الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض
[259]
عَن عَائِشَةَ؛ أَنَّ أَسمَاءَ بِنتُ شَكَلٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَن غُسلِ المَحِيضِ؟ فَقَالَ: تَأخُذُ إِحدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدرَتَهَا فَتَطَهَّرُ، فَتُحسِنُ الطُّهُورَ. ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأسِهَا فَتَدلُكُهُ دَلكًا شَدِيدًا، حَتَّى تَبلُغَ شُؤُونَ رَأسِهَا. ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيهَا المَاءَ. ثُمَّ تَأخُذُ فِرصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا، فَقَالَت أَسمَاءُ: وَكَيفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ: سُبحَانَ اللهِ! تَطَهَّرِينَ بِهَا، فَقَالَت عَائِشَةُ - وكَأَنَّهَا تُخفِي ذَلِكَ -: تَتَبَّعِين أَثَرَ الدَّمِ. وَسَأَلَتهُ عَن غُسلِ الجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: تَأخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ، فَتُحسِنُ الطُّهُورَ، أو تُبلِغُ الطُّهُورَ. ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأسِهَا فَتَدلُكُهُ،
ــ
(28)
ومن باب صفة غسل المرأة من الحيض
(قوله: تأخذ إحداكُنَّ ماءَها وسدرتها) السدر هنا: هو الغَاسُولُ المعروف، وهو المتخذ من ورق شجر النبق، وهو السدر، وهذا التطهر الذي أمر باستعمال السدر فيه، هو لإزالة ما عليها من نجاسة الحيض، والغسل الثاني هو للحيض.
و(قوله: فتدلكه دلكًا شديدًا) حجة لمن رأى التدليك. فإن قيل: إنما أمر بهذا في الرأس ليعم جميع الشعر، قلنا: وكذلك يقال في جميع البدن. فإن قيل: لو كان حكم جميع البدن حكم الرأس في هذا لبينه فيه كما بينه في الرأس، قلنا: لا يحتاج إلى ذلك، وقد بينه في عضو واحد. وقد فَهِمَ عنه: أن الأعضاء كلها في حكم العضو الواحد في عموم الغسل، وإجادته وإسباغه، فاكتفى بذلك، والله تعالى أعلم.
والشؤون: هو أصل فرق الرأس وملتقاها، ومنها تجيءُ الدموع. وذكرها مبالغة في شدة الدلك، وإيصال الماء إلى ما يخفى من الرأس.
و(قوله: ثم تأخذ فرصةً مُمَسَّكةً أو من مسك) الفرصةُ: صحيح الرواية
حَتَّى تَبلُغَ شُؤُونَ رَأسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيهَا المَاءَ. فَقَالَت عَائِشَةُ: نِعمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنصَارِ! لَم يَكُن يَمنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أَن يَتَفَقَّهنَ فِي الدِّينِ.
وَفِي أُخرَى: فِرصَةً مِن مِسكٍ.
ــ
فيها (1) بكسر الفاء وفتح الصَّاد المهملة، وهي القطعة من الشيء، وهي مأخوذة من الفَرص، وهو: القطع، والمِفرص والمِفراص: الذي تقطع به الفضة، وقد يكون الفرص الشق. يقال: فرصت النَّعل؛ أي: شققت أذنيها (2).
وأما مُمَسَّكة: فروايتنا فيها بضم الميم الأولى وفتح الثانية وتشديد السين، ومعناه: مُطَيبةٌ بالمسك، مبالغة في نفي ما يكره من ريح الدم، وعلى هذا تصح رواية الخشني عن الطبري: فرصة من مِسكٍ بكسر الميم، وعلى هذا الذي ذكرناه أكثر الشارحين، وقد أنكر ابن قتيبة هذا كله، وقال: إنما هو فرضةٌ بضم الفاء (3) وبالضاد المعجمة، وقال: لم يكن للقوم وسع في المال بحيث يستعملون الطيب في مثل هذا، وإنما هو مَسكٌ، بفتح الميم، ومعناه: الإمساك، فإن قالوا: إنما سمع رباعيًا، والمصدر إمساك، قيل: سمع أيضًا ثلاثيًا، فيكون مصدره مَسكًا.
قال الشيخ: لقد أحسن من قال في ابن قتيبة: هجومٌ ولَاّجٌ على ما لا يُحسن، ها هو قد أنكر ما صح من الرواية في فرصة، وجَهِلَ ما صحح نقله أئمة اللغة، واختار ما لا يَلتئِمُ الكلام معه، فإنه لا يصح أن يقال: خذ قطعة من إمساك، وسَوَّى بين الصحابة كلهم في الفقر وسوء الحال، بحيث لا يقدرون على استعمال مسكٍ عند التطهر والتنظف، مع أن المعلوم من أحوال أهل الحجاز واليمن مبالغتهم في استعمال الطيب من المسك وغيره، وإكثارهم من ذلك، واعتيادهم له، فلا يلتفت لإنكاره، ولا يعرج على قوله.
(1) ساقط من (ع).
(2)
قال في اللسان: فَرَّصْتُ النَّعْلَ؛ أي: خرقت أذنيها للشِّراك.
(3)
في (م): قرضة، بضم القاف.