الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ
[92]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ يَبعَثُ رِيحًا مِنَ قبل اليَمَنِ، أَليَنَ مِنَ الحَرِيرِ، فَلَا تَدَعُ أَحَدًا فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبَّةٍ - وَفِي رِوَايَةٍ: ذَرَّةٍ - مِن إِيمَانٍ إِلَاّ قَبَضَتهُ.
رواه مسلم (117).
ــ
(38)
وَمِن بَابِ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ
(وقوله: إِنَّ اللهَ يَبعَثُ رِيحًا مِن قِبَلِ اليَمَنِ (1)، أَليَنَ مِنَ الحَرِيرِ) هذه الريحُ إنما تُبعَثُ بعد نزولِ عيسى ابنِ مريم، وقتلِه الدَّجَّالَ، كما يأتي في حديثِ عبد الله بنِ عمرو في آخر الكتاب؛ الفتن (2)، غير أنَّه قال هنا: رِيحًا مِن قِبَل اليَمَنِ، وفي حديث عبد الله: مِن قِبَلِ الشَّامِ؛ فيجوزُ أن يكونَ مبدؤها من قبل اليمن، ثُمَّ تَمُرُّ بالشام، فَتَهُبُّ منه على مَن يليه.
وقَبضُ الإيمانِ في هذا الحديث هو بقبض أهله؛ كما جاء في حديث ابن عمرو، وقال فيه: ثُمَّ يُرسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِن قِبَلِ الشَّامِ، فَلَا يَبقَى عَلَى وَجهِ الأَرضِ أَحَدٌ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرَّةٍ مِن خَيرٍ أو إِيمَانٍ إِلَاّ قَبَضَتهُ، حَتَّى لَو أَنَّ أَحَدَكُم (3) دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ، لَدَخَلَت عَلَيهِ حَتَّى تَقبِضَهُ، قال: فَيَبقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيرِ وَأَحلَامِ السِّبَاعِ.
(1) في (ع): أهل اليمن، ولفظة (قبل) ساقطة من (ل) و (م) و (ط)، والمثبت من كلام المؤلف الآتي بعد قليل.
(2)
رواه مسلم (2940).
(3)
في (م) و (ل): أحدهم.
[93]
وعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَيضًا؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَادِرُوا بِالأَعمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا، وَيُمسِي كَافِرًا، ويُمسِي مُؤمِنًا، وَيُصبِحُ كَافِرًا. يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنيَا.
رواه أحمد (2/ 304 و 523)، ومسلم (118)، والترمذي (2196).
* * *
ــ
و(قوله: بَادِرُوا بِالأَعمَالِ فِتَنًا) أي: سَابِقُوا بالأعمالِ الصالحةِ هجومَ المِحَنِ المانعةِ منها، السالبةِ لشرطها المصحِّح لها الإيمان؛ كما قال: يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا، وَيُمسِي كَافِرًا، ولا إحالةَ ولا بُعدَ في حمل هذا الحديثِ على ظاهره؛ لأنَّ المِحَنَ والشدائد إذا توالَت على القلوب أفسدَتهَا بِغَلَبتها عليها، وبما تُؤَثِّرُ فيها مِنَ القَسوة. ومقصودُ هذا الحديثِ: الحَضُّ على اغتنامِ الفُرصة، والاِجتهادُ في أعمالِ الخيرِ والبِرِّ عند التمكُّنِ منها، قَبلَ هجومِ الموانع.
و(قوله: يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنيَا) عَرَضُ الدنيا بفتح العين والراء: هو طمعها وما يَعرِضُ منها، ويدخُلُ فيه جميعُ المال؛ قاله الهَرَوِيُّ، فأمَّا العَرضُ، بإسكان الراء: فهو خلافُ الطُّول، ويقالُ على أمور كثيرة، والعِرضُ، بكسر العين وسكون الراء: هو نسَبُ الرجلِ وجسمهُ وذاتُهُ.
ومقصودُ هذا الحديثِ: الأمرُ بالتمسُّك بالدِّين، والتشدُّدُ فيه عند الفتن، والتحذيرُ مِنَ الفتنِ، ومِنَ الإقبالِ على الدنيا وعلى مَطَامِعِهَا.
* * *