المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

[148]

عَن مَعبَدِ بنِ هِلالٍ العَنَزِيُّ؛ قَالَ: انطَلَقنَا إِلَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ وَتَشَفَّعنَا بِثَابِتٍ. فَانتَهَينَا إِلَيهِ وهو يُصَلِّي الضُّحَى. فَاستَأذَنَ لَنَا ثَابِتٌ. فَدَخَلنَا عَلَيهِ، وَأَجلَسَ ثَابِتًا مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ. فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا حَمزَةَ! إِنَّ إِخوَانَكَ مِن أهل البَصرَةِ يَسأَلُونَكَ أَن تُحَدِّثَهُم حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ. فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ، مَاجَ النَّاسُ بَعضُهُم إِلَى بَعضٍ، فَيَأتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ: اشفَع لِذُرِّيَّتِكَ. فَيَقُولُ: لَستُ لَهَا، وَلَكِن عَلَيكُم بِإِبرَاهِيمَ، فَإِنَّهُ خَلِيلُ اللهِ. فَيَأتُونَ إِبرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَستُ لَهَا، وَلَكِن عَلَيكُم بِمُوسَى، فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللهِ. فَيُؤتَى مُوسَى، فَيَقُولُ: لَستُ لَهَا، وَلَكِن عَلَيكُم بِعِيسَى، فَإِنَّهُ رُوحُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ، فَيُؤتَى عِيسَى، فَيَقُولُ: لَستُ لَهَا، وَلَكِن عَلَيكُم بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَأُوتَى فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا. فأَنطَلِقُ فَأَستَأذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤذَنُ لِي، فَأَقُومُ بَينَ يَدَيهِ، فَأَحمَدُهُ بِمَحَامِدَ لا أَقدِرُ عَلَيهِ الآنَ يُلهِمُنِيهِ اللهُ، ثُمَّ أَخِرُّ له سَاجِدًا. فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! ارفَع رَأسَكَ، قُل يُسمَع لَكَ، وَسَل تُعطَه، وَاشفَع تُشَفَّع. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! أُمَّتِي. أُمَّتِي، فَيُقَالُ: انطَلِق فَمَن كَانَ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبَّةٍ مِن بُرَّةٍ أو شَعِيرَةٍ مِن إِيمَانٍ فَأَخرِجهُ مِنهَا. فَأَنطَلِقُ

ــ

(61)

ومن باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أد ل النار من الموحدين

(قوله: فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبةٍ من برّة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها إلى أن قال: أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان) اختلف الناس في هذا الإيمان المقدّر بهذه المقادير، فمنهم من قال: هو اليقين، ورأى أنّ العلم يصحّ أن يقال فيه: إنه يزيد باعتبار توالي أمثاله على قلب المؤمن، وباعتبار دوام حضوره، وأنّه ينقص بتوالي الغفلات على قلب المؤمن.

ص: 441

فَأَفعَلُ. ثُمَّ أَرجِعُ إِلَى رَبِّي فَأَحمَدُهُ بِتِلكَ المَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا. فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارفَع رَأسَكَ، وَقُل يُسمَع لَكَ، وَسَل تُعطَه، وَاشفَع تُشَفَّع. فَأَقُولُ: أُمَّتِي. أُمَّتِي. فَيُقَالُ لِي انطَلِق فَمَن كَانَ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ مِن إِيمَانٍ فَأَخرِجهُ مِنهَا. فَأَنطَلِقُ فَأَفعَلُ. ثُمَّ أَعُودُ إِلَى رَبِّي فَأَحمَدُهُ بِتِلكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا. فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارفَع رَأسَكَ، وَقُل يُسمَع لَكَ، وَسَل تُعطَه، وَاشفَع تُشَفَّع، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! أُمَّتِي. أُمَّتِي. فَيُقَالُ لِي: انطَلِق فَمَن كَانَ فِي قَلبِهِ أَدنَى أَدنَى أَدنَى مِن مِثقَالِ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ مِن إِيمَانٍ فَأَخرِجهُ مِنَ النَّارِ. فَأَنطَلِقُ فَأَفعَلُ.

ــ

وهذا معقول، غير أنّ حملَ هذا الحديث عليه فيه بعدٌ؛ لما جاء من حديث أبي سعيد (1)، حيث قال الشافعون: لم نذر فيها خيرًا؛ مع أنه تعالى مخرج بعد ذلك جموعًا كثيرة ممن يقول: لا إله إلا الله وهم مؤمنون قطعًا، ولو لم يكونوا مؤمنين، لما خرجوا بوجهٍ من الوجوه، ولذلك قال تعالى: لأُخرّجن من قال لا إله إلا الله. وعن إخراج هؤلاء عبّر بقوله: فيقبض قبضةً فيخرج قومًا لم يعملوا خيرًا قط، فإذًا الأصحّ في تأويل هذا الحديث أن يكون الإيمان هنا أطلق على أعمال القلوب، كالنية والإخلاص والخوف والنصيحة وشبه ذلك من أعمال القلوب (2)، وسمّاها إيمانًا؛ لكونها في محل الإيمان أو عن الإيمان، على عادة العرب في تسمية الشيء باسم الشيء إذا جاوره، أو كان منه بسبب. وإنما قلنا: أراد به أعمال القلوب هنا دون أعمال الأبدان، لقوله: من كان في قلبه ووجدتم في قلبه فخصّه بالقلب، ولا جائز أن يكون التصديق على ما تقدّم، فتعيّن ما قلناه، والله أعلم. وذكر الحبّة ونصفها والمثقال ونصفه وأدنى من ذلك، هي كلها عبارات عن كثرة تلك الأعمال وقلتها.

(1) حديثُ أبي سعيد يأتي برقم (149).

(2)

ساقط من (م).

ص: 442

هَذَا حَدِيثُ مَعبَد عَن أَنَسٍ، وَزَادَ الحَسَنِ عَنهُ: ثُمَّ أَرجِعُ إِلَى رَبِّي فِي الرَّابِعَةِ، فَأَحمَدُهُ بِتِلكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارفَع رَأسَكَ، وَقُل يُسمَع لَكَ، وَسَل تُعطَ، وَاشفَع تُشَفَّع، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! ائذَن لِي فِيمَن قَالَ: لا إِلهَ إِلا اللهُ. قَالَ: لَيسَ ذَاكَ لَكَ - أو قَالَ: لَيسَ ذاكَ إِلَيكَ - وَلَكِن وَعِزَّتِي! وَكِبرِيَائِي! وَعَظَمَتِي! وَجِبرِيَائِي! لأُخرِجَنَّ مَن قَالَ: لا إِلهَ إِلا اللهُ.

رواه البخاري (7510)، ومسلم (193).

* * *

ــ

و(قوله: وعزتي وكبريائي وعظمتي) العزّة: القوة والغلبة، ومنه: وَعَزَّنِي فِي الخِطَابِ؛ أي: غلبني، ويقال أيضًا: عزَّ الشيء إذا قلّ، فلا يكاد يوجد مثله، يعِزّ عِزًّا وعزازة، وعزّ يعِزُّ عزَّةً، إذا صار قويًّا بعد ضعف وذلَّةً، فعزّة الله تعالى قهره للجبابرة وقوَّته الباهرة، وهو مع ذلك عديم المثل والنظير: لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ.

وأما الكبرياء والكِبر، فكلاهما مصدر كَبر في نفسه يكبر، وأصله من كِبَر السن أو كِبَر الجرم، لكن صار ذلك بحكم عُرف الاستعمال عبارة عن حصول كمال الذات يستلزم ترفيعا لها على الغير. ومن هاهنا كان الكبر قبيحًا ممنوعًا في حقنا، واجبًا في حق الله تعالى. وبيانه: أنَّ الكمال الحقيقيَّ المطلق لا يصحّ إلا لله تعالى، وكمال غيره إنما هو عرض نسبيّ، فإذا وصَف الحقُ نفسَه بالكِبَر ونسبه إليه، كانت النسبة حقيقةً في حقه؛ إذ لا أكملَ منه ولا أرفعَ، فكلّ كاملٍ ناقص، وكل رفيع محتقر بالنسبة إلى كماله وجلاله. والعظمة بمعنى الكبرياء، غير أنها لا تستدعي غيرًا يُتَعاظم عليه كما يستدعيه الكِبر على ما بيّنا، وأيضًا فقد يُستعمل الكبير فيما لا يُستعمل فيه العظيم، فيقال: فلان كبير السنِّ، ولا يقال: عظيم السن.

و(قوله: وجِبريائي بكسر الجيم، فمعناه: بجبروتي، والجبّار: العظيم

ص: 443