الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا، لَزِمَهُ شَهْرٌ مُتَتَابِعٌ،
ــ
فصل: ومَن اعْتَكَفَ العَشْرَ الأواخِرَ مِن رمضانَ، اسْتُحِبَّ أن يَبِيتَ لَيْلَةَ العِيدِ في مُعْتَكَفِه. نَصَّ عليه أحمدُ. ورُوِىَ عن النَّخَعِىِّ، وأبى مِجْلَزٍ، وأبى بَكْرِ بنِ عبدِ الرحمنِ، والمُطَّلِبِ بنِ حَنْطَبٍ، وأبى قِلابَةَ، أنَّهُم كانُوا يَسْتَحِبُّون ذلك. وروَى الأثْرَمُ بإسْنادِه، عن أيُّوبَ، عن أبى قِلابَةَ، أنَّه كان يَبِيتُ في المَسْجِدِ لَيْلَةَ الفِطْرِ، ثم يَغْدُو كما هو إلى العِيدِ، وكان، يَعْنِى في اعْتِكافِه، لا يُلْقَى له حَصِيرٌ، ولا مُصَلَّى يَجْلِسُ عليه، كان يَجْلِسُ كَأنَّه بَعْضُ القَوْمِ. قال: فأتَيْتُه في يومِ الفِطْرِ، فإذا في حِجْرِه جُوَيْرِيَةٌ مُزَيَّنَةٌ، ما ظَنَنْتُها إلَّا بَعْض بَناتِه، فإذا هى أمَةٌ له، فأعْتَقَها، وغدا كما هو إلى العِيدِ. وقال إبراهيمُ: كانوا يُحِبُّون لمَن اعْتَكَفَ العَشْرَ الأواخِرَ مِن رمضانَ، أن يَبِيتَ لَيْلَةَ الفِطْرِ في المَسْجِدِ، ثم يَغْدُوَ إلى المُصَلَّى مِن المَسْجِدِ (1).
1119 - مسألة: (وإن نَذَر شَهْرًا مُطْلَقًا، لَزِمَه شَهْرٌ مُتَتابعٌ)
إذا
(1) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب من كان يحب أن يغدو المعتكف كما هو من مسجده إلى المصلى، من كتاب الصيام. مصنف ابن أبى شيبة 3/ 92. وأخرج أثر أبى مجلز وأبى قلابة في الموضع نفسه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَذَر اعْتِكافَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ، فهل يَلْزَمُه التَّتابُعُ؟ فيه وَجْهان، بِناءً على الرَّوايَتَين في نَذْرِ الصَّوْم؛ أحَدُهما، لا يَلْزَمُه. وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه مَعْنًى يَصِحُّ فيه التَّفْرِيقُ، فلا يَجِبُ فيه التَّتابُعُ بمُطْلَقِ النَّذْرِ، كالصِّيامِ. والثّانِى، يَلْزَمُه التَّتابُعُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ. وقال القاضى: يَلزَمُه التَّتابُعُ وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّه مَعْنًى يَحْصُل في الليْلِ والنَّهارِ، فإذا أطْلَقَه اقْتَضَى التَّتابُعَ، كما لو حَلَفَ لا يُكَلِّمُ زَيْدًا شَهْرًا، وكَمُدَّةِ الإِيلاءِ والعِدَّةِ، وبهذا فارَقَ الصيامَ، فإن أَتَى بشَهْرٍ بينَ هِلالَيْن أجْزَأه ذلك وإن كان ناقِصًا، وإنِ اعْتَكَفَ ثَلاثِينَ يَوْمًا مِن شَهْرَيْن جاز، فتَدْخُلُ فيه اللَّيالِى؛ لأنَّ الشَّهْرَ عِبارَةٌ عنهما، ولا يُجْزِئُه أقَلُّ مِن ذلك، وإن قال: للهِ عَلَىَّ (1) أن أعْتَكِفَ أيامَ هذا الشهْرِ، أو لَيالِى هذا الشهْرِ. لَزِمَه ما نَذَر، ولم يَدْخُلْ فيه غيرُه، وكذلك إن قال: شَهْرًا في النَّهارِ، أو في اللَّيْلِ.
(1) في م: «تعالى» .