الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ يَمُوُنهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ،
ــ
لقَوْل النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «إذَا أمَرْتُكُمْ بِأمْرٍ فَائْتُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ» (1). ولأنَّها طُهْرَةٌ، فوَجَبَ منها ما قَدَر عليه، كالطّهارَةِ بالماءِ، ولأنَّ بعضَ الصَّاعِ يُخْرَجُ عن العَبْدِ المُشْتَرَكِ، فجازَ أن يُخْرَجَ عن غيرِه، كالصّاعِ.
948 - مسألة: (وتَلْزَمُه فِطْرَةُ مَن يَمُونُه مِن المُسْلِمِين)
إذا وَجَد ما يُؤَدِّى عنهم؛ لحَدِيثِ ابنِ عُمَرَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَض صَدَقَةَ الفِطْرِ عن كُلِّ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ، حُرٍّ وعَبْدٍ، مِمَّن تَمُونُونَ.
(1) تقدم تخريجه في 2/ 188.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والذين يَلْزَمُ الإِنْسانَ فِطْرَتُهم ثَلاثَةُ أصْنافٍ؛ الزَّوْجاتُ، والعَبِيدُ، والأقارِبُ. فأمّا الزَّوجاتُ فتَلْزَمُه فِطْرَتُهُنَّ في قَوْلِ مالكٍ، واللَّيْثِ، والشافعىِّ، وإسحاقَ. وقال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ: لا تَجِبُ عليه، وعلى المرأةِ فِطْرَةُ نَفْسِها؛ لقَوْل رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَةُ الفِطْرِ عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى» (1). ولأَنَّها زكاةٌ، فوَجَبَتْ عليها، كزكاةِ مالِها. ولَنا، الخَبَرُ الذى رَوَيْناه، ولأنَّ النِّكاحَ سَبَبٌ تَجِبُ به النَّفَقَةُ، فوَجَبَتْ به الفِطْرَةُ، كالمِلْكِ والقَرابَةِ، بخِلافِ زَكاةِ المالِ، فإنَّهَا لا تُتَحَمَّلُ بالمِلْكِ والقَرابَةِ. فإن كان لامْرَأتِه مَن يَخْدِمُها بأُجْرَةٍ، فِليس على الزَّوْجِ فِطْرَتُه؛ لأنَّ الواجِبَ الأجْرُ دُونَ النَّفَقَةِ، وإن كان لها نَظَرْتَ، فإن كانت مِمَّن لا يَجِبُ لها خادِم، فليس عليه نَفَقَةُ خادِمِها ولا فِطْرَتُه، وإن كانت مِمَّن يُخْدَمُ مِثْلُها، فعلى الزَّوْجِ أن يُخْدِمَها، ثم هو مُخَيَّرٌ بينَ أن يَشْتَرِى لها خادِمًا، أو يَكْتَرِى، أو يُنْفِقَ على خادِمِها، فإنِ اخْتارَ الإِنْفاقَ على خادِمِها فعليه فِطْرَتُه، وإنِ اسْتَأْجَرَ لها خادِمًا فليس عليه نَفَقَتُه ولا فِطْرَتُه، سَواءٌ شَرَط عليه مُؤْنَتَه أو لم يَشْرِطْ؛ لأنَّ المُؤْنَةَ إذا كانت أُجْرَةً فهى مِن مالِ المُسْتَأْجِرِ، وإن كانت تَبَرُّعًا، فهو كما لو تَبَرَّعَ بالإِنْفاقِ على (2) أجْنَبِىٍّ، وسَنَذْكُرُه، إن شاء اللَّه تعالى.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 79 من حديث ابن عمر.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: الثانى، العَبِيدُ، وتَجِبُ فِطْرَتُهم على السَّيِّدِ إذا كانوا لغيرِ التِّجارَةِ إجْماعًا. وإن كانوا للتِّجارَةِ فكذلك. وهو قَوْلُ مالكٍ، واللَّيْثِ، والأوْزاعِىِّ، والشافعىِّ، وإسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال عَطاءٌ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأصحابُ الرَّأْى: لا تَلْزَمُه فِطْرَتُهم؛ لأنَّها زكاةٌ، ولا تَجِبُ في مالٍ واحِدٍ زكاتان، وقد وَجَب فيهم زَكاةُ التِّجارَةِ، فيَمْتَنِعُ وُجُوبُ الزَّكاةِ الأُخْرَى، كالسّائِمَةِ إذا كانت للتِّجارَةِ. ولَنا، عُمُومُ الأحادِيثِ، وقولُ ابنِ عُمَرَ: فَرَض رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفِطْرِ على الحُرِّ والعَبْدِ (1). وفى حديثِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ: «ألَا إنَّ صَدَقَةَ الفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ذَكَرٍ أوْ أُنْثَى، حُرٍّ أوْ عَبْدٍ، صَغِيرٍ أوْ كَبِيرٍ» (2). ولأنَّ نَفَقَتَهم واجِبَةٌ، أشْبَهُوا عَبِيدَ القُنْيَةِ، وزكاةُ الفِطْرِ تَجِبُ على البَدَنِ، ولهذا تَجِبُ على الأحْرارِ، وزكاةُ التِّجارَةِ تَجِبُ عن القِيمَةِ وهى المالُ، بخِلافِ السَّوْمِ والتِّجارَةِ، فإنَّهما يَجِبان بسَبَبِ مالٍ واحِدٍ. ومتى كان عَبِيدُ التِّجارَةِ في يَدِ المُضارِب وَجَبَتْ فِطْرَتُهم مِن مالِ المُضارَبَةِ؛ لأنَّ مُؤْنَتَهم منها. وحَكى ابنُ المُنْذِرِ عن الشافعىِّ، أنَّها على رَبِّ المالِ. ولَنا، أنَّ الفِطْرَةَ تابِعَة للنَّفَقَةِ، وهى مِن المالِ، فكذلك الفِطْرَةُ.
فصل: وأمّا عَبِيدُ عَبِيدِه، فإن قُلْنا: إنَّ العَبْدَ لا يَمْلِكُهم بالتَّمْلِيكِ.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 79.
(2)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في صدقة الفطر، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 181.