المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

[225]

عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبرَينِ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ. أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمشِي بِالنَّمِيمَةِ.

ــ

هنا معناه الغسل، وتأوله على ذلك، ولا حاجة إلى هذا التأويل، بل إنما معناه الرشُّ، وأما غسل الدم فقد علمها إياه؛ حيث قال لها: تحته ثم تقرصه بالماء، وأما النضح فهو فيما شكت فيه من الثوب، كما قالت عائشة في المني، ولذلك جمعنا بين حديث عائشة في غسل المني وبين حديث أسماء في غسل دم الحيضة، حتى يتبين أن الكيفية المأمور بها في غسلهما واحدة، وأنهما متساويتان في النجاسة.

ويدل هذا الحديث على أن قليل دم الحيض وكثيره سواء في وجوب غسل جميعه، من حيث لم يفرق بينهما في محل البيان، ولو كان حكمهما مختلفًا لفصله صلى الله عليه وسلم؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز إجماعًا، وهو مشهور مذهب مالك، وقد قال مالك رحمه الله: قد سماه الله أذى، وهو يخرج من مخرج البول.

(19)

ومن باب الاستبراء من البول

(قوله: وما يعذبان في كبير) أي: عندكم، وهو عند الله كبيرٌ، كما جاء في البخاري: وإنه لكبير أي: عند الله، وهذا مثل قوله تعالى: وَتَحسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ، وقد تقدم الكلام على النَّمام في الإيمان. والنميمة: هي القالة التي ترفع عن قائلها ليتضرر بها قائلها.

ص: 551

وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَستَتِرُ مِن بَولِهِ، قَالَ: فَدَعَا بِعَسِيبٍ رَطبٍ فَشَقَّهُ بِاثنَينِ. ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا. ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّهُ أَن يُخَفَّفُ عَنهُمَا، مَا لَم يَيبَسَا.

ــ

و(قوله: وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله) أي: لا يجعل بينه وبين بوله سُترة حتى يتحفظ منه، كما قال في الرواية الأخرى: لا يستنزه عن البول أي: لا يتباعد منه. وهذا يدل على أن القليل من البول ومن سائر النجاسات والكثير منه سواء، وهو مذهب مالك وعامة الفقهاء، ولم يخفَّفوا في شيء من ذلك إلا في اليسير من دم غير الحيض خاصةً.

واختلف أصحابنا في مقدار اليسير، فقيل: هو قدر الدرهم البغلي (1). وقيل: قدر الخنصر، وجعل أبو حنيفة قدر الدرهم من كل نجاسة معفو عنه، قياسًا على المخرجين، وقال الثوري: كانوا يرخصون في القليل من البول، ورخص الكوفيون في مثل رؤوس الإبرِ من البول.

وفيه دليلٌ على أن إزالة النجاسة واجبة متعينة، وكذلك في قوله: استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه (2). وقد تخيل الشافعي في لفظ البول العموم، فتمسك به في نجاسة جميع الأبوال، وإن كان بول ما يؤكل لحمه. وقد لا يسلم له أن الاسم المفرد للعموم، ولو سلم ذلك، فذلك إذا لم يقترن به قَرِينةُ عهدٍ، وقد اقترنت هاهنا، ولئن سُلم له ذلك فدليل تخصيصه حديث إباحة شرب أبوال الإبل للعرنيين، وإباحة الصلاة في مرابض الغنم، وطوافه عليه الصلاة والسلام على بعير، وسيأتي.

و(قوله: فدعا بعسيب رطب) العسيب من النخل: كالقضيب مما سِواهَا، والرطب: الأخضر.

و(قوله: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا) اختلف العلماء في تأويل هذا

(1)"الدرهم البغلي": هو درهم فارسي، نُقش عليه رأس بغل، وهو أوفر الدراهم وزنًا انظر "المقاييسُ والأوزان الإسلامية" لهانس، من منشورات الجامعة الأردنية.

(2)

سبق تخريجه ص (552).

ص: 552

وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ الآخَرُ لا يَستَنزِهُ عَنِ البَولِ أو مِنَ البَولِ.

رواه البخاري (1378)، ومسلم (292)، وأبو داود (20 و 21)، والترمذي (70)، والنسائي (1/ 28 - 30).

[226]

وَعَن أَنَسٍ؛ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الخَلاءَ - فِي

ــ

الفعل، فمنهم من قال: أوحي إليه أنه يخفف عنهما ما داما رطبين، وهذا فيه بُعدٌ؛ لقوله: لعله، ولو أوحي إليه لما احتاج إلى الترجي. وقيل: لأنهما ما داما رطبين يسبحان، فإن رطوبتهما حياتهما، وأخذ من هذا التأويل جواز القراءة والذكر على القبور.

وقيل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم شفع لهما، ودعا بأن يخفف عنهما، ما داما رطبين، وقد دل على هذا حديث جابر الذي يأتي في آخر الكتاب في حديث القبرين، قال فيه: فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما ذلك، ما دام القضيبان رطبين (1)، فإن كانت القضية واحدة - وهو الظاهر - فلا مزيد على هذا في البيان.

و(قوله: فإذا دخل الخلاء) أصل الخلاء: الخلوة، وهي الخلو، كنى به عن الحدث؛ لأنه يُفعَل في خلوةٍ. والكنيف: الساتر. وقوله: إذا دخل أي: أراد أن يدخل، وقد جاء هذا أيضًا في البخاري هكذا: إذا أراد أن يدخل، ويخرج من هذا: كراهة ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن في هذه المواضع المعتادة للحدث، فلو لم يتعوذ عند الدخول ناسيًا، فهل يتعوذ بعد الدخول أم لا؟ فعن مالك في ذلك قولان، وكرهه جماعة من السلف كابن عباس، وعطاء، والشعبي. وأجاز ذكر الله تعالى في الكنيف، وعلى كل حال، جماعة كعبد الله بن عمر، وابن سيرين، والنخعي، متمسكين بقول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه (2).

(1) هو في صحيح مسلم رقم (3012).

(2)

رواه أحمد (6/ 70 و 153 و 278)، ومسلم (373)، وأبو داود (18)، والترمذي (3381).

ص: 553

رِوَايَةٍ: الكَنِيفَ - قَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبثِ وَالخَبَائِثِ.

رواه أحمد (3/ 99)، والبخاري (142)، ومسلم (375)، وأبو داود (4)، والترمذي (5)، والنسائي (1/ 20)، وابن ماجه (296).

* * *

ــ

وكذلك اختلفوا في دخول الخلاء بالخاتم فيه اسم الله تعالى.

و(قوله: أعوذ) أي: ألوذ وألتجئ، وقد تقدم.

و(قوله: من الخبث والخبائث) رويناه: ساكن الباء ومضمومها. قال ابنُ الأعرابي: الخبيث في كلام العرب: المكروه. وهو ضد الطيب. قال أبو الهيثم: الخُبث - بالضم -: جمع خبيث، وهو الذَّكرُ من الشياطين، والخبائث: جمع الخبيثة، وهي الأنثى منهم، ويعني: أنه تعوذ من ذكورهم وإناثهم، ونحوه قال الخطابي. وقال الداودي: الخبيث: الشيطان، والخبائث: المعاصي. وأما بسكون الباء فقيل فيه: إنه المكروه مطلقًا، وقيل: إنه الكفر. والخبائث: الشياطين، قاله ابن الأنباري. وقيل: الخبائث: البول والغائط، كما قال: لا تدافعوا الأخبثين: الغائط والبول في الصلاة (1).

وقد روى أبو داود في المراسيل عن الحسن: أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث المخبث، الرجس النجس، الشيطان الرجيم (2)، فأتى بالخبيث للجنس، وأكده بالمخبث، والعرب تقول: خبيثٌ مخبثٌ، ومخبثان إذا بالغت في ذلك.

(1) ذكره الطحاوي في مشكل الآثار (2/ 405) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

رواه أبو داود في المراسيل (2).

ص: 554