الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به
155 -
[122] عَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَاللهِ! لَيَنزِلَنَّ ابنُ مَريَمَ حَكَمًا عَادِلاً، فَلَيَكسِرَنَّ الصَّلِيبَ، وَلَيَقتُلَنَّ الخِنزِيرَ، وَلَيَضَعَنَّ الجِزيَةَ، وَلتَترُكَنَّ القِلاص، فَلا يُسعَى عَلَيهَا، وَلَتَذهَبَنَّ الشَّحنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ
ــ
(51)
ومن باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام
(قوله: لَينزلنّ فيكم ابنُ مريم حَكَمًا مُقسِطًا) وفي رواية: عادلاً - مفسّرًا -. يقال: أَقسَطَ الرجلُ يُقسِطُ؛ أي: عدل، ومنه قوله تعالى:{وَأَقسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقسِطِينَ} وقَسَطَ يَقسُطُ قُسوطًا وقِسطًا؛ أي: جار، ومنه قوله تعالى:{وَأَمَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} وقتلُ عيسى للخنزير وكسره الصليب يدلّ على أنّ شيئًا من ذلك لم يسوِّغه لهم، وأنّ ذلك لا يقر إذا تمكّن من تغييره وإزالته. وقيل معنى قوله: ويكسّر الصليب؛ أي: يبطل أمرُه ويُكسر حكمُه، كما يقال: كسر حجّته.
و(قوله: وليضعن الجزية) قيل: يُسقطها فلا يقبلها من أحدٍ، وذلك لكثرة الأموال؛ إذ تقيء الأرض أفلاذ كبدها، فلا يكون في أخذها منفعة للمسلمين، فلا يقبل من أحد إلا الإيمان. وقيل: يضربها على كلّ صنف من الكفّار؛ إذ قد أذعن الكلّ له فإمّا بالإسلام، وإمّا بأن ألقوا بأيديهم. والتأويل الأوّل أولى؛ لقوله بعد هذا: ولتتركنّ القلاص، فلا يُسعى عليها؛ أي: لا تطلب زكاتها، كما جاء في الحديث الآخر. والقلاص: جمع قَلوص، وهي من الإبل كالفتاة من النساء والحدث من الرجال. وهذا كقوله تعالى: وَإِذَا العِشَارُ عُطِّلَت؛ أي: زُهِد فيها وتُرِكت، وإن كانت أحبَّ الأموال إليهم الآن.
والشحناء والتباغُض والعداوة بمعنى واحد. والتحاسد: الحسد، وهو أن
وَالتَّحَاسُدُ، وَلَيَدعُوَنَّ إِلَى المَالِ فَلا يَقبَلُهُ أَحَدٌ.
رواه أحمد (2/ 494)، والبخاري (3448)، ومسلم (155)، وأبو داود (4324)، والترمذي (2234).
[122 / م] وعَنهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَيفَ أَنتُم إِذَا نَزَلَ ابنُ مَريَمَ فِيكُم وَإِمَامُكُم مِنكُم؟
وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَمَّكُم مِنكُم. قَالَ ابنُ أَبِي ذِئبٍ: تَدرِي مَا أَمَّكُم مِنكُم؟ قَالَ: فَأَمَّكُم بِكِتَابِ رَبِّكُم عز وجل وَسُنَّةِ نَبِيِّكُم صلى الله عليه وسلم.
رواه أحمد (2/ 336) والبخاري (3449) ومسلم (155)(245).
ــ
يتمنّى زوالَ نعمة الله عن المسلم. والغبطة: أن تتمنّى أن يكون لك مثلها من غير أن تزول عنه، وهو التنافس أيضًا.
و(قوله: حتّى تكونَ السجدةُ الواحدةُ خيرًا من الدنيا وما فيها) معناه: أنّ الصلاة تكون أفضلَ من الصدقة؛ لفيض المال إذ ذاك، لعدم الانتفاع به. وأهل الحجاز يُسمُّون الركعة سجدة.
و(قوله: وإمامكم منكم وأمكم أيضًا) قد فسّره ابن أبي ذئب في الأصل، وتكميله أن عيسى عليه السلام لا يأتي لأهل الأرض بشريعة أخرى، وإنّما يأتي مقرِّرًا لهذه الشريعة، ومجدِّدًا لها؛ لأنّ هذه الشريعة آخر الشرائع، ومحمّد صلى الله عليه وسلم آخر الرسل. ويدلّ على هذا دلالةً واضحةً قولُ الأمير لعيسى: تعال صلِّ لنا، فيقول: لا، إنّ بعضَكم على بعض أمراء؛ تكرمةَ الله هذه الأمّة.
وتكرمة منصوب على أنه مفعول من أجله. وظاهرين: غالبين عالين. ومنه قوله تعالى: لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ. وفجّ الروحاء موضع معروف.
[123]
وَعَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ؛ قَالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ. قَالَ: فَيَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ أَمِيرُهُم: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لا، إِنَّ بَعضَكُم عَلَى بَعضٍ أُمَرَاءُ، تَكرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ.
رواه مسلم (156).
[124]
وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: والَّذِي نَفس محمد بِيَدِهِ! لَيُهِلَّنَّ ابنُ مَريَمَ بِفَجِّ الرَّوحَاءِ حَاجًّا أو مُعتَمِرًا أو لَيَثنِيَنَّهُمَا.
رواه أحمد (2/ 513)، ومسلم (1252).
* * *
ــ
و(قوله: أو ليثنينّهما) يعني: ليقرننّ بينهما. أو يحتمل أن تكون إبهامًا على السامع؛ إذ ليس هذا من باب الأحكام، ولا تدعو الحاجة إلى التعيين، ويجوز بقاؤها على أصلها من الشكّ.
* * *