الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُطْلَبُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَيَالِى الْوِتْرِ آكَدُهَا.
ــ
مُعَيَّنٍ، أو مُطْلَقٍ، أو صِيامِ كَفّارَةٍ، لمِ يَجُزْ له الخُروجُ منه؛ لأنَّ المُتَعَيِّنَ وَجَب الدُّخُولُ فيه، وغيرَ المُتَعَيِّنِ تَعَيَّنَ بدُخُولِه فيه، فصارَ بمَنْزِلَةِ المُتَعَيِّنِ. وهذا لا خِلافَ فيه بحَمْدِ اللهِ.
1104 - مسألة: (وتُطْلَبُ لَيْلَةُ القَدْرِ في العَشْرِ الأواخِرِ مِن رمضانَ، ولَيالِى الوِتْرِ آكَدُها)
لَيْلَةُ القَدْرِ لَيْلَةٌ شَرِيفَةٌ مُبارَكَةٌ مُعَظَّمَةٌ مُفَضَّلَةٌ، قال اللهُ تعالى:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (1). قِيلَ: مَعْناه، العَمَلُ فيها خَيْرٌ مِن العَمَلِ في أَلْفِ شَهْرٍ ليس فيها لَيْلَةُ القَدْرِ. وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
(1) سورة القدر 3.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُتَّفَقٌ عليه (1). قِيلَ: إنَّما سُمِّيَتْ لَيْلَةَ القَدْرِ؛ لأَنَّه يُقَدَّرُ فيها ما يَكُونُ في تلك السَّنَةِ مِن خَيْرٍ ومُصِيبَةٍ، ورِزْقٍ وبَرَكَةٍ. يُرْوَى ذلك عن ابنِ عباسٍ. قال اللهُ تعالى:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (2). وسَمّاها مُبارَكَةً، فقال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} (3). وهي لَيْلَةُ القَدْرِ؛ بدَلِيلِ قَوْلِه سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (4). وقال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (5). يُرْوَى أنَّ جِبْرِيلَ نَزَل به مِن بَيْتِ العِزّةِ إلى سَماءِ الدُّنْيَا في لَيْلَةِ القَدْرِ، ثمَّ نَزَل به على النبىِّ صلى الله عليه وسلم نُجُومًا في ثَلاثٍ وعِشْرِينَ سَنَةً (6). وهي باقِيَةٌ لم تُرْفَعْ؛ لِما روَى أبو ذَرٍّ، قال: قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، لَيْلَةُ القَدْرِ رُفِعَتْ مع الأَنْبِياءِ، أو هى باقيَةٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ؟ فقالَ:«بَاقِيَةٌ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . قُلْتُ: في رمضانَ أو في غيرِه؟ قال: «في رَمَضَانَ» . فقُلْتُ: في العَشْرِ الأوَّلِ، أو الثانِي، أو الآخِرِ؟
(1) أخرجه البخاري، في: باب قيام ليلة القدر من الإيمان، من كتاب الإيمان. وفي: باب فضل ليلة القدر، من كتاب ليلة القدر. صحيح البخاري 1/ 15، 3/ 59. ومسلم، في: باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 524.
كما أخرجه النسائي، في: باب من قام رمضان وصامه إيمانا واحتسابا، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 131. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 241، 347، 408، 423، 473، 503.
(2)
سورة الدخان 4.
(3)
سورة الدخان 3.
(4)
سورة القدر 1.
(5)
سورة البقرة 185.
(6)
انظر تفسير القرطبي 20/ 130.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقالَ: «فِي العَشْرِ الآخِرِ» (1). وأكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ على أَنَّها في رمضانَ، وكان ابنُ مسعودٍ يَقُولُ: مَنْ يَقُمِ الحَوْلَ يُصِبْها. يُشِيرُ إلى أنَّها في السَّنَةِ كُلِّها. وفي كتابِ اللهِ تعالى ما يُبَيِّنُ أنَّها في رمضانَ؛ لأنَّ اللهَ تعالى أَخْبَرَ أنَّه أَنْزَلَ القُرْآنَ في لَيْلَةِ القَدْرِ، وأَنَّه أَنْزَلَه في رمضانَ، فيَجبُ أن تَكُونَ في رمضانَ، لئَلَّا يَتَناقَضَ الخَبَران، ولأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَر أَنَّها في رمضانَ في حَدِيثِ أبى ذَرٍّ، وقال:«الْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فِي كُلِّ وِتْرٍ» . مُتَّفَقٌ عليه (2). وقال أُبَىُّ بنُ كَعْبٍ: واللهِ لقد عَلِم ابنُ مسعودٍ أنَّها في رمضانَ، ولكِنَّه كَرِهَ أن يُخْبِرَكُم، فَتَتَّكِلُوا. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُسْتَحَبُّ طَلَبُها في جَمِيعِ لَيالِى رمضانَ، وفي العَشْرِ الأَواخِرِ آكَدُ، وفي لَيالِى الوِتْرِ آكَدُ. قال أحمدُ: في العَشْرِ الأواخِرِ، في وِتْرٍ مِن اللَّيالِى، لا يُخْطِئُ إن شاء اللهُ. كذا رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«اطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فِي ثَلَاثٍ بَقِينَ، أَوْ سَبْعٍ بَقِينَ، أَوْ تِسْعٍ بَقِينَ» (3). وروَى سالِمٌ عن أبيه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ
(1) أخرجه البيهقى، في: باب الدليل على أنها في كل رمضان، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 307.
(2)
لم يرد هذا اللفظ من حديث أبي ذر، وإنما من حديث أبي سعيد الآتى تخريجه في صفحة 557.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب ما قالوا في ليلة القدر واختلافهم فيها، من كتاب الصيام. المصنف 3/ 75، 76.