الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الصِّيَامِ
ــ
كتابُ الصِّيَامِ
الصِّيامُ في اللُّغَةِ عِبارَةٌ عن الإِمْساكِ، يُقالُ: صام النَّهارُ. إذا وَقَف سَيْرُ الشَّمْسِ. وقال سبحانه وتعالى حِكايةً عن مَرْيَمَ: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} (1). أى: إمْساكًا عن الكَلامِ، وقال الشاعرُ (2): خَيْلٌ صِيَامٌ وخيلٌ غيرُ صَائِمَةٍ تَحْتَ العَجَاجِ وأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا يَعْنِى بالصَّائِمَةِ: المُمْسِكَةَ عن الصَّهِيلِ. وهو في الشَّرعِ: عِبارَةٌ عن الإِمْساكِ عن أشْياءَ مَخْصُوصَةٍ، في وَقْتٍ مَخْصُوصٍ يَأْتِى بَيانُه إن شاء اللَّهُ. وصومُ رمضانَ واجِبٌ، الأصْلُ في وُجُوبِه الكِتابُ، والسُّنَّةُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والإِجْماعُ، أمّا الكِتابُ فقَوْلُ اللَّهِ تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} . إلى قَوْلِه: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (1). وأمّا السُّنَّةُ، فقَوْلُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«بُنِىَ الْإسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» . ذَكَرَ منها صَومَ رمضانَ. وعن طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أنَّ أعْرابِيًّا جاء إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثائِرَ الرَّأْسِ، فقالَ: يا رسولَ اللَّه (2)، أخْبِرْنِى ماذا فَرَض اللَّهُ عَلَىَّ مِن الصِّيامِ؟ فقالَ:«شَهْرَ رَمَضَانَ» . فقالَ: هل عَلَىَّ غيرُه؛ قال: «لَا، إلَّا أنْ تَتَطَوَّعَ شَيْئًا» . قال: فأخْبِرْنِى ماذا فَرَضَ اللَّهُ (2) عَلَىَّ مِن الزَّكاةِ؟ فأخبَرَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بشَرائِعِ الإِسْلامِ. فقالَ: والذى أَكْرَمَكَ لا أتَطَوَّعُ شَيْئًا، ولا أَنْقُصُ مِمّا فَرَض اللَّه عَلَىَّ شَيْئًا. فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أفلَحَ إنْ صَدَقَ» . أو: «دَخَلَ الْجَنَّةَ إنْ صَدَقَ» . مُتَّفَقٌ عليهما (3). وأجْمَعَ المسلمون على وُجُوبِ صومِ شَهْرِ رمضانَ.
فصل: رُوِى عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا جَاءَ رمضانُ فُتِحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ» . مُتَّفَقٌ عليه (4). ورُوِىَ عن أبى هُرَيْرَةَ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه
(1) سورة البقرة 183 - 185.
(2)
سقط من: م.
(3)
الأول تقدم تخريجه في 3/ 6، والثانى تقدم تخريجه في 3/ 126.
(4)
أخرجه البخارى، في: باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان، من كتاب الصوم، وفى: باب صفة إبليس وجنوده، من كتاب بدء الحلق. صحيح البخارى 3/ 32، 4/ 150. ومسلم، في: باب فضل شهر رمضان، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 758.
كما أخرجه النسائى، في: باب فضل شهر رمضان، وفى: باب ذكر الاختلاف على الزهرى فيه، من كتاب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال: «لَا تَقُولُوا جَاءَ رَمَضَانُ، فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أسْمَاء اللَّهِ تَعَالَى» (1). فيَتَعَيَّنُ حَمْلُ هذا على أنَّه لا يُقالُ ذلك غيرَ مُقْتَرِنٍ بما يَدُلُّ على إرادَةِ الشَّهْرِ، لئَلَّا يُخالِفَ الأحادِيثَ الصَّحيحةَ. والمُسْتَحَبُّ مع ذلك أن يَقولَ: شَهْرُ رمضانَ، كما قال اللَّهُ تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (2). واخْتُلِفَ في المَعْنَى الذى سُمِّىَ لأجْلِه رمضانَ، فروَى أنَسٌ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«إنَّمَا سُمِّىَ رمضانَ؛ لأنَّه يَحْرِقُ الذُّنُوبَ» (3). فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ أنَّه شُرِع صَوْمُه دونَ غيرِه، ليُوافِقَ اسْمُه مَعْناه. وقِيلَ: هو اسْمٌ مَوْضُوعٌ لغَيْرِ مَعْنًى، كسائِرِ الشُّهُورِ. وقِيلَ غيرُ ذلك.
فصل: والصومُ المَشْروعُ هو الإِمْساكُ عن المُفْطِراتِ، مِن طُلُوعِ الفَجْرِ الثّانِى إلى غُرُوبِ الشَّمْسِ. رُوِى مَعْنَى ذلك عن عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، وبه قال عَطاءٌ، وعَوامُّ أهْلِ العِلْمِ. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّه لمّا صَلَّى الفَجْرَ قال: الآنَ حينَ يَتَبَيَّنُ الخَيْطُ
= الصيام. المجتبى 4/ 101 - 103. والدارمى، في: باب في فضل شهر رمضان، من كتاب الصوم. سنن الدارمى 2/ 26. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 357.
(1)
أخرجه البيهقى، في: باب ما روى في كراهة قول القائل. . .، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 201، 202. وابن عدى، في الكامل 7/ 2517. وذكره ابن الجوزى في الموضوعات 2/ 187.
(2)
سورة البقرة 185.
(3)
ذكره السيوطى في الجامع الصغير، وفيه:«يرمض الذنوب» بدل: «يحرق الذنوب» . وعزاه لمحمد بن منصور والسمعانى، أبى زكريا يحيى بن منده، ورمز له بالضعف. وذكر المناوى أن أبا الشيخ رواه أيضًا. فيض القدير 3/ 2.