المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

[242]

عَن أُمِّ سَلَمَةَ؛ قَالَت: جَاءَت أَمُّ سُلَيمٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَت: يَا رسولَ الله! إِنَّ اللهَ لا يَستَحيِي مِنَ الحَقِّ. فَهَل عَلَى المَرأَةِ مِن غُسلٍ إِذَا احتَلَمَت؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: نعم، إِذَا رَأَتِ المَاءَ، فَقَالَت أُمُّ

ــ

في هذا الباب كثيرًا، هذا مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن القسم عليه بينهن واجبًا؛ لقوله تعالى: تُرجِي مَن تَشَاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوِي إِلَيكَ مَن تَشَاءُ لكنه صلى الله عليه وسلم كان قد التزمه لهن تطييبًا لأنفسهن، ولتقتدي أمته بفعله، والله تعالى أعلم.

ويجوز الجمع بين الزوجات والسراري في غسل واحد، وعليه جماعة السلف والخلف، وإن كان الغسل بعد كل وطء أكمل وأفضل؛ لما رواه النسائي عن أبي رافع قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه، فجعل يغتسل عند هذه وعند هذه، فقلت: يا رسول الله! لو جعلته غسلاً واحدًا؟ قال: هذا أزكى وأطيب وأطهر (1).

(23)

ومن باب: وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

(قول أم سليم: إن الله لا يستحيي من الحق) أي: لا يأمر بالحياء فيه، ولا يمنع من ذكره، وأصل الحياء: انقباض واحتشام يجده الإنسان عندما يطلع منه على

(1) رواه أبو داود (219)، والنسائي في عشرة النساء (149)، وابن ماجه (590).

ص: 568

سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ! وَتَحتَلِمُ المَرأَةُ؟ فَقَالَ: تَرِبَت يَدَاكِ، فَبِمَ يُشبِهُهَا وَلَدُهَا؟ .

رواه أحمد (6/ 292 و 302)، ومسلم (310)، والنسائي (1/ 112).

ــ

مستقبح، وهو في حق الله تعالى: عبارة عن الامتناع عن مثل ذلك الفعل المستحيا منه.

و(قوله: تربت يداك) أي: افتقرت، قال الهروي: ترب الرجل إذا افتقر، وأترب: إذا استغنى، وفي الصحاح: ترب الشيء بالكسر: أصابه التراب، ومنه ترب الرجل: افتقر؛ كأنه لصق بالتراب، قال: وأترب الرجل: استغنى، كأنه صار ماله من الكثرة بقدر التراب. وتأول مالك قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة: تربت يداك بمعنى الاستغناء، وكذلك قال عيسى بن دينار، وقال ابن نافع: معناه: ضعف عقلك. وقال الأصمعي: معناه: الحض على تعلم مثل هذا، كما يقال: انجُ ثكلتك أمك. وقيل: تربت يداك: أصابها التراب، ولم يرد الفقر. والصحيح: أن هذا اللفظ وشبهه تجري على ألسنة العرب من غير قصد الدعاء به. وهذا مذهب أبي عبيد في هذه الكلمات وما شابهها. وقد أحسن البديع في بعض رسائله، وأوضح هذا المعنى فقال:

وقد يوحش اللفظ وكله ودٌّ، ويكره الشيء وما من فعله بدٌّ، هذه العرب تقول: لا أبا لك للشيء إذا أهم، وقاتله الله، ولا يريدون به الذم، وويل أمه، للأمر إذا تم. وللألباب في هذا الباب أن تنظر إلى القول وقائله، فإن كان وليًّا فهو الولاء وإن خَشُنَ، وإن كان عدوًّا فهو البلاء وإن حسن.

قال الشيخ: وعلى تقدير كونه دعاءً على أصله، مقصودًا للنبي صلى الله عليه وسلم على بُعده، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اللهم من دعوت عليه أو سببته أو لعنته - يعني: من

ص: 569

[243]

وَفِي رِوَايَةٍ: فَمِن أَينَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبيَضُ، وَمَاءَ المَرأَةِ رَقِيقٌ أَصفَرُ. فَمِن أَيِّهِمَا عَلا، أو سَبَقَ، يَكُونُ مِنهُ الشَّبَهُ.

رواه أحمد (3/ 282)، ومسلم (311) عن أم سُليم.

ــ

المسلمين - فاجعل ذلك له زكاة ورحمة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة (1). وإنكار أم سلمة وعائشة على أم سليم قضية احتلام النساء، تدل على قلة وقوعه من النساء.

و(قوله: فمن أين يكون الشبه) يروى بكسر الشين وسكون الباء، وفتح الشين والباء لغتان، كما يقال: مِثل، ومَثَل، ومعنى ذلك مفسر في حديث عائشة وثوبان، وما ذكره من صفة الماءين إنما هو في غالب الأمر واعتدال الحال، وإلا فقد تختلف أحوالهما للعوارض.

و(قوله: فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه) أي: فمن أجل علو أو سبق أحدهما يكون الشبه. ويحتمل: أن يقال: إن من زائدة على قول بعض الكوفيين: إنها تزاد في الواجب بتقدير أيهما. ويحتمل أن يكون أو شكًّا من أحد الرواة. ويحتمل أن يكون تنويعًا؛ أي: أيَّ نوعٍ كان منهما، كان منه الشبه، كما قال الشاعر:

فقالوا لنا ثنتان لا بد منهما

صدور رماح أشرعت أو سلاسل

أي: أحد النوعين لا بد منه. وسبق أي: بادر بالخروج، وقد جاء في غير كتاب مسلم: سَبقَ إلى الرحم (2). ويحتمل أن يكون بمعنى: غلب، من قولهم:

(1) رواه أحمد (6/ 45)، ومسلم (2600).

(2)

ذكره ابن وهب كما في التمهيد (8/ 336).

ص: 570

[244]

وَعَن عَائِشَةَ؛ أَنَّ امرَأَةً قَالَت لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَل تَغتَسِلُ المَرأَةُ إِذَا احتَلَمَت وَأَبصَرَتِ المَاءَ؟ فَقَالَ: نَعَم، فَقَالَت لَهَا عَائِشَةُ: تَرِبَت يَدَاكِ. وَأُلَّت. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: دَعِيهَا. وَهَل يَكُونُ الشَّبَهُ إِلا مِن قِبَلِ ذَلِكِ؟ إِذَا عَلا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أَشبَهَ الوَلَدُ أَخوَالَهُ. وَإِذَا عَلا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشبَهَ الولد أَعمَامَهُ.

ــ

سابقني فلان فسبقته؛ أي: غلبته، ومنه قوله تعالى: وَمَا نَحنُ بِمَسبُوقِينَ؛ أي: مغلوبين، فيكون معناه: يكثر.

و(قوله في الرواية الأخرى: إذا علا ماؤُها ماءَ الرجل أشبه الولد أخوالهُ، وإذا علا ماء الرجل ماءَها أشبه الولد أعمامهُ) مقتضى هذا: أن العُلو يقتضي الشبه، وقد جعل العلو في حديث ثوبان الآتي يقتضي الذكورة والأنوثة، فعلى مقتضى الحديثين يلزم اقتران الشبه للأعمام والذكورة إن علا مني الرجل، وكذلك يلزم إذا علا مني المرأة اقتران الشبه للأخوال والأنوثة؛ لأنهما معلولا علة واحدة، وليس الأمر كذلك، بل الوجود بخلاف ذلك؛ لأنا نجد الشبه للأخوال والذكورة، والشبه للأعمام والأنوثة، فتعين تأويل أحد الحديثين، والذي يتعين تأويله: العلو الذي في حديث ثوبان (1)، فيقال: إن ذلك العلو معناه: سبق الماء إلى الرحم والذكورة (2). ووجهه: أن العلو لما كان معناه الغلبة، كما فسرناه، وكان السابق عاليًا في ابتدائه بالخروج قيل عليه: علا، ويؤيد هذا التأويل أنه قد روي في غير كتاب مسلم: إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذكرا، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل آنثا (3).

(1) يأتي برقم (245).

(2)

من (ع).

(3)

بل هو في صحيح مسلم (315) من حديث ثوبان رضي الله عنه.

ص: 571

رواه أحمد (6/ 92)، ومسلم (314)، وأبو داود (237)، والنسائي (1/ 112 - 113).

* * *

ــ

وقد بنى القاضي أبو بكر بن العربي على اختلاف هذه الأحاديث بناء، فقال: إن للماءين أربعة أحوال:

الأول: أن يخرج ماء الرجل أولاً.

والثاني: أن يخرج ماء المرأة أولاً.

والثالث: أن يخرج ماء الرجل أولاً ويكون أكثر.

الرابع: أن يخرج ماء المرأة أولاً ويكون أكثر.

ويتم التقسيم: بأن يخرج ماء الرجل أولاً، ثم يخرج ماء المرأة بعده، فيكون أكثر، أو بالعكس، وبالعكس فإذا خرج ماء الرجل أولاً وكان أكثر، جاء الولد ذكرًا بحكم السبق، وأشبه الولد أعمامه بحكم الكثرة، وإن خرج ماء المرأة أولاً وكان أكثر جاء الولد أنثى بحكم السبق، وأشبه أخواله بحكم الغلبة، وإن خرج ماء الرجل أولاً لكن لما خرج ماء المرأة بعده كان أكثر، كان الولد ذكرًا بحكم السبق، وأشبه أخواله بحكم غلبة ماء المرأة. وإن سبق ماء المرأة لكن لما خرج ماء الرجل وكان أعلى من ماء المرأة كان الولد أنثى بحكم سبق ماء المرأة، وأشبه أعمامه بحكم غلبة ماء الرجل. وقال: وبانتظام هذه الأقسام يستتب الكلام، ويرتفع التعارض عن هذه الأحاديث.

و(قوله في حديث عائشة: تربت يداك وأُلّت) بضم الهمزة وتشديد اللام؛ أي: أصيبت بالألة، وهي الحربة، يقال: ألّه يؤلّه ألاًّ؛ أي: طعنه بها.

وهذه الأحاديث كلها تدل على أن الغسل إنما هو في الاحتلام من رؤية الماء لا من رؤية الفعل، وعلى أن الولد يكون من مجموع ماء الرجل وماء المرأة معًا، خلافًا لمن ذهب إلى أن الولد إنما هو من ماء المرأة، وأن ماء الرجل له عاقد كالأنفحة للبن، والله أعلم.

ص: 572