الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة
214 -
[159] عَن عَائِشَةَ؛ قالت: قُلتُ: يَا رسولَ الله! ابنُ جُدعَانَ كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطعِمُ المِسكِينَ، فَهَل ذَلكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: لا يَنفَعُهُ إِنَّهُ لَم يَقُل يَومًا: رَبِّ اغفِر لِي خَطِيئَتِي يَومَ الدِّينِ.
رواه أحمد (6/ 93 و 120)، ومسلم (214).
[160]
وَعَن أَنسٍ؛ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رسولَ الله! أَينَ أَبِي؟ قَالَ: فِي النَّارِ. فَلمَا قَفى دَعَاهُ فَقَالَ: إِنَّ أبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ.
رواه أحمد (3/ 119 و 177 و 268)، ومسلم (203)، وأبو داود (4718).
ــ
(66)
ومن باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح
(قول عائشة: هل ذلك نافعه؟ ) معناه: هل ذلك مخلصه من عذاب الله المستحق بالكفر؟ فأجابها بنفي ذلك، وعلله بأنه لم يؤمن. وعبّر عن الإيمان ببعض ما يدلّ عليه وهو قوله: لم يقل: ربِّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين. ويقتبس منه أن كل لفظ يدلّ على الدخول في (1) الإسلام اكتفي به، ولا يلزم من أراد الدخول في الإسلام صيغة مخصوصة مثل كلمتي الشهادة، بل أي شيء دلّ على صحة إيمانه ومجانبة ما كان عليه اكتفي به في الدخول في الإسلام، ولا بد له مع ذلك من النطق بكلمتي الشهادة، فإن النطق بهما واجب مرة في العمر.
(1) قوله: (الدخول في) ساقط من (ع).
[161]
وَعَنهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ لا يَظلِمُ مُؤمِنًا حَسَنَة، يُعطَى بِها فِي الدُنيا ويُجزَى بِها فِي الآخِرةِ. وأَمَّا الكَافِرُ فَيُطعَم بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ للهِ بِها فِي الدُنيَا حَتى إِذا أَفضَى إِلى الآخِرةِ لَم تَكُن لَه حَسَنَةٌ يُجزَى بها.
رواه أحمد (3/ 123 و 283)، ومسلم (2808).
ــ
و(قوله: إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنةً) يعني: لا ينقصه ولا يمنعه ثوابها في الدار الآخرة والأولى.
و(قوله: وأما الكافر، فيطعم بحسنات) هكذا رواه الجماعة، ورواه ابن ماهان: فيعطى بحسنات، وكلاهما صحيح المعنى. وتسمية ما يصدر عن الكافر حسنة، إنما كان بحسب ظنّ الكافر، وإلا فلا تصح منه قربة؛ لعدم شرطها الذي هو الإيمان، أو سميت حسنة؛ لأنها تشبه صورة حسنة المؤمن ظاهرًا. ثمّ هل يعطى الكافر بحسناته في الدنيا ولا بدّ، فحكم هذا الوعد الصادق؟ أو ذلك مقيَّد بمشيئة الله المذكورة في قوله تعالى: مَن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُرِيدُ وهذا هو الصحيح. وأمّا المؤمن، فلا بدّ له من الجزاء الأخرويّ كما قد عُلم من الشريعة.
و(قوله في الكافر: لم تكن له حسنةٌ يجزى بها) أي: لا يتخلّص من العذاب بسببها، وأمّا التخفيف عنه بسببها، فقد يكون على ما قرّرناه، والله تعالى أعلم.
و(قوله: فلمّا قفَّى) أي: ولّى قفاه.
و(قوله عليه الصلاة والسلام: إنّ أبي وأباك في النار) جبرٌ للرجل ممّا أصابه، وأحاله على التأسّي حتّى تهون عليه مصيبته بأبيه؛ وذلك لَمَّا حفظ الحرمة، ولم يقل: أين أبوك؟ بخلاف من قال ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: حيثما مررتَ بقبر
[162]
وَعَن عمرو بنِ العَاصِ، قَالَ: سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، جِهَارًا غَيرَ سِرٍّ، يَقُولُ: أَلا إِنَّ آلَ أَبِي - يَعنِي فُلانًا - لَيسُوا لِي بِأَولِيَاءَ. إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِح المُؤمِنِينَ.
رواه أحمد (4/ 203)، والبخاري (5990)، ومسلم (215).
* * *
ــ
كافر فبشِّره بالنار، فكان الرجل يفعل ذلك، فشقَّ عليه حتّى قال: لقد كلَّفني رسول الله صلى الله عليه وسلم شططًا، ذكره النسائيّ (1).
و(قوله: ألا إنّ آل أبي فلان) كذا للسمرقنديّ، ولغيره: ألا إنّ آل أبي يعني: فلانًا، وفي رواية: فلانٍ على الحكاية، وهذا كناية عن قومٍ معينين كره الراوي تسميتهم؛ لما يُخاف ممّا يقع في نفوس ذراريهم المؤمنين. وقيل: إن المَكنِى عنه: هو الحكم بن أبي العاصي.
وفائدة الحديث انقطاع الولاية بين المسلم والكافر وإن كان قريبًا حميمًا. وقد وقع في أصل كتاب مسلم موضع فلان أبيض لم يكتب عليه شيء (2)، وفلان: كناية عن اسم علم كتب في ذلك إصلاحا له (3).
(1) لم يروه النسائي في المجتبى ولا في السنن الكبرى، بل رواه ابن ماجه (1573) من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما. وانظر: تحفة الأشراف (5/ 365).
(2)
ساقط من (ع).
(3)
أي: كتبت لفظة (فلان) في المكان الأبيض من أصل صحيح مسلم، مَلأً للفراغ وإصلاحًا للكتابة.