المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

[193]

وَعَن عَائِشَةَ، قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي شَأنِهِ كُلِّهِ، فِي تَنَعُلِهِ، وَفِي تَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ.

رواه أحمد (6/ 94 و 130 و 147)، والبخاري (5854)، ومسلم (268)، وأبو داود (4440).

* * *

(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

[194]

عَن عَائِشَةَ؛ قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَشرٌ مِنَ الفِطرَةِ:

ــ

و(قولها: كان يحب التيمن في شأنه كله) كان ذلك منه تبركًا باسم اليمين لإضافة الخير إليها؛ كما قال تعالى: وَأَصحَابُ اليَمِينِ مَا أَصحَابُ اليَمِينِ، وَنَادَينَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيمَنِ، ولما فيه من اليمن والبركة، وهو من باب التفاؤل، ونقيضه الشمال.

ويؤخذ من هذا الحديث: احترام اليمين وإكرامها، فلا تستعمل في إزالة شيء من الأقذار، ولا في شيء من خسيس الأعمال، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء ومسّ الذكر باليمين.

(8)

ومن باب خصال الفطرة

(قوله: عشرٌ من الفطرة) المراد بالفطرة هنا: السنة، قاله الخطابي، وقد تقدم القول فيها عن الإسراء. وهذه الخصال هي التي ابتلى الله بها إبراهيم فأتمهن فجعله الله إمامًا، قاله ابن عباس. وهذه الخصال مجتمعة في أنها محافظةٌ على

ص: 511

قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعفَاءُ اللِّحيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاستِنشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأَظفَارِ،

ــ

حسن الهيئة والنظافة، وكلاهما يحصل به البقاء على أصل كمال الخلقة (1) التي خلق الإنسان عليها، وبقاء هذه الأمور وترك إزالتها يشوه الإنسان ويقبحه، بحيث يُستقذر ويجتنب، فيخرج عما تقتضيه الفطرة الأولى، فسميت هذه الخصال: فطرة لهذا المعنى، والله أعلم.

ولا تباعُد في أن يقول: هي: عشرٌ، وهي: خمسٌ؛ لاحتمال أن يكون أعلم بالخمسِ أولاً، ثم زيد عليها، قاله عياض.

ويحتمل: أن تكون الخمس المذكورة في حديث أبي هريرة هي أوكد من غيرها، فقصدنا بالذكر هنا تنبيهًا على غيرها من خصال الفطرة.

ومن في قوله: عشر من الفطرة للتبعيض؛ ولذلك لم يذكر فيها الختان، ولعله هو الذي نسيه مصعب. وقص الشارب: أن يأخذ ما يطول عن إطار الشفة بحيث لا يشوش على الآكل، ولا يجتمع فيه الوسخ. والإحفاء والجز في الشارب: هو ذلك القص المذكور، وليس بالاستئصال عند مالك وجماعة من العلماء. وهو عنده مُثلَةٌ يؤدب من فعله؛ إذ قد وجد من يقتدى به من الناس لا يُحفون جميعه ولا يستأصلون ذلك. وروي عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا حزبه أمر فتل شاربه، ولو كان يستأصله لم يكن له ما يفتل. وذهب الكوفيون وغيرهم: إلى الاستئصال، تمسكًا بظاهر اللفظ. وذهب بعض العلماء إلى التخيير في ذلك.

وأما إعفاء اللحية: فهو توفيرها وتكثيرها. قال أبو عبيد: يقال: عفا الشيء؛ إذا كثر وزاد. وأعفيته أنا وعفا إذا درس، وهو من الأضداد. وقال غيره: يقال: عفوت الشعر وأعفيته لغتان، فلا يجوز حلقُها، ولا نتفُها، ولا قص الكثير منها. فأما أخذ ما تطاير منها، وما يُشوِّهُ ويدعو إلى الشهرة طولاً

(1) في (ع): أصل كمال الهيئة الخَلْقية.

ص: 512

وَغَسلُ البَرَاجِمِ، وَنَتفُ الإِبِطِ، وَحَلقُ العَانَةِ، وَانتِقَاصُ المَاءِ.

قَالَ مُصعَبٌ بنِ شَيبَة: وَنَسِيتُ العَاشِرَةَ إِلا أَن تَكُونَ المَضمَضَةَ. قَالَ وَكِيعٌ: انتِقَاصُ المَاءِ: يَعنِي الاستِنجَاءَ.

رواه أحمد (6/ 137)، ومسلم (261)، وأبو داود (53)، والترمذي (2758)، والنسائي (8/ 126 - 127).

[195]

وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الفِطرَةُ خَمسٌ: الاختِتَانُ، وَالاستِحدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقلِيمُ الأَظفَارِ، وَنَتفُ الإِبِطِ.

رواه البخاري (5891)، ومسلم (257)، وأبو داود (4198)، والترمذي (2757)، والنسائي (1/ 14 - 15).

ــ

وعرضًا فحسنٌ عند مالك وغيره من السلف، وكان ابن عمر يأخذ من طولها ما زاد على القبضة. والبراجم: مفاصل الأصابع، وقد تقدم الكلام عليها، وهي إن لم تتعاهد بالغسل أسرع إليها الوسخ.

وانتقاص الماء؛ قال أبو عبيد: انتقاص البول بالماء: إذا غسل مذاكيره به، وقيل: هو الانتضاح. وقال وكيع: هو الاستنجاء بالماء.

وخرج نتف الإبط وحلق العانة على المتيسر في ذلك، ولو عكس: فحلق الإبط ونتف العانة جاز لحصول النظافة بكل ذلك، وقد قيل: لا يجوز في العانة إلا الحلق؛ لأن نتفها يؤدي إلى استرخائها، وذكره أبو بكر بن العربي.

والاستحداد: استعمال الحديدة في الحلق.

وتقليم الأظفار: قصها، والقُلامَةُ: ما يزال منها.

ص: 513

[196]

وَعَنِ ابنِ عُمَرَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خَالِفُوا المُشرِكِينَ، أَحفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوفُوا اللِّحَى.

رواه البخاري (5892)، ومسلم (259)، وأبو داود (4199)، والترمذي (2764)، والنسائي (1/ 16).

[197]

وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا المَجُوسَ.

ــ

وأمَّا الختان: فسنةٌ منتشرة في العرب، معمول بها من لدن إبراهيم، فإنه أول من اختتن، وهو عند مالك وعامة العلماء سنة مؤكدة، وشعارٌ من شعائر الإسلام، إلا أنه لم يرد من الشرع ذم تاركه، ولا توعده بعقاب، فلا يكون واجبًا خلافًا للشافعي، وهو مقتضى قول سحنون من أصحابنا. واستدل ابن سريج على وجوبه بالإجماع على تحريم النظر إلى العورة، وقال: لولا أن الختان فرضٌ لما أبيح النظر إليها من المختُون. وأجيب: بأن مثل هذا قد يباح لمصلحة الجسم؛ كنظر الطبيب؛ على ما قد ثبت عن جماعة من السلف من إباحة ذلك، على ما حكاه أبو عمر، ولم يذكر في إباحة ذلك خلافًا، والطبُّ ليس بواجبٍ إجماعًا، فما فيه مصلحة دينية أولى بذلك.

و(قوله: أحفوا الشوارب) بألف القطع رباعيًا، وهو المشهور فيه، وهو في أصل اللغة للمبالغة في استقصاء ذلك الشيء؛ ومنه: أحفى في المسألة، وفي الكلام: إذا أكثر من ذلك وبلغ غايته، وقد قال ابن دريد: يقال: حفا شاربه، يحفوه، حفوًا: إذا استأصل جزَّه. قال: ومنه: احفوا الشوارب، فعلى هذا يكون ثلاثيًّا، وتكون ألفه ألف وصل تبتدأ مضمومة بضم ثالث الفعل، وقد قدمنا أن هذا الظاهر غير مُراد بما تقدَّم.

ص: 514

رواه أحمد (2/ 365 و 366)، ومسلم (260).

[198]

وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقلِيمِ الأَظفَارِ، وَنَتفِ الإِبِطِ، وَحَلقِ العَانَةِ، أَلا نُترَك أَكثَرَ مِن أَربَعِينَ لَيلَةً.

رواه أحمد (3/ 122 و 203)، ومسلم (258)، وأبو داود (4200)، والترمذي (2759)، والنسائي (1/ 15 - 16).

* * *

ــ

و(قوله: جزوا الشوارب) كذا الرواية الصحيحة عند الكافة، ووقع: خذوا الشوارب. وكأنه تصحيفٌ. ووقع لابن ماهان: ارجوا اللحى، بالجيم، وكأن هذا تصحيف، وتخريجه على أنه أراد أرجئوا من الإرجاء، فسهل الهمزة فيه.

و(قوله: خالفوا المشركين والمجوس) دليل على اجتناب التشبه بهم.

و(قوله في حديث أنس: وُقِّت لنا في قص الشارب. . إلى آخره) هذا تحديد أكثر المدة، والمستحب تفَقّدُ ذلك من الجمعة إلى الجمعة، وإلا فلا تحديد فيه للعلماء، إلا أنه إذا كثر ذلك أزيل.

وهذا الحديث يرويه جعفر بن سليمان. قال العقيلي: في حديثه نظر. وقال أبو عمر فيه: ليس بحجة لسوء حفظه، وكثرة غلطه (1). قال الشيخ رحمه الله: وفي قولهما نظر (2).

(1) انظر: ميزان الاعتدال (1/ 408 - 411).

(2)

ساقط من (ع).

ص: 515