الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحِلابِ: إنَاء ضَخم يُحلَبُ فِيهِ.
رواه البخاري (262 و 272)، ومسلم (318).
* * *
(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها
[249]
عَن عَائِشَةَ؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغتَسِلُ مِن إِنَاءٍ - هو الفَرَقُ - مِنَ الجَنَابَةِ. قَالَ سُفيَانُ: الفَرَقُ ثَلاثَةُ آصُعٍ.
رواه أحمد (6/ 161)، والبخاري (250)، ومسلم (319)، وأبو داود (238)، والنسائي (1/ 127).
ــ
وقد وهم من ظنه من الطيب، والذي هو من الطيب هو من المَحلبَ، بفتح الميم واللام. وكذلك وهم من قال فيه: الجلاب بالجيم المضمومة، قال الهروي. وفسرهُ الأزهريُّ بأنه هُنا ماء الورد، قال: وهو فارسيٌّ معربٌ.
(26)
ومن باب قدر الماء
(قوله: من إناء هو الفرق) يقال: بفتح الراء وسكونها، حكاهما ابن دريد، وتقديره بثلاثة آصع، وهو قول الجمهور، وقال أبو الهيثم: هو إناء يأخذ ستة عشر رطلاً، وقال غيره: هو إناءٌ ضخمٌ من مكاييل العراق، وقيل: هو مكيال أهل المدينة.
و(قول سفيان: ثلاثة آصع) يروى هكذا. ويُروى: أصوُعٌ، وكلاهما صحيح الرواية، وهو جمع صاع، ويقال: صُواعٌ وصُوعٌ، وهو جمع قلة، وأصله أصوُعٌ، بواو مضمومة، كدارٍ وأدوُرٍ، غير أن من العرب من يستثقل الضمة هنا على
[250]
وَعَن أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ؛ قَالَ: دَخَلتُ عَلَى عَائِشَةَ، أَنَا وَأَخُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَسَأَلَهَا عَن غُسلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الجَنَابَةِ؟ فَدَعَت بِإِنَاءٍ قَدرِ الصَّاعِ، فَاغتَسَلَت، وَبَينَنَا وَبَينَهَا سِترٌ. فَأَفرَغَت عَلَى رَأسِهَا ثَلاثًا.
ــ
الواو فيبدلها همزةً، فيقول: أصؤُعٌ، كما يقول أدؤرٌ، وهو مكيال أهل المدينة المعروف فيهم، وهو يسعُ أربعة أمداد، بمد النبي صلى الله عليه وسلم.
والمكوك، بفتح الميم وتشديد الكاف، وهو مكيال، وهو ثلاث كيلجات، والكيلجة: مَنًا وسبعة أثمان مَنَا، والمنَا: رطلان، والرطل: اثنتا عشرة أوقية، والأوقية: إستار وثلثا إستار، والإستار: أربعة مثاقيل ونصف، والمثقال: درهم وثلاثة أسباع درهم، والدرهم: ستة دوانق، والدانق: قيراطان، والقيراط: طسوجان، والطسوجُ: حبتان، والحبة: سدس ثمن درهم، وهو جزء من ثمانية وأربعين جزءًا من درهم. والجمع مكاكيك، كله من الصحاح، وفي غيرها، وتجمع أيضًا: مكاكيّ، وهو مكيال لأهل العراق، يسع صاعًا ونصف صاع بالمدني.
قال الشيخ: والصحيح: أن المكوك في حديث أنس المراد به المد؛ بدليل الرواية الأخرى فيه أيضًا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد.
تنبيه: اعلم أن اختلاف هذه المقادير، وهذه الأواني، يدل على أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يراعي مقدارًا مؤقتًا، ولا إناءً مخصوصًا، لا في الوضوء ولا في الغسل، وأن كل ذلك بحسب الإمكان والحاجة، ألا ترى أنه تارةً اغتسل بالفرق أو منهُ، وأخرى بالصاع، وأخرى بثلاثة أمداد.
والحاصل: أن المطلوب إسباغُ الوضوء والغسل من غير إسراف في الماء، وأن ذلك بحسب أحوال المغتسلين. وقد ذهب ابن شعبان: إلى أنه لا يجزئ في ذلك أقل من مدّ في الوضوء، وصاع في الغسل. وحديث الثلاثة الأمداد يرد عليه، والصحيح الأول.
و(قوله: فاغتسلت وبيننا وبينها ستر) ظاهر هذا الحديث أنهما أدركا عملها
قَالَ: وَكَانَ أَزوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَأخُذنَ مِن رُؤوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالوَفرَةِ.
رواه أحمد (6/ 72)، والبخاري (251)، ومسلم (320).
[251]
وَعَنهَا؛ أَنَّهَا كَانَت تَغتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ. يَسَعُ ثَلاثَةَ أَمدَادٍ، أو قَرِيبًا مِن ذَلِكَ.
وَعَنهَا، قَالَت: كُنتُ أَغتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن إِنَاءٍ - بَينِي وَبَينَهُ -
ــ
في رأسها وأعلى جسدها مما يحل لذي المحرم أن يطلع عليه، من ذوات محارمه، وأبو سلمة ابن أخيها نسبًا، والآخر أخوها رضاعة، وتحققا بالسَّماع كيفية غسل ما لم يشاهداه من سائر الجسد، ولولا ذلك لاكتفت بتعليمها بالقول، ولم تحتج إلى ذلك الفعل، وقد شوهد غسل النبي صلى الله عليه وسلم من وراء الثوب، وطؤطئ عن رأسه حتى ظهر لمن أراد رؤيتهُ.
وإخباره عن كيفية شعور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يدل على رؤيته شعرها، وهذا لم يختلف في جوازه لذي المحرم، إلا ما يحكى عن ابن عباس من كراهة ذلك.
و(قوله: حتى تكون كالوفرة) الوفرة: أسبغ من الجُمَّة، واللَّمَّة: ما ألم بالمنكبين، قاله الأصمعي. وقال غيره: الوفرة: أقلها، وهي التي لا تجاوز الأذنين، والجمة أكثر منها (1)، واللّمة: ما طال من الشعر، وقال أبو حاتم: الوفرة: ما غطى الأذنين. والمعروف أن نساء العرب إنما كن يتخذن القرون والذوائب، ولعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعلن هذا بعد موته صلى الله عليه وسلم تركًا للزينة، وتخفيفا للمؤنة.
و(قول عائشة: إنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يسع ثلاثة أمداد) تعني: مفترقين، أو سمَّت الصاع: مُدًّا، كما قالت في الفَرَق الذي كان يسع ثلاثة آصع، وكأنها قصدت بذلك التقريب، ولذلك قال فيه: أو قريبًا من
(1) ساقط من (ع).
وَاحِدٍ. فَيُبَادِرُنِي، حَتَّى أَقُولَ: دَع لِي، دَع لِي. قَالَت: وَهُمَا جُنُبَانِ.
رواه البخاري (260)، ومسلم (321)، وأبو داود (77)، والنسائي (1/ 127).
[252]
وَعَن مَيمُونَةَ أَنَّهَا كَانَت تَغتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ. وَمِثلهُ عَن أُمِّ سَلَمَةَ.
رواه البخاري (253)، ومسلم (322)، والترمذي (62)، والنسائي (1/ 129).
ــ
ذلك، وإنما احتجنا إلى هذا التأويل لأنه لا يتأتى أن يغتسل اثنان من ثلاثة أمداد لقلتها، والله أعلم.
وهذا يدل على استحباب التقليل مع الإسباغ، وهو مذهب كافة أهل العلم والسُّنة، خلافًا للإباضيَّةِ والخوارج. واتفق العلماء على جواز اغتسال الرجل وحليلته ووضوئهما معًا من إناء واحدٍ، إلا شيئًا رُوي في كراهية ذلك عن أبي هريرة، وحديث ابن عمر وعائشة وغيرهما يردُّه، وإنما الاختلاف في وضوئه أو غسله من فضلها، فجمهور السلف وأئمة الفتوى على جوازه، وروي عن ابن المسيب والحسن: كراهة فضل وضوئها، وكره أحمد فضل وضوئها وغسلها. وشرط ابن عمر: إذا كانت حائضًا أو جنبًا. وذهب الأوزاعي إلى جواز تطهر كل واحد منهما بفضل صاحبه (1) ما لم يكن أحدهم جنبًا، أو المرأة حائضًا.
وسبب هذا الاختلاف: اختلافهم في تصحيح أحاديث النهي الواردة في ذلك، ومن صححها اختلفوا أيضًا في الأرجح منها، أو مما يعارضها، كحديث ميمونة أنه عليه الصلاة والسلام: كان يغتسل بفضلها، وكحديث ابن عباس الذي خرجه الترمذي وصححه، قال فيه: اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة، فأراد
(1) فى (ع): أخيه.
[253]
وَعَن عمرو بنِ دِينَارٍ؛ قَالَ: أَكبَرُ عِلمِي، وَالَّذِي يَخطِرُ عَلَى بَالِي، أَنَّ أَبَا الشَّعثَاءِ أَخبَرَنِي، أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ أَخبَرَهُ، أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغتَسِلُ بِفَضلِ مَيمُونَةَ.
رواه أحمد (1/ 366)، والبخاري (253)، ومسلم (323)، والترمذي (62)، والنسائي (1/ 129)، وابن ماجه (372).
[254]
وَعَن أَنَسٍ؛ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ وَيَغتَسِلُ بِالصَّاعِ، إِلَى خَمسَةِ أَمدَادٍ.
ــ
النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه فقالت: إني كنت جنبًا، فقال: إن الماء لا يجنب (1).
ولا شك في أن هذه الأحاديث أصح وأشهر عند المحدثين، فيكون العمل بها أولى، وأيضًا فقد اتفقوا على جواز غسلهما معًا، مع أن كل واحد منهما يغتسل بما يُفضله صاحِبُه عن غَرفه.
و(قول عمرو بن دينار: أكبر علمي، والذي يخطر ببالي أن أبا الشعثاء أخبرني) ذهب بعضهم إلى أن هذا مما يُسقطُ التمسك بالحديث؛ لأنه شك في الإسناد، والصحيح فيما يظهر لي: أنه ليس بمسقطٍ له من وجهين:
أحدهما: أن هذا غالب ظن، لا شك، وأخبار الآحاد إنما (2) تفيد غلبة الظن، غير أن الظن على مراتب في القوة والضعف، وذلك موجب للترجيح بهذا الحديث وإن لم يسقط بأن عارضه ما جزم الراوي فيه بالرواية كان المجزوم به أولى.
والوجه الثاني: أن حديث ابن عباس قد رواه الترمذي من طريق آخر وصححه، كما قدمناه، ومعناه معنى حديث عمرو، وليس فيه شيء من ذلك التردد، فصح ما ذكرناه، والله تعالى أعلم.
(1) رواه أبو داود (68)، والترمذي (65)، وابن ماجه (370).
(2)
ساقط من (ع).