المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(22) باب إثم من كفر مسلما أو كفر حقه - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(22) باب إثم من كفر مسلما أو كفر حقه

(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

[50]

عَنِ ابنِ عُمَرَ؛ قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا امرِئٍ قَالَ

ــ

(22)

وَمِن بَابِ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

كَفَّرَ الأوَّلُ - مشدَّدا - ومعناه: نسبَهُ إلى الكفر، وحكَمَ عليه به، وكفَرَ الثاني - مخفَّفٌ - بمعنى: جحَدَ حقَّهُ، ولم يقم به.

و(قوله عليه الصلاة والسلام: أَيُّمَا امرِئٍ قَالَ لأخِيهِ: كَافِرٌ) صوابُ تقييده: كافرٌ بالتنوين، على أن يكون خبرَ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: أنتَ كافر، أو هو كافرٌ. وربَّما قيَّده بعضهم: كَافِرُ بغير تنوين؛ فجعله منادًى مفردًا محذوفَ حرف النداء. وهذا خطأٌ؛ إذ لا يحذفُ حرفُ النداء مع النكرات ولا مع المُبهَمات، إلَاّ فيما جرى مجرى المَثَل؛ في نحو قولهم: أَطرِق كَرَا (1)، وافتَدِ مخنوقُ (2)، وفي حديث موسى: ثَوبِي حَجَرُ، ثَوبِي حَجَرُ (3)، وهو قليلٌ. وأصلُ الكفر: التغطيةُ والستر؛ ومنه سُمِّيَ الزارع: كافرًا؛ ومنه قوله تعالى: أَعجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ أي: الزُّرَّاع، ومنه قول الشاعر:

(1)"كرا": هو الكروان نفسه، أو مرخّم الكروان. وهذا المثلُ يُضرب للذي ليس عنده غناء ويتكلم، فيُقال له: اسكت وتوقَّ انتشار ما تلفظ به، كراهة ما يتعقبه. (مجمع الأمثال 1/ 432).

(2)

يُضرب هذا المثل لكل مشفوق عليه مضطر. ويروى: أفتَدى مخنوقٌ. (مجمع الأمثال 2/ 78).

(3)

رواه البخاري (3404)، ومسلم (339)، والترمذي (3219).

ص: 252

لأخِيهِ: كَافِرٌ، فَقَد بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِن كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلاّ رَجَعَت عَلَيهِ.

رواه أحمد (2/ 60)، ومسلم (60).

ــ

. . . . . . . . . . .

فِي لَيلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُهَا (1)

أي: ستَرَ وغطَّى، والغمام: السحاب.

وأمَّا الكفر الواقعُ في الشرع، فهو جحدُ المعلومِ منه ضرورةً شرعيَّةً، وهذا هو الذي جَرَى به العُرفُ الشرعيُّ، وقد جاء فيه الكُفرُ بمعنَى جَحدِ المُنعِم، وتَركِ الشكرِ على النِّعَم، وتركِ القيامِ بالحقوق؛ ومنه قوله عليه الصلاة والسلام للنساء: يكفُرنَ الإِحسَانَ، ويكفُرنَ العَشِيرَ (2)، أي: يَجحَدنَ حقوقَ الأزواج وإحسانهم؛ ومِن هاهنا صحَّ أن يقال: كفرٌ دون كفرٍ، وظُلمٌ دون ظلمٍ، وسيأتي لهذا مزيدُ بيان.

و(قوله: فَقَد بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا) أي: رجَعَ بإثمها، ولازَمَ ذلك؛ قال الهرويُّ: وأصلُ البَوء: اللزوم؛ ومنه: أَبُوءُ بِنِعمَتِكَ عَلَيَّ (3)، أي: أُقِرُّ بها وأُلزِمها نفسي، وقال غيره من أهل اللغة: إنَّ باء في اللغة: رجَعَ بِشَرٍّ.

والهاءُ في بها راجعٌ إلى التكفيرةِ الواحدة التي هي أقلُّ ما يدلُّ عليها لفظ كافر.

ويحتملُ أن يَعُودَ إلى الكلمة، ونعني بهذا أنَّ المقولَ له كافر إن كان كافرًا كفراً شرعيًّا، فقد صدَقَ القائلُ له ذلك، وذهَبَ بها المقولُ له، وإن لم يكن كذلك، رجعَت للقائلِ مَعَرَّةُ (4) ذلك

(1) عجز بيت من معلقة لبيد، وصدره:

يعلو طريقة مَتْنِها متواتر.

(2)

رواه البخاري (29)، ومسلم (907 و 908 و 909)، وأبو داود (1181 و 1183)،

ومالك في الموطأ (1/ 186 و 187).

(3)

رواه أحمد (4/ 122، 125 و 5/ 356)، والبخاري (6306)، والترمذي (3390)، والنسائي (8/ 279)، وابن ماجه (3872).

(4)

"المعرّة": الإثم والمَساءة والمكروه.

ص: 253

[51]

وَعَن أَبِي ذَرٍّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَيسَ مِن رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيرِ أَبِيهِ - وهو يَعلَمُهُ - إِلَاّ كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيسَ لَهُ، فَلَيسَ مِنَّا،

ــ

القولِ وإثمُهُ.

وأحدهما هنا يعني به: المقول له على كلِّ وجه؛ لقوله: إِن كَانَ كَمَا قَالَ، وأمَّا القائُل، فهو المَعنِيُّ بقوله: وَإِلَاّ رَجَعَت عَلَيهِ. وبيانُهُ بما في حديث أبي ذرٍّ الذي قال فيه: مَن دَعَا رَجُلاً بِالكُفرِ، أو قَالَ: عَدُو اللهِ ولَيسَ كَذَلِكَ، إلَاّ حَارَ عَلَيهِ (1)، أي: على القائل. وحار: رجع، ويعني بذلك وِزرَ ذلك وإثمَهُ.

و(قوله: لَيسَ مِن رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيرِ أَبِيهِ، وهو يَعلَمُهُ، إِلَاّ كَفَرَ) أي: انتسَبَ لغير أبيه رغبةً عنه مع عِلمِه به. وهذا إنَّما يفعله أهلُ الجفاءِ والجهلِ والكِبر؛ لِخِسَّةِ مَنصِبِ الأب ودناءته؛ فيرى الانتسابَ إليه عارًا ونقصًا في حقِّه. ولا شكَّ في أنَّ هذا محرَّمٌ معلومُ التحريمِ، فمَن فعَلَ ذلك مستحلاًّ، فهو كافرٌ حقيقةً، فيبقى الحديثُ على ظاهره.

وأمَّا إن كان غيرَ مستحلٍّ، فيكونُ الكفرُ الذي في الحديثِ محمولاً على كفرانِ النِّعَمِ والحقوقِ؛ فإنَّه قابَلَ الإحسانَ بالإساءة، ومَن كان كذلك، صدَقَ عليه اسمُ الكافر، وعلى فِعلِهِ أنَّهُ كُفرٌ؛ لغةً وشرعًا على ما قرَّرناه، ويحتملُ أن يقال: أُطلِقَ عليه ذلك؛ لأنَّه تَشَبَّهَ بالكُفَّار أهلِ الجاهليَّةِ، أهلِ الكِبرِ والأنفة؛ فإنَّهم كانوا يفعلون ذلك، والله تعالى أعلم.

و(قوله: مَنِ ادَّعَى مَا لَيسَ لَهُ، فَلَيسَ مِنَّا) ظاهره: التبرِّي المُطلَقُ، فيبقى على ظاهره في حقِّ المستحِلِّ لذلك؛ على ما تقدَّم. ويُتأوَّلُ في حقِّ غير المستحلِّ بأنَّه ليس على طريقة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا على طريقةِ أهلِ دينه؛ فإنَّ ذلك ظلمٌ، وطريقةُ أهلِ الدِّينِ: العدلُ، وتركُ الظلم، ويكونُ هذا كما قال: لَيسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوب (2)، ويقرُبُ منه: مَن لم يَأخُذ مِن شاربِهِ، فليس مِنَّا (3).

(1) سبق تخريجه برقم (51) في التلخيص.

(2)

رواه البخاري (3519)، ومسلم (103)، والترمذي (999)، والنسائي (4/ 20).

(3)

رواه الترمذي (2762)، والنسائي (1/ 15).

ص: 254

وَليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَن دَعَا رَجُلاً بِالكُفرِ، أو قَالَ: عَدُو اللهِ وَلَيسَ كَذَلِكَ، إِلَاّ حَارَ عَلَيهِ.

رواه أحمد (5/ 166)، والبخاري (3508)، ومسلم (61).

[52]

وَعَن سَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي بَكرَةَ، كِلَاهُمَا قَالَ: سَمِعَتهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلبِي، مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيرِ أَبِيهِ وهو يَعلَمُ أَنَّهُ غَيرُ أَبِيهِ، فَالجَنَّةُ عَلَيهِ حَرَامٌ.

رواه أحمد (1/ 174) و (5/ 46)، والبخاري (6766)، ومسلم (63)، وأبو داود (5113)، وابن ماجه (2610).

[53]

وَعَن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: سِبَابُ المُسلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفرٌ.

رواه أحمد (1/ 385 و 433 و 439 و 446 و 454 و 455)، والبخاري (48)، ومسلم (64)، والترمذي (2636)، والنسائي (7/ 122)، وابن ماجه (69) و (3939).

ــ

و(قوله: سَمِعَتهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلبِي: مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم) الضميرُ في سَمِعَتهُ ضميرُ المصدر الذي دَلَّ عليه سَمِعَتهُ، أي: سَمِعَته سمعًا أُذنَايَ؛ كما تقولُ العربُ: ظننتُهُ زيدًا قائمًا، أي: ظَنَنتُ ظنًّا زيدًا قائمًا، وهذا الوجهُ أحسنُ ما يقالُ فيه إن شاء الله تعالى. ويجوزُ: أن يكونَ الضميرُ عائدًا على معهودٍ متصوَّرٍ في نفوسهم، ومحمّد بدلٌ منه، والله أعلم.

و(قوله: سِبَابُ المُسلِمِ فُسُوقٌ) أي: خروجٌ عن الذي يجبُ من احترامِ المسلم، وحرمةِ عِرضِهِ وسَبِّه، وقد تقدَّم القولُ في الفِسق.

و(قوله: وَقِتَالُهُ كُفرٌ) القول فيه على نحو ما ذكرناه آنفا.

ص: 255

[54]

وَعَن جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ: استَنصِت لِيَ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: لَا تَرجِعُوا بَعدِي كُفَّارًا؛ يَضرِبُ بَعضُكُم رِقَابَ بَعضٍ.

رواه أحمد (4/ 358 و 363 و 366)، والبخاري (121)، ومسلم (65)، والنسائي (7/ 127 - 128)، وابن ماجه (3942).

[55]

وَعَنهُ؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَيُّمَا عَبدٍ أَبَقَ مِن مَوَالِيهِ، فَقَد كَفَرَ، حَتَّى يَرجِعَ إِلَيهِم.

وَفِي آخَرَ: أَيُّمَا عَبدٍ أَبَقَ، فَقَد بَرِئَت مِنهُ الذِّمَّةُ.

ــ

و(قوله: لَا تَرجِعُوا بَعدِي كُفَّارًا؛ يَضرِبُ بَعضُكُم رِقَابَ بَعضٍ) أي: لا تَتشَبَّهُوا بالكفَّار في المقاتلةِ والمقاطعة. وفيه: ما يدلُّ على أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعلم ما يكونُ بعده في أمَّته من الفتن والتقاتل، ويَدُلُّ أيضًا: على قربِ وقوعِ ذلك مِن زمانه؛ فإنَّه خاطَبَ بذلك أصحابَهُ، وظاهُرُه: أنَّه أرادهم؛ لأنَّه بهم أعنَى، وعليهم أحنَى، ويَحتَمِلُ غيرَ ذلك.

و(قوله: أَيُّمَا عَبدٍ أَبَقَ مِن مَوَالِيهِ، فَقَد كَفَرَ) محمولٌ على ما ذكرنا.

و(قوله: فَقَد بَرِئَت مِنهُ الذِّمَّةُ) أي: ذِمَّةُ الإيمان وعهدُهُ وخَفَارَتُهُ (1): إن كان مستحلاًّ للإباق، فيجبُ قتلُهُ بعد الاستتابة؛ لأنَّه مرتدٌّ، وإن لم يكن كذلك، فقد خرَجَ عن حُرمة المؤمنين وذِمَّتهم؛ فإنَّهُ تجوزُ عقوبتُهُ على إباقه، وليس لأحدٍ أن يحولَ بين سيَّده وبين عقوبتِهِ الجائزةِ إذا شاءها السَّيِّد. ويقال: بَرِئتُ مِنَ الرَّجُلِ والدَّينِ بَرَاءةً، وبَرئتُ أَبرَأُ إليه بُرءًا وبُرُوءًا، يقالُ أيضًا: بَرُؤتُ - بضمِّ الراء - أَبرُؤُ.

(1)"خفره": أجاره وحَماه.

ص: 256

وَفِي آخَرَ: إِذَا أَبَقَ العَبدُ، لَم تُقبَل لَهُ صَلَاةٌ.

رواه أحمد (4/ 357 و 365)، ومسطم (68 و 69 و 70)، وأبو داود (4360)، والنسائي (7/ 102).

[56]

وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اثنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِم كُفرٌ: الطَّعنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ.

رواه أحمد (2/ 496)، ومسلم (67).

* * *

ــ

و(قوله: لَم تُقبَل لَهُ صَلَاةٌ) إن كان مستحلاًّ، حُمِلَ الحديثُ على ظاهره؛ لأنَّه يكون كافرًا، ولا يُقبَلُ لكافرٍ عملٌ.

وإن لم يكن كذلك، لم تصحَّ صلاتُهُ على مذهب المتكلِّمين في الصلاة في الدار المغصوبة؛ لأنَّه منهيٌّ عن الكَونِ في المكانِ الذي يصلِّي فيه، ومأمورٌ بالرجوع إلى سيِّده، وأمَّا على مذهب الفقهاءِ المصحِّحين لتلك الصلاة، فيمكنُ أن يُحمَلَ الحديثُ على مذهبهم على أنَّ الإِثمَ الذي يلحقه في إباقِه أكثَرُ من الثواب الذي يدخُلُ عليه من جهة الصلاة؛ فكأنَّه صلاتَهُ لم تُقبَل؛ إذ لم يتخلَّص بسببها من الإثم، ولا حصَلَ له منها ثوابٌ يتخلَّصُ به من عقابِ الله على إباقه؛ فكان هذا كما قلناه في قوله عليه الصلاة والسلام: إنَّ شَارِبَ الخَمرِ لَا تُقبَلُ منهُ صَلَاةٌ أَربَعِينَ يَومًا (1)، وقد كنا كتبنا في ذلك الحديثِ جزءًا حسنًا.

و(قوله: اثنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِم كُفرٌ) أي: مِن خصالِ أهلِ الكفر؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: أَربَعٌ فِي أُمَّتِي مِن أَمرِ الجَاهِلِيَّةِ لَا يَترُكُونَهنَّ: الطَّعنُ فِي الأحسَابِ، وَالفَخرُ بالأنسَابِ، وَالاِستِسقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ (2).

(1) رواه الترمذي (1863)، والنسائي (8/ 316) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

(2)

رواه مسلم (67)، والترمذي (1001) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 257