الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[214]
وَعَنهُ؛ قَالَ: كَانَ أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ، وَلا يَتَوَضَّئُونَ.
رواه مسلم (376)، وأبو داود (200)، والترمذي (78).
* * *
(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات
[215]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا وَلَغَ الكَلبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُم، فَليُرِقهُ، ثُمَّ لِيَغسِلهُ سَبعَ مِرَارٍ.
ــ
نام فليتوضأ (1).
وقد حكي إجماع العلماء على أن ما أزال العقل من الجنون والإغماء ناقض للوضوء، والنوم المستثقل يزيل العقل فيكون مثلهما، وقد شذ أبو موسى الأشعري، وسعيد بن المسيب، فكانا ينامان مضطجعين ثم لا يتوضآن. وقد تؤوَّل ذلك عليهما: بأنه كان خفيفًا. وما دون الاستثقال اختلف فيه على تفصيل يعرف في الفقه، والله أعلم.
(15)
ومن باب إذا ولغ الكلب في الإناء
(قوله: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله) في الصحاح: ولغ الكلب في الإناء، يَلَغُ ولوغًا: إذا شرب ما فيه بطرف لسانه، ويُولَغُ: إذا أولغه صاحبه. قال الشاعر (2):
ما مر يومٌ إلا وَعِندَهُما
…
لحم رجالٍ أو يُولغان دَمَا
(1) رواه أبو داود (203)، وابن ماجه (477).
(2)
هو أبو زبيد الطائي.
وَفِي لَفظٍ آخَر: طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُم إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلبُ، أَن يَغسِلَهُ
ــ
وحكى أبو زيد: ولغ الكلب بشرابنا، وفي شَرابِنا، ومن شَرابِنا، ويقال: ليس شيء من الطيور يلغ غير الذباب. وقد تمسك الشافعي بظاهر الأمر بالغسل والإراقة، وبقوله: طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله على أن الكلب نجس، وعلى أن ذلك الماء والإناء نجسان؛ بسبب لعابه، ومع ذلك فلا بد عنده من غسل الإناء سبعًا، وذهب أبو حنيفة إلى القول بأن ذلك للنجاسة، ويكفي غسل الماء مرة واحدة.
والمشهور من مذهب مالك: أن ذلك للتَعبُّد لا للنجاسة، وهو قول الأوزاعي وأهل الظاهر؛ بدليل دخول العدد السبع، ولو كان للنجاسة لاكتفي فيه بالمرة الواحدة؛ وبدليل جواز أكل ما صاده الكلب من غير غسل. وذهب بعض أصحابنا: إلى أن ذلك لكون الكلب مستقذرًا منهيًّا عن مخالطته، وقَصَرَ هذا الحكم على الكلب المنهي عن اتخاذه، وهذا ليس بشيء؛ لأنه استنبط من اللفظ ما خصصه من غير دليل منفصل عنه.
وذهب أبو الوليد بن رُشد: إلى أن ذلك مُعَلَّلٌ بما يتقى من أن يكون الكلب كلبًا، واستدل على هذا بأن هذا العدد السبع قد جاء في مواضع من الشرع على جهة الطب والتداوي، كما قال: من تصبح كل يوم بسبع تمرات من عجوة المدينة لم يضره ذلك اليوم سم (1)، ولقوله صلى الله عليه وسلم في مرضه: أهريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن (2)، ومثل هذا كثير، وقد أورد على هذا: أن الكلب لا يقرب الماء، وانفصل عن ذلك حفيده صاحب كفاية المقتصد: بأن ذلك لا يكون إلا في حال تمكن ذلك الداء به، وأما
(1) رواه أحمد (1/ 181)، والبخاري (5445)، ومسلم (2047)، وأبو داود (3876) من حديث سعد رضي الله عنه، وليس فيه لفظة:"المدينة". وإنما في بعض ألفاظه: "من تمر العالية". وانظر: الأحاديث الواردة في فضائل المدينة للدكتور صالح الرفاعي ص (643).
(2)
رواه أحمد (6/ 151) والبخاري (4442).
سَبعَ مَرَّاتٍ. أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ.
رواه أحمد (2/ 360 و 398 و 508)، والبخاري (172)، ومسلم (279)، وأبو داود (71 - 73)، والترمذي (91)، والنسائي (1/ 176 - 177).
[216]
وَعَنِ ابنِ المُغَفَّلِ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتلِ الكِلابِ. ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُهُم وَبَالُ الكِلابِ؟ ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلبِ الصَّيدِ وَكَلبِ الغَنَمِ.
ــ
في مباديه فيقرب الماء ويشربه، وأولى هذه الأقوال كلها ما صار إليه مالك: في أنه تعبد؛ لا للنجاسة، وأنه عام في جنس الكلاب، وفي جنس الأواني. وينبني على هذا الاختلاف في التعليل: الاختلاف في فروع كثيرة تُعرف في الفقه.
و(قوله: أولاهن بالتراب) هذه الزيادة ليست من رواية مالك، ولذلك لم يقل بها، وقد قال بها جماعة من العلماء، وقد رواه أبو داود وقال: السابعة بالتراب. وفي حديث عبد الله بن مغفل وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عفروه الثامنة بالتراب، وبهذه الثامنة قال أحمد، فهذه الزيادة مضطربة. ولذلك لم يأخذ بها مالك، ولا أحد من أصحابه (1).
وأمره صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، إنما كان لما كثرت وكثر ضررها، ثم لما قتل أكثرها، وذهب ضررها أنكر قتلها، فقال: ما بالهم وبال الكلاب؟ ويحتمل: أن يكون ذلك ليقطع عنهم عادة إِلفِهِم لها؛ إذ كانوا قد ألفوها ولابَسُوها كثيرًا.
و(قوله: وأرخص في كلب الصيد والغنم) يعني: في اتخاذه، وغيرها لا يتخذ، وإن لم يُقتل، وهو الذي من اتخذه نقص من عمله كل يوم قيراط، وذلك لما يُروع ويُؤذي، وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى.
(1) في (م) و (ل): لم يقل بها، وقد قال بها جماعة من العلماء. والمثبت من (ع).