الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ لِبَنِى هَاشِمٍ الأَخْذُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَوَصَايَا الْفُقَرَاءِ، وَالنَّذْرِ. وَفِى الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ.
ــ
رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
1024 - مسألة: (ويَجُوزُ لبَنِى هاشِمٍ الأخْذُ مِن صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، ووَصايا الفُقَراءِ، والنَّذْرِ. وفى الكَفّارَةِ وَجْهان)
قال أحمدُ، رحمه الله، في رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ: إنَّما لا يُعْطَوْن مِن الصَّدَقَةِ المَفْرُوضَةِ، فأمّا التَّطَوُّعُ فلا. وعن أحمدَ رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّهم يُمْنَعُون مِن الصَّدَقَةِ التَّطوُّعِ أيضًا؛ لعُمُومِ قولِه عليه السلام:«إنَّا لَا تَحِل لَنَا الصَّدَقَةُ» (1). والأوَّلُ أظْهَرُ؛
(1) تقدم تخريجه في صفحة 291.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الْمَعْرُوفُ كُلُّهُ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). وقال اللَّهُ تعالى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} (2). وقال تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (3) ولا خلافَ في إباحَةِ إيصالِ المَعْرُوفِ إلى الهاشِمِىِّ، والعَفْوِ عنه، وإنْظارِه. وقال إخْوَةُ يُوسُفَ:{وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} (4). والخبرُ أُرِيدَ به صَدَقَةُ الفَرْضِ؛ لأنَّ الطَّلَبَ كان لها، والألِفُ واللَّامُ تَعُودُ إلى المَعْهُودِ. وروَى جعفرُ بنُ محمدٍ، عن أبيه (5)، أنَّه كان يَشْرَبُ مِن سِقاياتٍ بينَ مكةَ والمَدِينَةِ،
(1) أخرجه البخارى، في: باب كل معروف صدقة، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 8/ 13. ومسلم، في: باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 697. كما أخرجه أبو داود، في: باب في المعونة للمسلم، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 584. والترمذى، في: باب ما جاء في طلاقة الوجه وحسن البشر، من أبواب البر. عارضة الأحوذى 8/ 146. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 344، 360، 4/ 307، 5/ 383، 397، 398، 405.
(2)
سورة المائدة 45.
(3)
سورة البقرة 280.
(4)
سورة يوسف 88.
(5)
بعده في م: «عن جده» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقلتُ له: أتَشْرَبُ مِن الصَّدَقَةِ؟ فقال: إنَّما حُرِّمَتْ علينا الصَّدَقَةُ المَفْرُوضَةُ (1). ويَجُوزُ أن يَأْخُذُوا مِن الوَصايَا للفُقَراءِ، ومِن النُّذُورِ؛ لأنَّهما تَطَوُّعٌ، فأشْبَهَ ما لو وَصَّى لهم. وفى الكَفَّارَةِ وَجْهان؛ أحَدُهما، يجوزُ؛ لأنَّها ليست بزكاةٍ، ولا هى أوْساخُ الناسِ، فأشْبَهَتْ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ. والثانِى، لا يجوزُ؛ لأنَّها واجِبَة لإِيجابِه على نَفْسِه، أشْبَهَتِ الزَّكاةَ. ولو أهْدَى المِسْكِينُ ممَّا تُصُدِّقَ به عليه إلى الهاشِمِىِّ، حَلَّ له؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، أكَل ممّا تُصُدِّقَ به على أُمِّ عَطِيَّةَ، وقال:«إنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحَلَّهَا» . مُتَّفَقٌ عليه (2).
فصل: وِكُلُّ مَن حُرِم صَدَقَةَ الفَرْضِ مِن الأغْنِياءِ، وقَرابَةِ المُتَصَدِّقِ، والكافِرِ، وغيْرِهم، يَجُوزُ دَفْعُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إليهم، ولهم أخْذُها، قال اللَّهُ تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتيمًا وَأسِيرًا} (3).
(1) أخرج البيهقى آخره، في: باب لا تحرم على آل محمد صلى الله عليه وسلم صدقة التطوع، من كتاب الصدقات. السنن الكبرى 7/ 32. بدون إسناد، حيث قال: روى عن أبى جعفر محمد بن على أنه قال. . .
(2)
أخرجه البخارى، في: باب إذا تحولت الصدقة، من كتاب الزكاة، وفى: باب قبول الهدية، من كتاب الهبة. صحيح البخارى 2/ 158، 3/ 204. ومسلم، في: باب إباحة الهدية للنبى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 755. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 6/ 407، 408.
(3)
سورة الإنسان 8.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولم يكنِ الأسِيرُ يَوْمَئِذٍ إلَّا كافِرًا. وعن أسماءَ بنتِ أبى بكرٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، قالت: قَدِمَتْ علىِّ أُمِّى وهى مُشْرِكَةٌ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّى قَدِمَت علىَّ وهى راغِبَة، أفأصِلُها؟ قال:«نعم، صِلِى أُمَّكِ» (1). وكَسا عُمَرُ أخًا له مُشْرِكًا حُلَّةً كان النبىُّ صلى الله عليه وسلم أعْطاه إيّاها (2). وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم لسَعْدٍ: «إنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى أهْلِكَ صَدَقَةٌ، وإنَّ مَا تَأْكُلُ امْرَأتُكَ صَدَقَة» . مُتَّفَقٌ عليه (3).
(1) أخرجه البخارى، في: باب الهدية للمشركين، من كتاب الهبة، وفى: باب حدثنا عبدان، من كتاب الجزية، وفى: باب صلة المرأة أمها ولها زوج، وباب صلة الوالد المشرك، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 3/ 215، 4/ 126، 8/ 5. ومسلم، في: باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين. . .، من كتاب الزكاة 2/ 696. وأبو داود، في: باب الصدقة على أهل الذمة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 388. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 344، 347، 355.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب يلبس أحسن ما يجد، من كتاب الجمعة، وفى: باب هدية ما يكره لبسها، وباب الهدية للمشركين من كتاب الهبة. صحيح البخارى 2/ 4، 5، 3/ 213، 215. ومسلم، في: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال. . .، من كتاب اللباس والزينة. صحيح مسلم 3/ 1638. وأبو داود، في: باب اللبس للجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 247. والنسائى، في: باب الهيئة للجمعة، من كتاب الجمعة، وفى: باب ذكر النهى عن لبس السيراء، من كتاب الزينة. المجتبى 3/ 78، 8/ 173. والإمام مالك، في: باب ما جاء في لبس الثياب، من كتاب اللباس. الموطأ 7/ 917، 918. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 103.
(3)
أخرجه البخارى، في باب رثى النبى صلى الله عليه وسلم سعد بن خولة، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 103، ومسلم، في: باب الوصية بالثلث، من كتاب الوصايا. صحيح مسلم 3/ 1253. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 168.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا النبىُّ صلى الله عليه وسلم فالظَّاهِرُ أنَّ الصَّدَقَةَ جَمِيعَها كانت مُحَرَّمَةً عليه، فَرْضَها ونَفْلَها؛ لأنَّ اجْتِنابَها كان مِن دَلائِلِ نُبُوَّتِه، فلم يكنْ ليُخِلَّ بذلك، بدَلِيلِ أنَّ في حديثِ سَلْمانَ الفارِسِىِّ، أنَّ الذى أخْبَرَه عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم ووَصَفَه له، قال: إنَّه يَأْكلُ الهَدِيَّةَ، ولا يَأْكلُ الصَّدَقَةَ (1). وقال أبو هُرَيْرَةَ: كان النبىُّ صلى الله عليه وسلم إذا أُتِى بطَعامٍ سأل عنه؟ فإن قِيلَ: صَدَقَةٌ. قال لأصحابِه: «كُلُوا» . ولم يَأْكلْ، وإن قِيلَ: هَدِيَّةٌ. ضَرَب بيَدَيْه، وأكل معهم. أخْرَجَه البخارىُّ (2). وقال في لَحْمٍ
(1) أخرجه البخارى، في: باب ما يذكر في الصدقة للنبى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الزكاة، وفى: باب قبول الهبة، من كتاب الهبة. صحيح البخارى 2/ 157، 3/ 203. ومسلم، في: باب قبول النبى الهدية ورده للصدقة، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 756. والترمذى في: باب ما جاء في كراهية الصدقة للنبى صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ومواليه، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 157. والنسائى، في: باب الصدقة لا تحل للنبى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 81. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 302، 305، 338، 406، 492، 3/ 490، 5/ 442.
(2)
في: باب قبول الهدية، من كتاب الهبة. صحيح البخارى 3/ 203. كما أخرجه مسلم، في: باب قبول النبى صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 756. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 302، 305، 338، 406، 492.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تُصُدِّقَ به على بَرِيرَةَ (1): «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ» (2). ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان أشْرَفَ الخَلْقِ، وكان له مِن المَغانِمِ خُمْسُ الخُمْسِ والصَّفِىُّ فحُرِمَ نَوْعَىِ الصَّدَقَةِ، فَرْضَها ونَفْلَها، والُه دُونَه في الشَّرَفِ، ولهم خُمْسُ الخُمْسِ وَحْدَه، فحُرِمُوا أحَدَ نَوْعَيْها، وهو الفَرْضُ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، أنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ لم تكنْ مُحَرَّمَةً عليه. والصَّحِيحُ الأوَّلُ، إن شْاء اللَّهُ تعالى؛ لِما ذَكَرْنا مِن الأدِلَّةِ. واللَّهُ تعالى أعلمُ.
(1) بريرة: مولاة عائشة أم المؤمنين، رضى اللَّه عنها.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب الصدقة على موالى أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، وباب إذا تحولت الصدقة، من كتاب الزكاة، وفى: باب قبول الهدية، من كتاب الهبة، وفى: باب الحرة تحت العبد، من كتاب النكاح، وفى: باب لا يكون بيع الأمة طلاقا، وباب حدثنا عبد اللَّه بن رجاء، من كتاب الطلاق، وفى: باب الأدْم، من كتاب الأطعمة، وفى: باب الولاء لمن أعتق وميراث اللقيط، من كتاب الفرائض. صحيح البخارى 2/ 158، 3/ 203، 7/ 11، 61، 62، 100، 8/ 191. ومسلم، في: باب إباحة الهدية للنبى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الزكاة، وفى: باب إنما الولاء لمن أعتق، من كتاب العتق. صحيح مسلم 2/ 755، 1143 - 1145. وأبو داود، في: باب الفقير يُهدى للغنى من الصدقة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 385. والنسائى، في: باب إذا تحولت الصدقة، من كتاب الزكاة، وفى: باب خيار الأمة، وباب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك، من كتاب الطلاق، وفى: باب عطية المرأة بغير إذن زوجها، من كتاب العمرى، وفى: باب البيع يكون فيه الشرط الفاسد، من كتاب البيوع. المجتبى 5/ 81، 6/ 132، 133، 135، 237، 7/ 264. وابن ماجه، في: باب خيار الأمة إذا أعتقت، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 671. والدارمى، في: باب في تخيير الأمة تكون تحت العبد فتعتق، من كتاب الطلاق. سنن الدارمى 2/ 169. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الخيار، من كتاب الطلاق. الموطأ 2/ 562. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 281، 361، 3/ 117، 130، 180، 276، 6/ 46، 115، 123، 150، 172، 175، 178، 180، 191، 207.