الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ لِلتِّجَارَةِ، فَنَوَاهُ لِلْقُنْيَةِ، ثُمَّ نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ، لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ. وَعَنْهُ، أن الْعُرُوضَ تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ.
ــ
938 - مسألة: (وإن كان عندَه عَرْضٌ للتِّجارَةِ، فنَواه للقُنْيَةِ، ثم نَواه للتِّجارَةِ، لم يَصِرْ للتِّجارَةِ. وعنه، أنَّ العُرُوضَ تَصِيرُ للتِّجارَةِ بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ)
لا (1) يَخْتَلِف المَذْهَبُ أنَّه إذا نَوَى بعَرْضِ التِّجارَةِ القُنْيَةَ، أنَّه يَصِيرُ للقُنْيَةِ، وتَسْقُطُ الزكاةُ منه. وبهذا قال الشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى. وقال مالكٌ، في إحْدَى الرِّوايَتَيْن: لا يَسْقُطُ حُكْمُ التِّجارَةِ بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كما لو نَوَى بالسّائِمَةِ العَلْفَ. ولَنا، أنَّ القُنْيَةَ الأصْلُ، والرَّدُّ إلى الأصْلِ يَكْفِى فيه مُجَرَّدُ النِّيَّةِ، كما لو نَوَى بالحَلْى التِّجارَةَ، أو نَوَى المُسافِرُ الإِقامَةَ، ولأنَّ نِيَّةَ التِّجارَةِ شَرْط لوُجُوبِ الزكاةِ في العُرُوضِ. فإذا نَوَى القُنْيَةَ زالت نِيَّةُ التِّجارَةِ ففات شَرْطُ الوُجُوبِ، وفارَقَ السّائِمَةَ إذا نَوَى عَلْفَها؛ لأنَّ الشَّرْطَ فيها الإسامَةُ دُونَ نِيَّتِها، فلا يَنْتَفِى الوُجُوبُ إلَّا بانْتِفاءِ السَّوْمِ. وإذا صار العَرْضُ للقُنْيَةِ، ثم نَواه للتِّجارَةِ، لم يَصِرْ للتِّجارَةِ؛ لِما ذَكَرْنا. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ، والشافعىِّ،
(1) في م: «ولا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثَّوْرِىِّ. وذَهَب أبو بكرٍ، وابنُ عَقِيلٍ، إلى أنَّها تَصِيرُ للتِّجارَةِ بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. وحَكَوْه رِوايَةً عن أحمدَ. قال بعضُ أصحابنا: هذا على أصَحِّ الرِّوايَتَيْن، لقولِ سَمُرَةَ: أمَرَنا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ ممّا نُعِدُّه للبَيْعِ (1). وهذا داخِلٌ في عُمُومِه، ولأنَّ نِيَّةَ القُنْيَةِ كافِيَةٌ بِمُجَرَّدِها، فكذلك نِيَّةُ التِّجارَةِ، بل هذا أوْلَى؛ لأنَّ الإِيجابَ يُغَلَّبُ على الإِسْقاطِ احْتِياطًا، ولأنَّه نَوَى به التِّجارَةَ، أشْبَهَ ما لو نَوَى حالَ الشِّراءِ. ووَجْهُ الأُولَى أنَّ كلِّ ما لا يَثْبُتُ له الحُكْمُ بدُخُولِه في مِلْكِه، لا يَثْبُتُ بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كما لو نوَى بالمَعْلُوفَةِ السَّوْمَ، ولأنَّ القُنْيَةَ الأَصْلُ، والتِّجارَةُ فَرْعٌ عليها، فلا يَنْصَرِفُ إلى الفَرْعِ بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كالمُقِيمِ يَنْوِى السَّفَرَ. ويُعْتَبَرُ وُجُودُ النِّيَّةِ في جَمِيعِ الحَوْلِ؛ لأنَّها (2) شَرْطٌ أمْكَنَ اعْتِبارُه في جَمِيعِ الحَوْلِ، فاعْتُبِرَ فيه، كالنِّصابِ.
فصل: وإذا كانت عندَه ماشِيَةٌ للتِّجارةِ نِصْف حَوْلٍ، فنَوَى بها الإِسامَةَ، وقطَعَ نِيَّةَ التِّجارَةِ، انْقَطَعَ حَوْلُ التِّجارَةِ، واسْتَأْنَفَ حَوْلًا.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 52.
(2)
في الأصل: «ولأنها» .