الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} [التوبة: 61]، {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} [الأحزاب: 53]، والمشار إليه هو دخول بيوت النبي صلى الله عليه وسلم بغير طَلَبه، ولو استِئْناسًا لحديث.
هذا وفي ضوء الأصل يمكن تفسير الأذى في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] بأنه بالنسبة للمرأة -إفراز- كما هو بالنسبة للرجل أذًى نَفْسِيٌّ مقزز. كذلك يصلح في قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: 16]، تفسيرُ الإيذاء بأن يكون مَعْنويًا بالقول المؤلم وبأن يكون حسيًّا بالضرب ونحوه -[وَانظر طب 8/ 84]. وكل ما جاء في القرآن من (الأذى والإيذاء) فمعناه الإيلام النفسي (التكرّه)، أو البدني غير المبرح. وتأمل {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ} [النساء: 102] {أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] أي هوامّ الشعر [ينظر قر 2/ 383].
هذا، وكَوْن الأَذَى البدني غير مبرح يناسب التهوين من شأن مكروهه بالنسبة للضرر -كما قد يؤخذ من قوله تعالى:{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} [آل عمران: 111]. وفي [تاج]: أن "الأذى هو المكروه اليسير/ الشر الخفيف ".
الذال والباء وما يثلثهما
•
(ذبب- ذبذب):
{وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} [الحج: 73]
"ذُبَاب السيف -كصُدَاع: حَدُّ طَرَفه الذي بين شَفْرَتيه، ومن أُذُنَيْ، الفَرَس: ما حَدّ من طرفيهما. وذُباب أسنان الإبل: حَدّها. وأذبُّ البعير: نابُه ".
° المعنى المحوري
حادٌّ دقيقُ الجِرم يسبق أو ينفذ باندفاع (1): كحَدّ طَرَف السيفِ وكالنابِ وحَدّ الأسنان، وطَرَف أُذُنّى الفرس مجمع الدقة والجفاف.
ومن الحدّة في صورة الجفاف: "ذَبَّتْ شَفَتُه: يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبُلَتْ من شدة العطش أو لغيره، وكذا ذَبَّ لسانُه، وجسمه: ذَبُل وهُزِل، والنَبْتُ: ذَوَى، والغديرُ: جَفَّ في آخر الجَزْء، والرجُلُ: شحُب لونُه. وصدَرَت الإبلُ وبها ذُبابة أي بقية عطش ".
ومما لحُظت فيه الطَرَفية (أو الدقة) وفيه حِدّة ما: "ذبابُ العين: إنسانُها (الصورة الدقيقة في وسط سواد العين). والذُبَابة: بقيةُ الدَيْن "(ثقل الدين جَفاء).
أما "الذباب الذي يكون في البيوت يسقط في الطعام "(هكذا عرّفوه) فقد لَحَظُوا فيه دِقّته وحِدَّة اندفاعه (امتداد) ولَدْغَه أحيانًا، والاشمئزازَ منه -وكل ذلك حدة)، {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73]. ومن الملحظ ذاته: "الذُبَابُ: الطاعون " (يخْتَرق بحدة،
(1)(صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثخين رطب بدقة وقوة، والباء عن تجمع رخوُ وتلاصق، ويعبر الفصل منهما عن نتوء أو نفاذ بقوة من/ أو فى/ جرم متجمع كما في ذباب السيف والأسنان إلخ (ثخانة النافذ اعتبرت هنا غِلظا. والغِلظ عام يؤخذ منه الجفاف والحدّة). وفي (ذأب) تزيد ضغطة الهمزة قوة الخروج فيعبر التركيب معها عن قوة النفاذ من الأثناء كما في ذؤابة الجبل. واما في (ذَبَح) فتعبر الحاء عن احتكاك بجفاف وعرض، ويعبر التركيبُ معها عن شَقٍّ غائر (نفاذ) في جرم ملتحم ليس أجوف (يحقق الاحنكاك) كما في ذَبح الشاة وغيرها من رقبتها (فلا يعبر بالذبح عن بقر بطنها مثلًا).
إذ لا يُفْلت من أصابه). وكذلك الذُّبَاب: الجُنون " (حدة تنفذ فتدمر العقل).
ومن مجاز ذلك "رجل مخشى الذُّبَاب: أي الجَهْل، وأصاب فلانًا من فلان ذُبابٌ لاذع: أي شر ". أما ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا طويل الشعر فقال "ذباب "فقد فسروه بالشؤم وهذا واضح بالنظر إلى استعمال اللفظ في الطاعون والحدة إلخ في ما سبق. والتفسير المادي (أن الرجل ترك شعره طويلًا مُشَعَّثًا يؤذي النظر) أليق برفق النبيّ صلى الله عليه وسلم، فما كان ليصم أحد أصحابه بالشؤم.
ومن معنى الاندفاع مع حدّة في المعنى الأصلي، جاء استعمال "الذَبّ بمعنى الدَفْع والطَرْد. "فلان يَذُبّ عن حريمه "أي يدفع عنهم. وقالوا كذلك:"ذَبْذَبَ الرجلُ: مَنَع الجِوَار والأهلَ أي حَماهم (: دافع عنهم -وكأن التضعيف تعبير عن المداومة)، والذَبِّىّ- بتضعيف الباء والياء: الجِلواز "(وفُسِّرَ بالشُرطيّ. والنظر إلى معنى تركيب جَلَز يَقْضِي أن يفسر الجلواز بالوازع وهو الذي يدفع الناس عن الحاكم).
والصيغة القاصرة (ذَبّ يَذِبّ -بكسر عين المضارع- تعطي معنى المطاوعة فتفسر ب): اخْتَلَف، (أي سارَ ذهابًا وجيئة لم يستقر على اتجاه كأنه يُدْفع إلى هنا ثم إلى هنا) و "بعير ذَبٌّ: لا يتقارّ في موضعه ". ويوصف الثور الوحشي بأنه "ذَبُّ الرِياد " (كأن المقصود أنه حَادّ الرِياد قصيرُه، لأنه لا يستقر في اتجاه، بل يختلف فيندفع في اتجاه ويعود في عكسه يَرُود بِحِدّة فيذهب ويجيء).
ومن هذا مع المضاعفة "بُرْدة لها ذَباذب أي أهداب وأطراف (تتذبذب) واحدها ذِبْذِب -بالكسر ". وَ "الذبذبة: -بالفتح: تَرَدُّد الشيء المعلَّق في الهواء "كأن الأصل أنه يُدْفَع إلى اتجاه ثم إلى عَكْسه على التوالي. "رَجُل مُذَبذِب