المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(6) باب الأمر بتنزيل الناس منازلهم ووجوب الكشف عمن له عيب من رواة الحديث - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(6) باب الأمر بتنزيل الناس منازلهم ووجوب الكشف عمن له عيب من رواة الحديث

(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

[6]

عَن عَائِشَة؛ أَنَّهَا قَالَت: أَمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَن نُنَزِّلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُم.

ــ

و(قوله: لَم نَأخُذ مِنَ النَّاسِ إِلَاّ مَا نَعرِفُ) أي: إلا ما نَعرِفُ ثقةَ نَقَلَتِهِ، وصحةَ مَخرَجِهِ.

و(قوله: إِنَّا كُنَّا نُحَدَّثُ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم) الصحيحُ في: نُحَدَّثُ بضم النون، وفتح الدال مشدَّدة؛ مبنيًّا للمفعول؛ ويؤيِّده: قوله في الرواية الأخرى: كُنَّا إِذَا سَمِعنَا رَجُلاً يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ ابتَدَرَتهُ أَبصَارُنَا وَأَصغَينَا إِلَيهِ بِآذَانِنَا. وكذلك وجدتُّه مقيدًا بخط مَن يُعتَمَدُ على عِلمِهِ وتقييده، وقد وجدتُّهُ في بعضِ النسخِ بكسر الدال، وفيه بُعدٌ، ولعلَّه لا يَصِحُّ.

(6)

وَمِن بَابُ: الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم

وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

(قولُ عائشة رضي الله عنها: أَمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَن نُنَزِّلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُم). استدلالُ مسلمٍ بهذا الحديث يدُلُّ ظاهرًا على أَنَّه لا بأسَ به، وأنّه ممّا يحتجُّ به عنده، وإنما لم يُسنِده في كتابه؛ لأنَّه ليس على شَرطِ كتابه.

وقد أسنده أبو بكر البزَّار في مسنده، عن ميمونِ بنِ أبي شَبِيبٍ، عن عائشة، عن النبيِ صلى الله عليه وسلم، وقال: لا يُعلَمُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاّ مِن هذا الوجه، وقد رُويَ عن عائشة من غير هذا الوجه موقوفًا.

وقد ذكَرَهُ أبو داود في مصنَّفه، فقال: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ أبي خَلَف؛ أنَّ يحيى بن يَمَانٍ أخبرهم، عن سفيان، عن حَبيبِ بن أبي ثابت، عن ميمونِ بنِ

ص: 125

استَدَلَّ بِهِ مُسلِمٌ هَكَذَا وَلَم يُسنِدهُ، وَقَد ذَكَرَهُ أبو دَاوُد فِي مُصَنَّفِه، وَأَبُو بَكرٍ البَزَّارُ فِي مُسنَدِه، وَقَالَ: لا يُعلَمُ إِلا مِن حَدِيثِ مَيمُون بنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَن عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

- وَعَن أَبِي عَقِيلٍ يَحيَى بنِ المُتَوَكِّلِ صَاحِبِ بُهَيَّةَ، قَالَ: كُنتُ جَالِسًا عِندَ القَاسِمِ بنِ عُبَيدِ اللهِ، وَيَحيَى بنِ سَعِيدٍ، وقَالَ يَحيَى لِلقَاسِمِ: يَا أَباَ مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ قَبِيحٌ - عَلَى مِثلِكَ - عَظِيمٌ أَن تُسأَلَ عَن شَيءٍ مِن أَمرِ هَذَا الدِّينِ، فَلَا يُوجَدَ عِندَكَ مِنهُ عِلمٌ وَلَا فَرَجٌ، أو عِلمٌ وَلَا مَخرَجٌ. فَقَالَ لَهُ القَاسِمُ: وَعَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: لأَنَّكَ ابنُ إِمَامَي هُدًى؛ ابنُ أَبِي بَكرٍ وَعُمَرَ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ القَاسِمُ: أَقبَحُ مِن ذَلِكَ عِندَ مَن عَقَلَ عَنِ اللهِ أَن أَقُولَ بِغَيرِ عِلمٍ، أو آخُذَ عَن غَيرِ ثِقَةٍ، قَالَ: فَسَكَتَ فَمَا أَجَابَهُ.

- وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ لَهُ يَحيَى بنُ سَعِيدٍ: إِنِّي لأُعظِمُ أَن يَكُونَ مِثلُكَ - وَأَنتَ ابنُ إِمَامَي الهُدَى؛ يَعنِي عُمَرَ وَابنَ عُمَرَ - تُسأَلُ عَن أَمرٍ لَيسَ

ــ

أبي شبيب؛ أنَّ عائشة مَرَّ بها سائلٌ فأعطَتهُ كِسرةً، ومَرَّ بها رجلٌ عليه ثيابٌ زاهية، فأقعدتهُ فأكَلَ، فقيل لها في ذلك، فقالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَنزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُم. قال ابن الأعرابي: قال أبو داود: ميمونٌ لم يَرَ عائشة (1).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: وعلى هذا، فالحديثُ منقطعٌ؛ فقد ظهر لأبي داود من هذا الحديث ما لم يظهَر لمسلم، ولو ظهَرَ له ذلك، لما جاز له أن يستَدِلَّ به، إلا أن يكونَ يعملُ بالمراسيل، والله أعلم أنَّ (2) مسلمًا إنَّما قال: وذُكِرَ عن عائشة، وهو مشعرٌ بضعفه، وأنَّهُ لم يكن عنده ممَّا يعتمده.

(1) انظر سنن أبي داود (5/ 173) رقم الحديث (4842).

(2)

في (ع) و (م): على أن.

قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: أضيف هنا في النسخة المصورة تعليق بخط اليد نصه: "وهي أصح بل المثبت لا معنى له! "

ص: 126

عِندَكَ فيه عِلمٌ، فَقَالَ: أَعظَمُ مِن ذَلِكَ عِندَ اللهِ، وَعِندَ مَن عَقَلَ عَنِ اللهِ، أَن أَقُولَ بِغَيرِ عِلمٍ، أو آخذ عَن غَيرِ ثِقَةٍ.

- وَقَاَلَ يَحيَى بنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ: لَم نَرَ أَهلَ الخَيرِ فِي شَيءٍ أَكذَبَ مِنهُم فِي الحَدِيثِ.

ــ

ومعنى هذا الحديث: الحَضُّ على مراعاةِ مقادير الناس، ومراتبهم، ومناصبهم، فيعامل كلُّ أحد منهم بما يليقُ بحاله، وبما يلائمُ منصبه في الدينِ والعلمِ والشَّرَفِ والمرتبة؛ فإنَّ الله تعالى قد رتَّبَ عبيده وخَلقَه، وأعطى كلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: خيارُهُم في الجاهليَّةِ خيارُهُم في الإسلام إذا فقُهُوا (1).

وأبو عَقِيل هو: بفتح العين وكسر القاف، واسمه: يحيى بن المتوكِّل؛ كما ذكره في الأصل.

وبُهَيَّة بضم الباء، وفتح الهاء، وما بعدها، تصغير بَهيَة، وهي امرأة كانت تروي عن عائشة أمِ المؤمنين، وهي التي سمَّتها بهذا الاسم، وكان هذا أبو عَقِيلٍ قد روى عنها، وعُرِفَ بها؛ فنُسِبَ إلى صحبتها، وقد خَرَّجَ عنها أبو داود.

و(قولُ يحيى بن سعيدٍ الأنصاريِّ للقاسم: إنَّكَ ابنُ أبي بَكرٍ وعُمَرَ) إنما صحَّتِ النسبتان على القاسم؛ لأنَّ أباه هو عُبَيدُ الله بن عبد الله بن عمر، وأُمُّه هي ابنةُ القاسم بن محمد بن أبي بكر، وباسم جَدِّهِ هذا، كان يكنَّى؛ فـ عمر جَدُّهُ لأبيه الأعلى، وأبو بكر جَدُّه لأمِّه؛ فصدَقَت عليه النسبتان.

و(قولُ يحيى القَطَّان: لم ير أهلَ الخير في شَيءٍ أكذَبَ مِنهُم في الحديثِ) يعني به: الغلَطَ والخطَأَ؛ كما فسَّره مسلم. وسببُ هذا: أنَّ أهلَ الخير هؤلاء المعنيِّين غَلَبَت عليهم العبادة، فاشتغلوا بها عن الرواية، فَنَسُوا الحديثَ، ثم إنَّهم

(1) رواه البخاري (3383)، ومسلم (2638)(160) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 127

قَالَ مُسلِمٌ: يَقُولُ: يَجرِي الكَذِبُ عَلَى لِسَانِهِم، وَلَا يَتَعَمَّدُونَ الكَذِبَ.

- وَقَالَ أبو الزِّنَادِ: أَدرَكتُ بِالمَدِينَةِ مِائةً، كُلُّهُم مَأمُونٌ، مَا يُؤخَذُ عَنهُمُ الحَدِيثُ، يُقَالُ: لَيسَ مِن أَهلِهِ.

- وَقَالَ يَحيَى بنُ سَعِيدٍ: سَأَلتُ سُفيَانَ الثَّورِيَّ، وَشُعبَةَ، وَمَالِكًا، وَابنَ عُيَينَةَ، عَنِ الرَّجُلِ لَا يَكُونُ ثَبتًا فِي الحَدِيثِ، فَيأتِينِي الرَّجُلُ فَيَسأَلُنِي عَنهُ؟ فَقَالُوا: أَخبِر عَنهُ أَنَّهُ لَيسَ بِثَبتٍ.

- وَذَكَرَ مُسلِمٌ عَن جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ السَّلَفِ كَابنِ المُبَارَكِ، وَالشَّعبِيِّ، وإِبرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّختِيَانِيِّ، وَغَيرِهِم: التَّنصِيصَ عَلَى عُيُوبِ أَقوَامٍ بِأَعيَانِهِم، وَذَكَرَ كَذِبَ بَعضِهِم، والتَّحذِيرَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنهُم: بَابًا طَوِيلاً قَالَ فِي آخِرِهِ: وَإِنَّمَا أَلزَمُوا أَنفُسَهُمُ الكَشفَ عَن مَعَايِبِ رُوَاةِ الحَدِيثِ، وَنَاقِلِي الأَخبَارِ، وَأَفتَوا بِذَلِكَ حِينَ سُئِلُوا، لِمَا فِيهِ مِن عَظِيمِ الخَطَرِ؛ إِذِ الأَخبَارُ فِي أَمرِ الدِّيِنِ إِنَّمَا تَأتِي بِتَحلِيلٍ أو تَحرِيمٍ، أو أَمرٍ أو نَهيٍ، أو تَرغِيبٍ أو تَرهِيبٍ؛ فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي لَهَا لَيسَ بِمَعدِنٍ الصِّدقِ وَالأَمَانَةِ، ثُمَّ أَقدَمَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنهُ مَن قَد عَرَفَهُ، وَلَم يُبَيِّن مَا فِيهِ لِغَيرِهِ مِمَّن جَهِلَ مَعرِفَتَهُ: كَانَ آثِمًا بِفِعلِهِ ذَلِكَ، غَاشًّا لِعَوَامِّ المُسلِمِينَ؛ إِذ لا يُؤمَنُ

ــ

تعرَّضوا للحديث فَغَلِطُوا، أو كَثُرَ عليهم الوَهَمُ فتُرِكَ حديثهم، كما اتفق للعُمَرِيِّ، وفَرقَدٍ السبخيّ، وغيرِهِما.

و(قولُ أبي الزِّنَادِ: أدركتُ بالمدينة مائةً كلُّهم مأمون) يعني: أَنَّهم كانوا موثوقًا بهم في دينهم وأمانتهم، غير أنّهم لم يكونوا حفَّاظًا للحديث، ولا متقنين لروايته، ولا متحرِّزين فيه؛ فلم تكن لهم أهليَّةُ الأخذ عنهم، وإن كانوا قد تعاطَوُا الحديثَ والرواية.

ص: 128

عَلَى بَعضِ مَن سَمِعَ تِلكَ الأَخبَار أَن يَستَعمِلَهَا، أو يَستَعمِلَ بَعضَهَا، وَلَعَلَّهَا أو أَكثَرَهَا أحاديث أَكَاذِيبُ لَا أَصلَ لَهَا.

فَهَذَا البَابُ مَا ذَكَرَهُ فِي صَدرِ كِتَابِهِ.

رواه مسلم (1/ 6 - المقدمة)، وأبو داود (4842) مرفوعاً من قوله صلى الله عليه وسلم بلفظ:"أنزلوا الناسَ مَنَازلَهُم" وفيه انقطاع.

* * *

ــ

وفُتيَا سفيان ومَن بعده هي التي يجبُ العملُ بها. ولا يختلفُ المسلمون في ذلك؛ كما ذكره مسلمٌ بعدَ هذا وأوضحَهُ.

وحاصلُهُ أَنَّ ذِكرَ مساوئِ الراوي والشاهِدِ القادحةِ في عدالتهما وفي روايتهما: أمرٌ ضروريٌّ؛ فيجب ذلك؛ فإنه إن لم يُفعَل ذلك، قُبِلَ خبرُ الكذاب، وشهادةُ الفاسق، وغُشَّ المسلمون، وفسدَتِ الدنيا والدين. ولا يُلتَفَتُ لقولِ غبيٍّ جاهلٍ يقول: ذلك غِيبَةٌ؛ لأنَّهَا وإن كانت مِن جنس الغِيبة، فهي واجبةٌ بالأدلَّةِ القاطعة، والبراهينِ الصادعة؛ فهي مستثناةٌ مِن تلك القواعد (1)؛ للضرورةِ الداعية.

* * *

(1) في (م): القاعدة.

ص: 129