المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفا بغير حساب - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفا بغير حساب

(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

[163]

عَن حُصَينِ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ؛ قَالَ: كُنتُ عِندَ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ فَقَالَ: أَيُّكُم رَأَى الكَوكَبَ الَّذِي انقَضَّ البَارِحَةَ؟ قُلتُ: أَنَا. ثُمَّ قُلتُ: أَمَا إِنِّي لَم أَكُن فِي صَلاةٍ، وَلَكِنِّي لُدِغتُ. قَالَ: فَمَاذَا صَنَعتَ؟ قُلتُ: استَرقَيتُ. قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قُلتُ: حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ الشَّعبِيُّ. فقَالَ: وَمَا حَدَّثَكُمُ الشَّعبِيُّ؟ قُلتُ: حَدَّثَنَا عَن بُرَيدَةَ بنِ حُصَيبٍ الأَسلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لا رُقيَةَ إِلا مِن عَينٍ أو حُمَةٍ. فَقَالَ: قَد أَحسَنَ انتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ. وَلَكِن حَدَّثَنَا ابنُ عَبَّاسٍ؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنهُ قَالَ: عُرِضَت عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيطُ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، وَالنَّبِيَّ لَيسَ مَعَهُ

ــ

(67)

ومن باب كم يدخل الجنّة من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم بغير حساب؟

(قوله: لا رقيةَ إلاّ من عين أو حُمَة) العين: إصابة العين، والحمة - بضمّ الحاء وفتح الميم مخفَّفة -: حرقة السُمّ ولذعه، وقيل: السُمّ نفسه.

قال الخطّابيّ: ومعنى ذلك: لا رقيةَ أشفى وأولى من رقية العين والحُمّة. وكان عليه الصلاة والسلام قد رقي ورقى، وأمر بها وأجازها، وإذا كانت بالقرآن وبأسماء الله تعالى، فهي مباحة أو مأمور بها. وإنّما جاءت الكراهية والمنع فيما كان منها بغير لسان العرب، فإنّه ربّما كان كفرًا أو قولاً يدخله الشرك.

قال: ويحتمل أن يكون الذي يُكره من الرقية ما كان منها على مذاهب الجاهليّة التي كانوا يتعاطونها، وأنّها تَدفع عنهم الآفات، ويعتقدون أنّ ذلك من قِبَل الجنّ ومعونتهم.

ص: 462

أَحَدٌ. إِذ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنتُ أَنَّهُم أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى وَقَومُهُ. وَلَكِنِ انظُر إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرتُ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ. فَقِيلَ لِي: انظُر إِلَى الأُفُقِ الآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ. فَقِيلَ لِي: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَمَعَهُم سَبعُونَ أَلفًا يَدخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ. ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنزِلَهُ، فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعضُهم: فَلَعَلَّهُمِ الَّذِينَ صَحِبُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ بَعضُهُم: فَلَعَلَّهُم الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسلامِ وَلَم يُشرِكُوا بِاللهِ، وَذَكَرُوا أَشيَاءَ. فَخَرَجَ عَلَيهِم رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟ فَأَخبَرُوهُ. فَقَالَ: هُمِ الَّذِينَ لا يَرقُونَ، وَلا يَستَرقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ،

ــ

وقد اختلفت الرواية عن مالك في إجازة رقية أهل الكتاب للمسلم، فأجازها مرّةً إذا رقى بكتاب الله، ومنعها أخرى؛ إذ لا يُدرى ما الذي يرقي به.

و(قوله: فإذا سواد عظيم) يعني به: أشخاصًا كثيرةً، وجمعه أَسوِدَة، وقد تقدّم.

و(قوله: هم الذين لا يرقون ولا يستَرقَون ولا يكتوون ولا يتطيّرون) اختلف الناس في معنى هذا الحديث وعلى ماذا يُحمل؟ فحمله الإمام المازَرِيّ رحمه الله على أنّهم الذين جانبوا اعتقاد الطبائعيّين في أنّ الأدوية تنفع بطباعها واعتقاد الجاهليّة في ذلك ورقاهم. وهذا غير لائق بمساق الحديث ولا بمعناه؛ إذ مقصوده إثبات مزيَّةٍ وخصوصيّةٍ لهؤلاء السبعين ألفًا، وما ذكره يرفع المزيّة والخصوصيّة، فإنّ مجانبة اعتقاد ذلك هو حال المسلمين كافَّةً، ومن لم يجانب اعتقاد ذلك لم يكن مسلمًا. ثمّ إنّ ظاهر لفظ الحديث إنّما هو: لا يرقون ولا يكتوون أي: لا يفعلون هذه الأمور، وما ذكره خروج عنه من غير دليل.

وقال الداوديّ. المراد بذلك الذين يجتنبون فعله في الصحّة، فإنّه يُكره

ص: 463

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لمن ليست به علّة أن يتّخذ التمائم ويستعمل الرقى، فأمّا من يستعمل ذلك في مرضٍ به فهو جائز. وهذا إن صحّ أن يقال في التمائم وفي بعض الرقى، فلا يصحّ أن يقال في التعويذات، وهي من باب الرقى؛ إذ قد يجوز أن يتعوّذ من الشرور كلّها قبل وقوعها. ولا يصح ذلك في التطبب، فإنه يجوز أن يتحرز من الأدواء قبل وقوعها، وأمّا الكيّ، فيأتي القول فيه إن شاء الله تعالى.

وذهب الخطّابيّ وغيره إلى أنّ وجه ذلك أن يكون تركُها على جهة التوكّل على الله تعالى والرضا بما يقضيه من قضاء وينزل به من بلاء، قال: وهذه أرفع درجات المحقِّقين بالإيمان، قال: وإلى هذا ذهب جماعة من السلف، وسمّاهم. قال القاضي أبو الفضل عياض: وهذا هو ظاهر الحديث؛ ألا ترى قوله: وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ ومضمون كلامه أنّه لا فرق بين ما ذكر من الكيّ والرقى وبين سائر أبواب الطبّ.

وقد ذهب غيره إلى أنّ استعمال الرقى والكيّ قادح في التوكّل بخلاف سائر أنواع الطبّ، فإنّها غير قادحة في التوكّل، وفرّق بين القسمين بأن قال: باب الرقى والكيّ والطِيَرة موهوم (1) فيقدح في التوكل، وما عداها غير موهوم بل محقّق، فيصير كالأكل للغذاء أو الشرب للريّ، فلا يقدح. قال الشيخ: وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: أنّ أكثرَ أبواب الطبّ موهومة كالكيّ، فلا معنى لتخصيصه بالكيّ والرقى.

وثانيهما: أنّ الرقى بأسماء الله تعالى هو غاية التوكّل على الله تعالى، فإنّه التجاء إليه، ويتضمّن ذلك رغبته له وتبرّكًا بأسمائه، والتعويل عليه في كشف الضُرّ والبلاء، فإن كان هذا قادحًا في التوكّل، فليكن الدعاء والأذكار قادحا في

(1) ساقط من (ع).

ص: 464

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التوكّل، ولا قائل به، وكيف يكون ذلك؟ وقد رقى النبيّ صلى الله عليه وسلم واسترقى. ورقاه جبريل وغيره ورقته عائشة، وفعل ذلك الخلفاء والسلف، فإن كانت الرقى قادحة في التوكّل ومانعة من اللحوق بالسبعين ألفًا، فالتوكّل لم يتمّ للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولا لأحد من الخلفاء، ولا يكون أحد منهم في السبعين ألفًا مع أنّهم أفضل مَن وافى القيامة بعد الأنبياء، ولا يتخيل هذا عاقل (1).

قال الشيخ رحمه الله: والذي يظهر لي أنّ القول ما قاله الخطّابيّ وحكاه عن جماعة من السلف، وذلك ظاهر في الطيرة والكيّ، فإذا دفع الطيرة عن نفسه ولم يلتفت إليها بالتوكّل على الله تعالى، كان في المقام الأرفع من التوكّل؛ لأنّ الطيرة قد تلازم قلب الإنسان ولا يجد الانفصال (1) عنها، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الطيرة فقال: ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدّنّهم (2) فإذا استعمل المؤمن الإعراض عنها والتفويض إلى الله في أموره، ذهب ما كان يجده منها، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود: الطيرة شرك، الطيرة شرك - ثلاثًا - وما منّا إلا، ولكنّ الله يذهبه بالتوكّل (3).

و(قوله: إلاّ) يعني استثناء ما يجده الإنسان منها في نفسه الذي قال فيه: ذاك شيء يجدونه في صدورهم.

وأمّا الكيّ، فالمأمون منه جائز، وقد كوى النبيّ صلى الله عليه وسلم أُبيًّا يوم الأحزاب على

(1) في (ل) و (م): الانفكاك.

(2)

رواه أحمد (5/ 448)، ومسلم (537)، وأبو داود (930 و 931)، والنسائي (3/ 14 - 17) من حديث معاوية بن الحكم السلمي رض الله عنه.

(3)

رواه أبو داود (3910)، والترمذي (1614)

ومعنى (إلا): أي: وما منا أحد إلا ويعتريه التطير، ويسبق إلى قلبه الكراهة له.

ص: 465

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أكحله لما رمي. وفي البخاريّ عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الشفاء في ثلاث: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كيّة بنار، وأنا أنهى أمّتي عن الكيّ (1)، وفي حديث جابر: وما أُحِبُّ أن أكتوي (2). وعلى هذا فالمأمون من الكيّ وإن كان نافعًا - جائز، إلاّ أنّ تركه خير من فعله، وهذا معنى نهيه صلى الله عليه وسلم عنه، وسببه أنّه تعذيب بعذاب الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تُعذِّبوا بعذاب الله (3) يعني: النار. وبهذا ينفرد الكيّ ولا يُلحق به التطبُّب بغير ذلك في الكراهة، فإنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قد تطبَّب وطبب، وأحال على الطبيب وأرشد إلى الطبّ بقوله: يا عبادَ الله! تداووا، فإنّ الذي أنزل الداء أنزل الدواء (4).

وأمّا الرقي والاسترقاء، فما كان منه من رقي الجاهليّة أو بما لا يعرف، فواجب اجتنابه على سائر المسلمين، وتركه حاصل من أكثرهم، فلا يكون اجتناب ذلك هو المراد هنا، ولا اجتناب الرقي بأسماء الله تعالى وبالمرويّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما قدّمناه من أنّه التجأ إلى الله، وتبرّك بأسمائه.

ويظهر لي - والله تعالى أعلم - أنّ المقصود: اجتناب رقي خارج عن القسمين، كالرقي بأسماء الملائكة والنبيّين والصالحين، أو بالعرش والكرسيّ والسماوات والجنّة والنار وما شاكل ذلك ممّا يعظَّم، كما قد يفعله كثير ممن يتعاطى الرقى، فهذا القسم ليس من قبيل الرقي المحظور (5) الذي يعمّ

(1) رواه البخاري (5680 و 5681) وابن ماجه (3538).

(2)

رواه البخاري (5683)، ومسلم (2205).

(3)

رواه أحمد (1/ 282)، والبخاري (3017)، وأبو داود (4351)، والترمذي (1458)، والنسائي (7/ 104 و 105) من حديث ابن عباس رضي الله عنه.

(4)

رواه أبو داود (3855)، والترمذي (2039) من حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه.

(5)

في (ع): المخصوص.

ص: 466

وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ.

ــ

اجتنابه، وليس من قبيل الرقي الذي هو التجاء إلى الله تعالى وتبرُّك بأسمائه، وكأنّ هذا القسم المتوسط يُلحق بما يجوز فعله، غير أنّ تركه أولى؛ من حيث إنّ الرقي بذلك تعظيم، وفيه تشبيه المَرقيِّ به بأسماء الله تعالى وكلماته، فينبغي أن يُجتنب لذلك. وهذا كما نقوله في الحلف بغير الله، فإنّه ممنوع، فإنّ فيه تعظيمًا لغير الله تعالى بمثل ما يعظّم به الله، والله أعلم.

وهذا ما ظهر لي، فمن ظهر له ذلك فليقبله شاكرًا، وإلا فليتركه عاذرًا. وسيأتي الكلام في اشتقاق لفظ الطِيَرَة في كتاب الصلاة، إن شاء الله.

و(قوله: وعلى ربّهم يتوكّلون) التوكّل لغةً: هو إظهار العجز عن أمر ما، والاعتماد فيه على الغير، والاسم التكلان، يقال منه: اتّكلتُ عليه في أمري، وأصله اوتَكلت، قُلبت الواو ياءً لانكسار ما قبلها، ثمّ أُبدل منها التاءُ وأُدغمت في تاء الافتعال. ويقال: وكّلتُه بأمر كذا توكيلاً، والاسم الوِكالة بكسر الواو وفتحها.

واختلف العلماء في التوكّل وفيمن يستحِقّ اسم المتوكِّل على الله، فقالت طائفة من المتصوِّفة: لا يستحقّه إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله من سَبُع أو غيره، وحتّى يترك السعي في طلب الرزق؛ لضمان الله تعالى.

وقال عامّة الفقهاء: إنّ التوكّل على الله تعالى هو الثقة بالله والإيقان بأنّ قضاءه ماضٍ، واتّباع سنّة نبيّه في السعي فيما لا بدّ منه من الأسباب من مطعم ومشرب وتحرّز من عدو وإعداد الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنّة الله تعالى المعتادة. وإلى هذا ذهب محقِّقو المتصوِّفة، لكنّه لا يستحقّ اسم المتوكّل عندهم مع الطمأنينة إلى تلك الأسباب، والالتفات إليها بالقلوب، فإنّها لا تجلب نفعًا ولا تدفع ضرًّا، بل السبب والمسبّب فعل الله تعالى، والكلّ منه وبمشيئته. ومتى وقع من المتوكِّل ركون إلى تلك الأسباب، فقد انسلخ عن ذلك الاسم.

ص: 467

فَقَامَ عُكَّاشَةُ بنُ مِحصَنٍ، فَقَالَ: ادعُ اللهَ أَن يَجعَلَنِي مِنهُم. فَقَالَ: أَنتَ مِنهُم. ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: ادعُ اللهَ أَن يَجعَلَنِي مِنهُم. فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ.

رواه أحمد (1/ 271)، والبخاري (6541)، ومسلم (220)، والترمذي (2448).

ــ

ثمّ المتوكِّلون على حالين:

الحال الأوّل: حال المتمكِّن في التوكُّل، فلا يَلتفِت إلى شيء من تلك الأسباب بقلبه، ولا يتعاطاها إلاّ بحكم الأمر.

الحال الثاني: حال غير المتمكِّن، وهو الذي يقع له الالتفات إلى الأسباب أحيانًا، غير أنّه يدفعها عن نفسه بالطرق العلميّة والبراهين القطعيّة والأذواق الحاليّة، فلا يزال كذلك إلى أن يُرقِيَه الله بجوده إلى مقام المتمكِّنين، ويلحقه بدرجات العارفين.

و(قوله: فقام إليه عُكّاشة بن مِحصَن فقال: ادع اللهَ أن يجعلَني منهم) عكاشة هذا هو بضمّ العين وتشديد الكاف، قال ثعلب. وقد تخفَّف. قال الشيخ رحمه الله: ولعلّه منقول من عُكاشة اسمٍ لبيت النمل بالتخفيف، أو مأخوذ من عَكِش الشَعر وتعكَّش إذا التوى. وعُكاشة هذا من أفاضل الصحابة وخيارهم وشجعانهم، له ببدر المقام المشهود والعَلَم المنشور، وذلك أنّه ضرب بسيفه في الكفّار حتّى انقطع، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم جِزل حطب فأخذه فهزّه فعاد في يده سيفًا صارمًا، فقاتل به حتّى فتح الله على المسلمين. وكان ذلك السيف يسمَّى العون، ولم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى قُتل عُكاشة في الردّة وهو عنده، قتله طُليحة الأسديّ، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: منّا خيرُ فارسٍ في العرب، قالوا. ومن هو يا رسول الله؟ قال:

ص: 468

[164]

وَعَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَدخُلُ الجَنَّةَ مِن أُمَّتِي سَبعُونَ أَلفًا بِغَيرِ حِسَابٍ قَالُوا: مَن هُم يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: هُمِ الَّذِينَ لا يَستَرقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَلا يَكتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ.

رواه أحمد (4/ 448)، ومسلم (218).

* * *

ــ

عُكاشة بن محصن (1). ولقوّة يقينه وشدّة حرصه على الخير ورغبته فيما عند الله سبحانه، سبق الصحابةَ كلَّهم بقوله: ادع الله أن يجعلني منهم. ولمّا لم يكن عند القائم بعده من تلك الأحوال الشريفة ما كان عند عُكاشة، قال له: سبقك بها عُكاشة، وأيضًا فلئلاّ يطلبَ كلّ من هنالك ما طلبه عُكاشة، والرجل الآخر، ويتسلسل الأمر، فسدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الباب بما قال لعكاشة. وهذا أولى من قول من قال: إنّ ذلك الرجل كان منافقًا؛ لوجهين:

أحدهما: أنّ الأصل في الصحابة صحة الإيمان والعدالة، فلا يُظنُّ بأحد منهم شيءٌ يقتضي خلاف ذلك الأصل، ولا يُسمع ما لا يصح نقله، ولا يجوز تقديره.

والثاني: أنّه قلّ أن يصدر مثل ذلك السؤال عن منافق، إذ ذلك السؤال يقتضي تصديقا صحيحا ويقينا ثابتا، والله أعلم.

* * *

(1) ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (3/ 290).

ص: 469