الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنِ اشْتَرَى أَرْضًا أَوْ نَخْلًا لِلتِّجَارَةِ، فَأَثْمَرَتِ النَّخْلُ، وَزُرِعَتِ الأَرْضُ، فَعَلَيْهِ فِيهِمَا الْعُشْرُ، وَيُزَكِّى الْأَصْلَ لِلتِّجَارَةِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُزَكِّى الْجَميعَ زَكَاةَ الْقِيمَةِ،
ــ
943 - مسألة: (وإنِ اشرَى أرْضًا أو نَخْلًا للتِّجارَةِ، فأثْمَرَتِ النَّخْلُ، أو زُرِعَتِ الأرْضُ، فعليه فيهما العُشْرُ، ويُزَكِّى الأصْلَ للتِّجارَةِ)
إذا اشْتَرَى أرْضًا أو نَخْلًا للتِّجارَةِ، فأثْمَرَتِ النَّخْلُ، أو زُرِعَتِ الأرْضُ، واتَّفَقَ حَوْلاهما، بأن يكونَ بُدُوُّ الصَّلاحِ في الثَّمَرَةِ واشْتِدادُ الحَبِّ عندَ تَمامِ الحَوْلِ، وكانت قِيمَةُ الأصْلِ تَبْلُغُ نِصابًا للتِّجارَةِ، فإنَّه يُزَكِّى الحَبَّ والثَّمَرَةَ زكاةَ العُشْرِ إذا بَلَغ نِصابًا، ويُزَكِّى الأصْلَ زكاةَ القِيمَةِ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، وأبى ثَوْرٍ. (وقال القاضى) وأصْحابُه:(يُزَكى الجَمِيعَ زَكاةَ القِيمَةِ) وذَكَر أنَّ أحمدَ أَوْمَأَ إليه؛ لأنَّه مالُ تِجارَةٍ، فوَجَبَتْ فيه زكاةُ التِّجارَةِ، كالسّائِمَةِ. ولَنا، أنَّ زكاةَ العُشْرِ أحَظُّ للفُقَراءِ، فإنَّ العُشْرَ
وَلَا عُشْرَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَسْبِقَ وُجُوبُ الْعُشْرِ حَوْلَ التِّجَارَةِ فَيُخْرِجَهُ.
ــ
أحَظُّ مِن رُبْعِ العُشْرِ، فيَجِبُ تَقْدِيمُ ما فيه الحَظُّ، ولأنَّ الزِّيادَةَ على رُبْع العُشْرِ قد وُجد سَبَبُ وُجُوبِها فتَجِبُ، وفارَقَ زكاةَ السَّوْمِ المُعَدَّةِ
للتِّجارَةِ؛ لأنَّ زكاةَ التِّجارَةِ فيها أنْفَعُ للفُقَراءِ، فأمّا إن سَبَق وُجُوبُ العُشْرِ حَوْلَ التِّجارَةِ وَجَب عليه العُشْرُ؛ لوُجُودِ سَبَبِه مِن غيرِ مُعارِضٍ، وهو أحَظُّ للفقراءِ كما بَيَّنَّا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا حال الحَوْلُ أدَّى زكاةَ الأصْلِ والنَّماءِ؛ لأنَّه تابعٌ له في المِلْكِ فتَبِعَه في الحَوْلِ، كالسِّخالِ والنِّتاجِ. وبهذا قال مالكٌ، وإسحاقُ، وأبو يُوسُفَ. وأمّا أبو حنيفةَ، فإنَّه يَبْنِى حَوْلَ كلِّ مُسْتَفادٍ على حَوْلِ جِنْسِه، النَّماءَ وغيرَه. وقال الشافعىُّ: إن نَضَّتِ (1) الفَائِدَة قبلَ الحَوْلِ لم يَبْنِ حَوْلَها على حَوْلِ النِّصابِ، ويَسْتَأْنِفُ لها حَوْلَها؛ لقَوْله عليه السلام:«لَا زَكَاةَ في مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» (2). ولأنَّها فائِدَةٌ تامَّةٌ لم تَتَوَلَّدْ ممّا عندَه، أشْبَهَ المُسْتَفادَ مِن غيرِ الرِّبْحِ. وإنِ اشْتَرى سِلْعَةً بنِصابٍ، فزادَتْ قيمَتُها عندَ رأسِ الحَوْلِ، فإنَّه يَضُمُّ الفائِدَةَ،
(1) أي حصلت. وانظر ما تقدم في هذا المعنى في صفحة 55.
(2)
تقدم تخريجه في 6/ 327.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُزَكِّى عن الجَمِيعِ، بخِلافِ ما إذا باع السلْعَةَ قبلَ الحَوْلِ. ولَنا، أنَّه نَماءٌ جارٍ في حَوْلٍ، تابعٌ لأصْلِه في المِلْكِ، فضُمَّ إليه في الحَوْلِ، كالنِّتاجِ، وكما لو لم يَنضَّ، ولأنَّه ثَمَنُ عَرْض تَجِبُ زكاةُ بَعْضِه، يُضَمُّ إليه الباقِى قبلَ البَيْعِ، فضُمَّ إليه بعدَه، كبعضِ النِّصابِ، ولأنَّه لو بَقِىَ عَرْضًا زَكَّى جَمِيعَ القِيمَةِ، فإذا نَضَّ كان أوْلَى؛ لأنَّه يَصِيرُ مُتَحَقِّقًا. والحَديثُ فيه مَقالٌ، وهو مَخْصُوصٌ بالنِّتاجِ، وبما لم يَنضَّ، فنَقِيسُ عليه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا اشْتَرى للتِّجارَةِ شِقْصًا مَشْفُوعًا بألْفٍ، فحال الحَوْلُ وهو يُساوِى ألْفَيْن، فعليه زكاةُ ألْفَيْن، فإن جاء الشَّفِيعُ أخَذَه بألْفٍ؛ لأنَّ الشَّفِيعَ إنَّما يَأخذُ بالثَّمَنِ لا بالقِيمَةِ، والزكاةُ على المُشْتَرِى؛ لأنَّها وَجَبَتْ في مِلْكِه، ولو لم يَأخذْه الشَّفِيعُ لكنْ وَجَد المُشْتَرِى به عَيْبًا فَرَدَّه، فإنَّما يأخذُ مِن البائِعِ ألْفًا. ولو اشْتَراه بألْفَيْن، وحال الحَوْلُ وقِيمَتُه ألْفٌ، فعليه زكاةُ ألْفٍ ويَأخذُه الشَّفِيعُ إن أخَذَه، ويَرُدُّه بالعَيْبِ بألْفَيْن؛ لأنَّهما الثَّمَنُ الذى وَقَع به البَيْعُ.
فصل: وإذا دَفَع إلى رجلٍ ألْفًا مُضارَبَةً، على أنَّ الرِّبْحَ بينَهما، فحال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَوْلُ وهو ثَلَاثَةُ آلافٍ، فعلى رَبِّ المالِ زكاةُ أَلْفَيْن؛ لأنَّ رِبْحَ التِّجارَةِ حَوْلُه حَوْلُ أصْلِه على ما بَيَّنَّا وقال الشافعىُّ في أحَدِ قَوْلَيْه: عليه زكاةُ الجَمِيعِ؛ لأنَّ الأصْلَ له، والرِّبْحُ نَماءُ مالِه. ولا يَصِحُّ ذلك؛ لأنَّ حِصَّةَ المُضارِبِ له، وليست مِلْكًا لرَبِّ المالِ، بدَلِيلِ أنَّ للمُضارِبِ المُطالَبَةَ بها، ولو أراد رَبُّ المالِ دَفْعَ حِصَّتِه إليه مِن غيرِ هذا المالِ، لم يَلْزَمْه قَبُولُه، ولا يَجِبُ على الإِنْسانِ زكاةُ مِلْكِ غيرِه، ولأنَّ رَبَّ المالِ يقولُ: حِصَّتُك أيُّها العامِلُ مُتَرَدِّدَةٌ بينَ أن تَسْلَمَ فتكونَ لك، أو تَتْلَفَ فلا تكونُ لى ولا لك، فكيف يَجِبُ علىَّ زكاةُ ما ليس لي بوَجْهٍ ما؟ وقولُه: إنَّها نَماءُ مالِه. قُلْنَا: إلَّا أنَّه لغيرِه، فلم تَجِبْ عليه زَكاتُه، كما لو وَهب نِتاجَ سائِمَتِه لغيرِه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُخْرِجُ الزكاةَ مِن المالِ؛ لأنَّه مِن مُؤْنَتِه، فكان منه، كمُؤْنَةِ حَمْلِه، ويُحْتَسَبُ مِن الرِّبْحِ؛ لأنَّه وِقايَةٌ لرَأسِ المالِ، كذلك ذَكَرَه شيخُنا في كِتَابِ «المُغْنِى» (1). وقال في كِتابِ «الكافِى» (2): تُحْتَسَبُ الزكاةُ مِن حِصَّةِ رَبِّ المالِ؛ لأنَّها واجبَةٌ عليه، فحُسِبَتْ مِن نَصِيبِه، كدَيْنِه. فأمّا حِصَّةُ المُضارِبِ، فمَن أَوْجَبَها لم يُجَوِّزْ إخْراجَها مِن المالِ؛ لأنَّ الرِّبحَ وِقايَةٌ لرَأسِ المالِ. ويَحْتَمِلُ أن يَجُوزَ؛ لأنَّهما دَخَلا على حُكْمِ الإِسلام، ومِن حُكْمِه وُجُوبُ الزكاةِ، وإخْراجُها مِن المالِ. ولأصحابِ الشافعىِّ في هذه المَسْألَةِ نحوٌ ممّا ذَكَرْنا.
(1) 4/ 260.
(2)
1/ 318.