المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا ينزل - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا ينزل

(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

[267]

عَن عَبدِ اللهِ بنِ جَعفَرٍ؛ قَالَ: أَردَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَومٍ خَلفَهُ. فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا، لا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ. وَكَانَ أَحَبَّ مَا استَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ، هَدَفٌ أو حَائِشُ نَخلٍ. يَعنِي حَائِطَ نَخلٍ.

رواه مسلم (342)، وأبو داود (2549)، وابن ماجه (340).

* * *

(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

[268]

عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنصَارِ، فَأَرسَلَ إِلَيهِ، فَخَرَجَ وَرَأسُهُ يَقطُرُ. فَقَالَ: لَعَلَّنَا أَعجَلنَاكَ؟ قَالَ: نَعَم. يَا رسولَ الله! قَالَ: إِذَا أُعجِلتَ أو أَقحَطتَ،

ــ

(32)

ومن باب ما يستر به لقضاء الحاجة (1)

(قوله: هدف أو حائش نخل) الهدف: ما ارتفع من الأرض، وكل مرتفع هدف. وحائش النخل: مجتمعه. وهو الحَشُّ والحُشُّ أيضًا.

(33)

ومن باب الرجل يطأ ثم لا ينزل

(قوله: إذا أُعجلت أو أُقحطت) الرواية بضم همزة أُقحطت وكسر الحاء مبنيًّا لما لم يسم فاعله، ولعله إتباع لأعجلت، فإنه لا يقال في هذا إلا: أقحط

(1) العنوان ساقط من الأصول، واستدركناه من صحيح مسلم.

ص: 599

فَلا غُسلَ عَلَيكَ، وَعَلَيكَ الوُضُوءُ.

وَفِي رِوَايَةٍ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا المَاءُ مِنَ المَاءِ.

ــ

الرجل إذا لم ينزل، بالفتح، كما يقال: أقحط القوم؛ إذا أصابهم القحط، وهذا منه. وأصله: من قحط المطر، بالفتح، يقحط قحوطًا: إذا احتبس. وقد حكى الفراء: قحط المطر بالكسر، يقحط، ويقال: أقحط الناس وأقحطوا بالضم والفتح، وقحطوا، وقحطوا كذلك، وهو هنا عبارة عن الإكسال، وهو عدم الإنزال.

وفي الأفعال: كِسل بكسر السين: فتر، وأكسل في الجماع: ضعف عن الإنزال، وقد روى غيره يكسل ثلاثيًّا ورباعيًّا.

و(قوله: فلا غسل عليك وعليك الوضوء) كان هذا الحكم في أول الإسلام ثم نسخ بعد، قاله الترمذي وغيره. وقد أشار إلى ذلك أبو العلاء بن الشخير وأبو إسحاق، قال ابن القصَّار: أجمع التابعون ومن بعدهم بعد خلاف من تقدم على الأخذ بحديث: إذا التقى الختانان (1) وإذا صح الإجماع بعد الخلاف كان مسقطًا للخلاف.

قال القاضي عياض: لا نعلم من قال به بعد خلاف الصحابة إلا ما حكي عن الأعمش، ثم بعده داود الأصبهاني، وقد روي أن عمر حمل الناس على ترك الأخذ بحديث: الماء من الماء لما اختلفوا فيه.

قال الشيخ رحمه الله: وقد رجع المخالفون فيه من الصحابة عن ذلك حين سمعوا حديثي عائشة، فلا يلتفت إلى شيء من الخلاف المتقدم ولا المتأخر في هذه المسألة، الذي تقرر فيها من الأحاديث الآتية والعمل الصحيح.

و(قوله: إنما الماء من الماء) حمله ابن عباس على أن ذلك في الاحتلام فتأوله، وذهب غيره من الصحابة وغيرهم إلى أن ذلك منسوخ كما تقدم، وكما يأتي بعد.

(1) رواه أحمد (6/ 239) من حديث عائشة رضي الله عنها.

ص: 600

رواه أحمد (3/ 47)، والبخاري (180)، ومسلم (343)، وأبو داود (217).

[269]

وَعَن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ؛ قَالَ: سَأَلتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنَ المَرأَةِ ثُمَّ يُكسِلُ؟ فَقَالَ: يَغسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنَ المَرأَةِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي.

- قَالَ أبو العَلاءِ بنُ الشِّخِّيرِ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنسَخُ حَدِيثُهُ بَعضُهُ بَعضًا، كَمَا يَنسَخُ القُرآنُ بَعضُهُ بَعضًا. قَالَ أبو إسحاقٌ: هَذا مَنسُوخ.

رواه أحمد (5/ 113)، والبخاري (293)، ومسلم (346).

[270]

وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا جَلَسَ بَينَ شُعَبِهَا الأَربَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَد وَجَبَ عَلَيهِ الغُسلُ، وَإِن لَم يُنزِل.

رواه أحمد (2/ 347)، والبخاري (291)، ومسلم (348)، وأبو داود (216)، والنسائي (1/ 110 - 111).

ــ

و(قوله: إذا جلس بين شعبها الأربع) قال الهروي: بين رجليها وشُفريها (1). وقال الخطابي: بين إسكتيها (2) وفخذيها. قال أبو الفضل عياض: والأولى أن الشعب: نواحي الفرج الأربع، والشعب: النواحي، وهذا مثل قوله: إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة (3) لأنها لا تتوارى حتى تغيب بين الشعب.

و(قوله: ثم جهدها) قال الخطابي: حَفَزها، وقال: الجهد من أسماء النكاح. قال الشيخ: وعلى هذا يكون معنى جهدهَا: نَكَحها. قال بعضهم: بلغ مشقتها. يقال: جهدته، وأجهدته: بلغت مشقته. وقال أبو الفضل عياض: الأولى

(1) أي: طرفي فرجها.

(2)

الإسكتان هما جانبا الفرج وطرفاه.

(3)

رواه أحمد (2/ 178)، وابن ماجه (611) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.

ص: 601

[271]

وَعَن أَبِي مُوسَى؛ قَالَ: اختَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهطٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ. فَقَالَ الأَنصَاريون: لا يَجِبُ الغُسلُ إِلا مِنَ الدَّفقِ أو مِنَ المَاءِ. وَقَالَ المُهَاجِرُونَ: بَل إِذَا خَالَطَ فَقَد وَجَبَ الغُسلُ. قَالَ: قَالَ أبو مُوسَى: فَأَنَا أَشفِيكُم في ذَلِكَ. فَقُمتُ فَاستَأذَنتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَأُذِنَ لِي. فَقُلتُ لها: يَا أُمَّاه! - أو يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ - إِنِّي أُرِيدُ أَن أَسأَلَكِ عَن شَيءٍ، وَإِنِّي أَستَحيِيكِ. فَقَالَت: لا تَستَحيِي أَن تَسأَلَنِي عَمَّا كُنتَ سَائِلاً عَنهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتكَ، فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ. قُلتُ: فمَا يُوجِبُ الغُسلَ؟ قَالَت: عَلَى الخَبِيرِ سَقَطتَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا جَلَسَ بَينَ شُعَبِهَا الأَربَعِ، وَمَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ، فَقَد وَجَبَ الغُسلُ.

رواه أحمد (6/ 112)، ومسلم (349)، والترمذي (108 و 109).

[272]

وَعَن عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ أَهلَهُ ثُمَّ يُكسِلُ. هَل عَلَيهِمَا الغُسلُ؟ وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لأَفعَلُ ذَلِكَ، أَنَا وَهَذِهِ، ثُمَّ نَغتَسِلُ.

رواه مسلم (350).

* * *

ــ

أن يكون جهد؛ أي: بلغ جهدهُ فيها، وهي إشارة إلى الفعل.

و(قوله: من الدفق أو من الماء) هو على الشك من أحد الرواة، والدفق: الصب، وهو الاندفاق والتدفق. وماء دافق؛ أي: مدفوق، كسرٍّ كاتم؛ أي: مكتوم.

ويقال: دُفقَ الماءُ، مبنيًّا على ما لم يسم فاعله، ولا يقال: مبنيًّا للفاعل. قال الشيخ: وهذه الأحاديث، أعني حديث أبي هريرة وحديثي عائشة لا يبقى معها متمسك للأعمش وداود، والله أعلم.

ص: 602