبيد، في: الأموال 594.
(2)
تقدم تخريجه في 2/ 99، 6/ 291.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سُفْيانُ، عن مَعْمَرٍ، عن ابنِ طاوُسٍ، عن أبيه، قال في كِتابِ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ: مَن أخْرَجَ مِن مِخْلافٍ (1) إلى مِخْلافٍ، فإنَّ صَدَقَتَه وعُشْرَه تُرَدُّ إلى مِخْلافِه. ورُوِىَ عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزِيزِ، أنه رَدَّ زكاةً أُتِى بها مِن خُراسانَ إلى الشّامِ، إلى خُراسانَ (2). ولَمّا بَعَث مُعاذٌ الصَّدَقَةَ مِن اليَمَنِ إلى عُمَرَ، أنْكَرَ ذلك عُمَرُ، وقال: لم أبْعَثْك جابِيًا، ولا آخِذَ جِزْيةٍ، ولكنْ بَعَثْتُك لتَأْخُذَ مِن أغْنِياءِ النّاسِ، فتَرُدَّ في فُقَرائِهم. فقال مُعاذٌ: ما بَعَثْتُ إليك بشئٍ وأنا أجِدُ مَن يأْخُذُه مِنِّى. رَواه أبو عُبَيْدٍ في
(1) المخلاف: المدينة.
(2)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب في الصدقة يخرج بها من بلد إلى بلد من كرهه، من كتاب الزكاة. المصنف 3/ 168. وأبو عبيد، في: الأموال 595.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الأمْوالِ» (1). ورُوِىَ أيضًا عن إبراهيمَ بنِ عَطاءٍ مَوْلَى عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ، أنَّ زِيادًا، أو بعضَ الأُمَراءِ بَعَث عِمْرانَ على الصَّدَقَةِ، فلَمَّا رَجَع قال: أين المالُ؟ قال: أللمالِ بَعَثْتَنِى؟ أخَذْناها مِن حيث كُنّا نأْخُذُها على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ووَضَعْناها حيث كُنّا نَضَعُها على عهدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2). ولأنَّ المَقْصُودَ إغْناءُ الفُقَراءِ بها، فإذا أُبَحْنا نَقْلَها أفْضَى إلى بقاءِ فُقَراءِ أهلِ ذلك البَلَدِ مُحْتاجِين. فإن خالَفَ ونَقَل، ففيه رِوايَتان، إحْداهما، تجْزِئُه. وهو قولُ أكثَرِ أهلِ العلمِ. واخْتارَها أبو الخَطّابِ؛ لأنَّه دَفَع الحَقَّ إلى مُسْتَحِقِّه، فبَرِئَ، كالدَّيْنِ، وكما لو فَرَّقَها في بَلَدِها. والأُخْرَى، لا تُجْزِئُه. اخْتارَها ابنُ حامِدٍ؛ لأنَّه دَفَع الزكاةَ إلى غيرِ مَن أُمِر بدَفْعِها إليه، أشْبَهَ ما لو دَفَعَها إلى غيرِ الأصْنافِ.
(1) الأموال 596.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في الزكاة هل تحمل من بلد الى بلد، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 377. وابن ماجه، في باب ما جاء في عمال الصدقة، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 579
إلَّا أَنْ يَكُونَ فِى بلَدٍ لَا فُقَرَاءَ فِيهِ، فَيُفَرِّقَهَا فِى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ.
ــ
فصل: فإنِ اسْتَغْنَى عنها فُقَراءُ أهلِ بَلَدِها جاز نَقْلُها. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: قد تُحْمَلُ الصَّدَقَةُ إلى الإِمامِ إذا لم يكنْ فُقَراءُ، أو كان فيها فَضْلٌ عن حاجَتِهمِ. وقال أيضًا: لا تُخْرَج صَدَقَةُ قَوْمٍ عنهم مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ، إلَّا أن يكون فيها فَضْلٌ، لكنَّ (1) الذى كان يَجِئُ إلى المَدِينَةِ إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم وأبى بكرٍ وعُمَرَ مِن الصَّدَقَةِ، إنَّما كان عن فَضْلٍ منهم، يُعْطَوْن ما يَكْفِيهم، ويُخْرَجُ الفَضْلُ عنهم. وروَى أبو عُبَيْدٍ في كِتابِ «الأمْوالِ» (2) بإسْنادِه، عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، أن مُعاذًا لم يَزَلْ بالجَنَدِ (3)، إذ بَعَثَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتى ماتَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم، ثم قَدِم على عُمَرَ، فرَدَّه على ما كان عليه، فبَعَثَ إليه مُعاذٌ بثُلُثِ صَدَقَةِ الناسِ، فأنْكَرَ ذلك عُمَرُ، وقال:
(1) كذا في النسخ، ولعل الصواب:«لأن» . وانظر المغنى 4/ 133.
(2)
الأموال: 596.
(3)
الجند: مدينة كبيرة باليمن تتبعها مخاليف، وبين الجند وصنعاء ثمانية وخمسون فرسخا. معجم البلدان 2/ 127.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم أبْعَثْك جابِيًا، ولا آخِذَ جِزْيَةٍ، لكنْ بَعَثْتُك لتَأْخُذَ مِن أغْنِياءِ الناسِ، فتَرُدَّها على فُقَرائِهم. فقال مُعاذٌ: ما بَعَثْتُ إليك بشئٍ وأنا أجِدُ مَن يَأْخُذُه مِنِّى. فلمّا كان العامُ الثانى، بَعَث إليه بشَطْرِ الصَّدَقَةِ، فتَراجَعا بمثلِ ذلك، فلمّا كان العامُ الثالِثُ بَعَث إليه بها كلِّها، فرَاجَعَه عُمَرُ بمثلِ ما راجَعَه، فقال مُعاذٌ: ما وَجَدْتُ أحَدًا يَأخُذُ مِنِّى شَيئًا. وكذلك إذا كان ببادِيَةٍ، ولم يَجِدْ مَن يَدْفَعُها إليه، فَرَّقَها على فُقَراءِ أقْرَبِ البِلادِ إليه.
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يُفَرِّقَ الصَّدَقَةَ في بَلَدِها، ثم الأقْرَبِ فالأقْرَبِ مِن القُرَى والبُلْدانِ. قال أحمدُ، في رِوايَة صالِحٍ: لا بَأْسَ أن يُعْطِىَ زَكاتَه في القُرَى التى حَوْلَه ما لم تُقْصَرِ الصلاةُ في إتْيانِها، ويَبْدَأُ بالأقْرَبِ فالأقْرَبِ. فإن نَقَلَها إلى البَعِيدِ لتَحَرِّى قَرابَةٍ، أو مَن كان أشَدَّ حاجَةً فلا بَأْسَ، ما لم يُجاوِزْ مَسافَةَ القَصْرِ.