الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة
[267]
عَن عَبدِ اللهِ بنِ جَعفَرٍ؛ قَالَ: أَردَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَومٍ خَلفَهُ. فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا، لا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ. وَكَانَ أَحَبَّ مَا استَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ، هَدَفٌ أو حَائِشُ نَخلٍ. يَعنِي حَائِطَ نَخلٍ.
رواه مسلم (342)، وأبو داود (2549)، وابن ماجه (340).
* * *
(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ
[268]
عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنصَارِ، فَأَرسَلَ إِلَيهِ، فَخَرَجَ وَرَأسُهُ يَقطُرُ. فَقَالَ: لَعَلَّنَا أَعجَلنَاكَ؟ قَالَ: نَعَم. يَا رسولَ الله! قَالَ: إِذَا أُعجِلتَ أو أَقحَطتَ،
ــ
(32)
ومن باب ما يستر به لقضاء الحاجة (1)
(قوله: هدف أو حائش نخل) الهدف: ما ارتفع من الأرض، وكل مرتفع هدف. وحائش النخل: مجتمعه. وهو الحَشُّ والحُشُّ أيضًا.
(33)
ومن باب الرجل يطأ ثم لا ينزل
(قوله: إذا أُعجلت أو أُقحطت) الرواية بضم همزة أُقحطت وكسر الحاء مبنيًّا لما لم يسم فاعله، ولعله إتباع لأعجلت، فإنه لا يقال في هذا إلا: أقحط
(1) العنوان ساقط من الأصول، واستدركناه من صحيح مسلم.
فَلا غُسلَ عَلَيكَ، وَعَلَيكَ الوُضُوءُ.
وَفِي رِوَايَةٍ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا المَاءُ مِنَ المَاءِ.
ــ
الرجل إذا لم ينزل، بالفتح، كما يقال: أقحط القوم؛ إذا أصابهم القحط، وهذا منه. وأصله: من قحط المطر، بالفتح، يقحط قحوطًا: إذا احتبس. وقد حكى الفراء: قحط المطر بالكسر، يقحط، ويقال: أقحط الناس وأقحطوا بالضم والفتح، وقحطوا، وقحطوا كذلك، وهو هنا عبارة عن الإكسال، وهو عدم الإنزال.
وفي الأفعال: كِسل بكسر السين: فتر، وأكسل في الجماع: ضعف عن الإنزال، وقد روى غيره يكسل ثلاثيًّا ورباعيًّا.
و(قوله: فلا غسل عليك وعليك الوضوء) كان هذا الحكم في أول الإسلام ثم نسخ بعد، قاله الترمذي وغيره. وقد أشار إلى ذلك أبو العلاء بن الشخير وأبو إسحاق، قال ابن القصَّار: أجمع التابعون ومن بعدهم بعد خلاف من تقدم على الأخذ بحديث: إذا التقى الختانان (1) وإذا صح الإجماع بعد الخلاف كان مسقطًا للخلاف.
قال القاضي عياض: لا نعلم من قال به بعد خلاف الصحابة إلا ما حكي عن الأعمش، ثم بعده داود الأصبهاني، وقد روي أن عمر حمل الناس على ترك الأخذ بحديث: الماء من الماء لما اختلفوا فيه.
قال الشيخ رحمه الله: وقد رجع المخالفون فيه من الصحابة عن ذلك حين سمعوا حديثي عائشة، فلا يلتفت إلى شيء من الخلاف المتقدم ولا المتأخر في هذه المسألة، الذي تقرر فيها من الأحاديث الآتية والعمل الصحيح.
و(قوله: إنما الماء من الماء) حمله ابن عباس على أن ذلك في الاحتلام فتأوله، وذهب غيره من الصحابة وغيرهم إلى أن ذلك منسوخ كما تقدم، وكما يأتي بعد.
(1) رواه أحمد (6/ 239) من حديث عائشة رضي الله عنها.
رواه أحمد (3/ 47)، والبخاري (180)، ومسلم (343)، وأبو داود (217).
[269]
وَعَن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ؛ قَالَ: سَأَلتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنَ المَرأَةِ ثُمَّ يُكسِلُ؟ فَقَالَ: يَغسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنَ المَرأَةِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي.
- قَالَ أبو العَلاءِ بنُ الشِّخِّيرِ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنسَخُ حَدِيثُهُ بَعضُهُ بَعضًا، كَمَا يَنسَخُ القُرآنُ بَعضُهُ بَعضًا. قَالَ أبو إسحاقٌ: هَذا مَنسُوخ.
رواه أحمد (5/ 113)، والبخاري (293)، ومسلم (346).
[270]
وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا جَلَسَ بَينَ شُعَبِهَا الأَربَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَد وَجَبَ عَلَيهِ الغُسلُ، وَإِن لَم يُنزِل.
رواه أحمد (2/ 347)، والبخاري (291)، ومسلم (348)، وأبو داود (216)، والنسائي (1/ 110 - 111).
ــ
و(قوله: إذا جلس بين شعبها الأربع) قال الهروي: بين رجليها وشُفريها (1). وقال الخطابي: بين إسكتيها (2) وفخذيها. قال أبو الفضل عياض: والأولى أن الشعب: نواحي الفرج الأربع، والشعب: النواحي، وهذا مثل قوله: إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة (3) لأنها لا تتوارى حتى تغيب بين الشعب.
و(قوله: ثم جهدها) قال الخطابي: حَفَزها، وقال: الجهد من أسماء النكاح. قال الشيخ: وعلى هذا يكون معنى جهدهَا: نَكَحها. قال بعضهم: بلغ مشقتها. يقال: جهدته، وأجهدته: بلغت مشقته. وقال أبو الفضل عياض: الأولى
(1) أي: طرفي فرجها.
(2)
الإسكتان هما جانبا الفرج وطرفاه.
(3)
رواه أحمد (2/ 178)، وابن ماجه (611) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.
[271]
وَعَن أَبِي مُوسَى؛ قَالَ: اختَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهطٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ. فَقَالَ الأَنصَاريون: لا يَجِبُ الغُسلُ إِلا مِنَ الدَّفقِ أو مِنَ المَاءِ. وَقَالَ المُهَاجِرُونَ: بَل إِذَا خَالَطَ فَقَد وَجَبَ الغُسلُ. قَالَ: قَالَ أبو مُوسَى: فَأَنَا أَشفِيكُم في ذَلِكَ. فَقُمتُ فَاستَأذَنتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَأُذِنَ لِي. فَقُلتُ لها: يَا أُمَّاه! - أو يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ - إِنِّي أُرِيدُ أَن أَسأَلَكِ عَن شَيءٍ، وَإِنِّي أَستَحيِيكِ. فَقَالَت: لا تَستَحيِي أَن تَسأَلَنِي عَمَّا كُنتَ سَائِلاً عَنهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتكَ، فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ. قُلتُ: فمَا يُوجِبُ الغُسلَ؟ قَالَت: عَلَى الخَبِيرِ سَقَطتَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا جَلَسَ بَينَ شُعَبِهَا الأَربَعِ، وَمَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ، فَقَد وَجَبَ الغُسلُ.
رواه أحمد (6/ 112)، ومسلم (349)، والترمذي (108 و 109).
[272]
وَعَن عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ أَهلَهُ ثُمَّ يُكسِلُ. هَل عَلَيهِمَا الغُسلُ؟ وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لأَفعَلُ ذَلِكَ، أَنَا وَهَذِهِ، ثُمَّ نَغتَسِلُ.
رواه مسلم (350).
* * *
ــ
أن يكون جهد؛ أي: بلغ جهدهُ فيها، وهي إشارة إلى الفعل.
و(قوله: من الدفق أو من الماء) هو على الشك من أحد الرواة، والدفق: الصب، وهو الاندفاق والتدفق. وماء دافق؛ أي: مدفوق، كسرٍّ كاتم؛ أي: مكتوم.
ويقال: دُفقَ الماءُ، مبنيًّا على ما لم يسم فاعله، ولا يقال: مبنيًّا للفاعل. قال الشيخ: وهذه الأحاديث، أعني حديث أبي هريرة وحديثي عائشة لا يبقى معها متمسك للأعمش وداود، والله أعلم.