الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ نَوَى الإِفْطَارَ، أَفْطَرَ.
ــ
عليه صومٌ مِن سَنَةِ خَمْسٍ، فنَوَى أنَّه يَصُومُ عن سَنَةِ سِتٍّ، أو نَوَى الصومَ عن يَوْمِ الأحَدِ، وكان غيرَه، أو ظَنَّ أنَّ غَدًا الأحَدَ، فَنَواه، وكان الاثْنَيْنَ، صَحَّ صَوْمُه؛ لأنَّ نِيَّةَ الصومِ لم تَخْتَلَّ، إنَّما أخْطَأَ في الوَقْتِ.
1057 - مسألة: (ومَن نَوَى الإِفْطارَ، أفْطَرَ)
إذَا نَوَى الإِفْطارَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في صومِ الفَرْضِ أفْطَرَ، وفَسَد صومُه. هذا ظاهِرُ المَذْهَبِ، وقولُ الشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ. وقال أصحابُ الرَّأْىِ: إن عاد فنَوَى قبلَ أن يَنْتَصِفَ النَّهارُ، أجْزَأه. بِناءً على أصْلِهم أنَّ الصومَ المُعَيَّنَ يُجْزِىُّ بنِيَّةٍ مِن النَّهارِ. وحُكِىَ عن ابنِ حامِدٍ، أنَّ الصومَ لا يَفْسُدُ بذلك؛ لأنَّها عِبادَةٌ: يَلْزَمُ المُضِىُّ في فاسِدِها، فلم تَفْسُدْ بنِيَّةِ الخُرُوجِ منها، كالحَجِّ. ولَنا، أنَّها عِبادَةٌ مِن شَرْطِها النِّيَّةُ، ففَسَدَتْ بنِيَّةِ الخُرُوجِ منها، كالصلاةِ، ولأنَّ اعْتِبارَ النِّيَّةِ في جميعِ أجْزاءِ العِبادَةِ، لكنْ لَمّا شَقَّ اعْتِبارُ حَقِيقَتِها اعْتُبِرَ بَقاءُ حُكْمِها، وهو أن لا يَنْوِىَ قَطْعَها، فإذا نَواه زالت حَقِيقَةً وحُكْمًا، ففَسَدَ الصومُ؛ لزَوالِ شَرْطِه. وما ذَكَرَه ابنُ حامِدٍ لا يَطَّرِدُ في غيرِ رمضانَ، ولا يَصِحُّ القِياسُ على الحَجَّ؛ فإنَّه يَصِحُّ بنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ ومُبْهَمَةٍ، وبالنِّيَّةِ عن غيرِه إذا لم يَكُنْ حَجَّ عن نَفْسِه، فافْتَرَقا.
فصل: فأمّا صومُ النَّفْلِ، فإن نَوَى الفِطْرَ، ثم لم يَنْوِ الصومَ بعدَ ذلك، لم يَصِحَّ صَوْمُه؛ لأنَّ النِّيَّةَ انْقَطَعَتْ، ولم تُوجَدْ نِيَّةٌ غيرَها، أشْبَهَ مَن لم يَنْوِ أصْلًا. وإن عاد فنَوَى الصومَ، صَحَّ، كما لو أصْبَحَ غيرَ ناوٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للصومِ؛ لأنَّ نِيَّةَ الفِطْرِ إنَّما أبْطَلَتِ الفَرْضَ [2/ 205 ظـ] لقَطْعِها النِّيَّةَ المُشْتَرَطَةَ في جَمِيعِ النَّهارِ حُكْمًا، وخُلُوِّ بعضِ أجْزاءِ النَّهارِ عنها، والنَّفْلُ بخِلافِ ذلك، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ الصومِ نِيَّةُ الفِطْرِ في زَمَن لا يُشْتَرَطُ وُجُودُ نِيَّةِ الصومِ فيه؛ لأنّ نِيَّةَ الفِطْرِ لا تَزِيدُ على عَدَمِ النَّيَّةِ في ذلك الوَقْتِ، وعَدَمُها لا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصومِ إذا نَوَى بعدَ ذلك، فكذلك إذا نَوَى الفِطْرَ، ثم نَوَى الصومَ بعدَه. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه قال: إذا أصْبحَ صائِمًا، ثم عَزَم على الفِطْرِ، فلم يُفْطِرْ حتى بَدا له، ثم قال: لا، بل أُتِمُّ صَوْمِى مِن الواجبِ. لم يُجْزِئْه حتى يَكُونَ عازِمًا على الصومِ يَوْمَه كلَّه، ولو كان تَطَوُّعًا كان أسهَلَ. وظاهِرُ هذا مُوافِقٌ لِما ذَكَرْناه. وقد دَلَّ على صِحَّتِه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَسْألُ أهْلَه:«هَلْ مِنْ غَدَاءٍ؟» فإن قالوا: لا. قال: «إنِّى إذًا صَائِمٌ» (1).
فصل: فإن نَوَى أنَّه سيُفْطِرُ ساعَةً أُخْرَى، فقال ابنُ عَقِيلٍ: هو كنِيَّةِ الفِطْرِ في وَقْتِه. وإن تَرَدَّدَ في الفِطْرِ، فعلى وَجْهَيْن، ذَكَرْنا في الصلاةِ (2). وإن نَوَى، إنَّنى إن وَجَدْتُ طَعامًا أفْطَرْتُ، وإلَّا أتْمَمْتُ
(1) أخرجه مسلم، في: باب جواز صوم النافلة بنية من النهار. . . . إلخ، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 808، 809. وأبو داود، في: باب الرخصة في ذلك (النية من النهار)، من كتاب الصيام. سنن أبى داود 1/ 571. والترمذى، في: باب صيام المتطوع بغير تبييت، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 269، 270. والنسائى، في: باب النية في الصيام، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 163. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 207.
(2)
انظر ما تقدم في 3/ 368، 369.