الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار
[209]
عَنِ المُغِيرَةِ؛ قَالَ: تَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَخَلَّفتُ مَعَهُ. فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ، قَالَ: أَمَعَكَ مَاءٌ؟ فَأَتَيتُهُ بِمِطهَرَةٍ، فَغَسَلَ كَفَّيهِ وَوَجهَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يَحسِرُ عَن ذِرَاعَيهِ فَضَاقَ كُمُّ الجُبَّةِ، فَأَخرَجَ يَدَهُ مِن تَحتِ الجُبَّةِ، وَأَلقَى الجُبَّةَ عَلَى مَنكِبَيهِ، وَغَسَلَ ذِرَاعَيهِ، وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى العِمَامَةِ
ــ
الآخر للشافعي، وأقوى ما يتمسك به لمشهور مذهب مالك حديث عقبة بن عامر، الذي خرجه الدارقطني، وصححه، قال: خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة، فدخلت المدينة يوم الجمعة، ودخلتُ على عمر، فقال لي: متى أولجت خُفّيكَ في رجليك؟ قلت: يوم الجمعة، فقال: فهل نزعتهما؟ قلت: لا، قال: أصبت السُّنة (1). ومثل هذا يشيع، ولم ينكره أحد، مع أنه قال فيه: أصبت السنة. وهذا ملحقٌ بالمُسند المرفوع. وأما حديث أبي عِمارة الذي قال فيه: امسح ما شئت، ما بدا لك. فقال فيه أبو داود: ليس بالقوي، ومآل هذا: أن حديث عقبة يعارض حديث علي، غير أن حديث عقبة وافقه عمل الصحابة، فهو أولى عنده، والله تعالى أعلم.
(13)
ومن باب المسح على الناصية والعمامة والخمار (2)
(قوله في الرواية الأخرى: ومسح بناصيته وعلى العمامة) تمسّك أبو حنيفة وأشهب من أصحابنا بهذا الحديث على إجزاء مسح الناصية فقط، ولا حجة لهما فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر عليه، وأنه مسح على الناصية وعلى
(1) رواه الدارقطني في سننه (1/ 196).
(2)
هذا الباب سقط من المفهم، وأثبتناه من التلخيص.
وَعَلَى خُفَّيهِ. ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبتُ، فَانتَهَينَا إِلَى القَومِ وَقَد قَامُوا فِي الصَّلاةِ، يُصَلِّي بِهِم عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ، وَقَد رَكَعَ بِهِم رَكعَةً. فَلَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَومَأَ إِلَيهِ، فَصَلَّى بِهِم. فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُمتُ. فَرَكَعنَا الرَّكعَةَ الَّتِي سَبَقَتنَا.
ــ
كل العمامة. واحتج به الشافعي وأحمد بن حنبل: على جواز المسح على العمامة، وأنه يجزئ، ولا حجة لهما فيه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقتصر عليها، بل مسح معها الناصية. واشترط بعض من أجاز المسح على العمامة أن يكون لبسها على طهارة كالخفين، وزاد بعضهم: أن تكون بحنك (1)؛ ليكون في نزعها مشقة.
وذهب مالك وجل أصحابه إلى أن الرأس على حائل لا يجوز، تمسكًا بظاهر قوله تعالى: وَامسَحُوا بِرُءُوسِكُم وهذا يقتضي المباشرة، كقوله في التيمم: فَامسَحُوا بِوُجُوهِكُم إلا أن يدعو إلى ذلك ضرورة مرض أو تخوف على النفس، فحينئذ يجوز المسح على الحائل، كالحال في الجبائر والعصائب (2).
وحمل بعض أصحابنا هذا الحديث على أنه عليه الصلاة والسلام كان به مرض منعه من كشف رأسه كله، أو توقُعه توقُعًا صحيحًا، وهذه طريقة حسنةٌ، فإنه تمسك بظاهر الكتاب، وتأول هذه الواقعة المعينة، ويتأيد تأويله (3) بأمرين:
أحدهما: أن هذه الواقعة كانت في السفر، وهو مظنّة الأعذار والأمراض.
والثاني: أنه مسح من رأسه الموضع الذي لم يؤلمه أو لم يتوقع فيه شيئًا.
ومسحه عليه الصلاة والسلام جميع العمامة دليلٌ لمالك: على وجوب عموم الرأس؛ إذ قد نزّل العمامة عند الضرورة منزلة الرأس، فمسح جميعها، كما فعل
(1) أي: تُدار العِمامة من تحت الحَنَك.
(2)
"العصائب": جمع عصابة، وهي: ما يعصب به الجرح.
(3)
ما بين حاصرتين سقط من (ع) واستدرك من عدّة نسخ.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَفزَعَ ذَلِكَ المُسلِمِينَ، فَأَكثَرُوا التَّسبِيحَ. فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلاتَهُ، أَقبَلَ عَلَيهِم، ثُمَّ قَالَ: أَحسَنتُم - أو قَد أَصَبتُم - يَغبِطُهُم أَن صَلَّوُا الصَّلاةَ لِوَقتِهَا.
رواه مسلم (274).
[210]
وَعَن بِلالٍ؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ وَالخِمَارِ.
رواه أحمد (6/ 12 و 13)، ومسلم (275)، وأبو داود (153)، والترمذي (101)، والنسائي (1/ 75 - 76).
* * *
ــ
في الخفين، والله تعالى أعلم. ومبادرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى تقديم عبد الرحمن عند تأخر النبي صلى الله عليه وسلم عن الوقت الذي كان يوقع فيه الصلاة؛ فيه دليل على محافظتهم على أول الوقت، وبه احتج الشافعي وغيره على هذا، ويحتمل: أن يكونوا يئسوا من وصوله إليهم في الوقت بتقديرهم، أنه أخذ في طريق أخرى، أو أنه عرس (1)، ألا ترى فزعهم حين أدركهم النبي صلى الله عليه وسلم يصلون؟ ! فدل على أنهم لم يبادروا إلى أول الوقت، ولا أخروها آخره، والأشبه: أنهم انتظروه إلى الوقت المعهود؛ بدليل قوله: فغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها، فلما خرج ذلك الوقت؛ تأولوا أنه صلى، أو أخذ طريقًا أخرى، أو أنه عرس، فقدموا عبد الرحمن، وفيه أبوابٌ من الفقه لا تخفى على متأملٍ.
والمطهرة الإناء الذي يتطهر به. ويحسُر عن ذراعيه يكشف عنهما. والناصية مقدمُ شعر الرأس.
و(قوله في حديث بلال: مسح على الخفين والخمار) الخمار هنا: هي
(1)"عرَّس": نزل آخر الليل للراحة.