الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: إِنِّي قَد رَأَيتُكَ جِئتَ آنِفًا. قَالَ: مَا مِنكُم مِن أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبلِغُ - أو فَيُسبِغُ - الوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُ الله وَرَسُولُهُ، إِلا فُتِحَت لَهُ أَبوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدخُلُ مِن أَيِّهَا شَاءَ.
رواه أحمد (4/ 146 و 153)، ومسلم (234)، وأبو داود (169 و 170)، والترمذي (55)، والنسائي (1/ 92 - 93).
* * *
(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة
[180]
عَن سَالِمٍ مَولَى شَدَّادٍ؛ قَالَ: دَخَلتُ عَلَى عَائِشَةَ زَوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَومَ تُوُفِّيَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ. فَدَخَلَ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ أَبِي بَكرٍ فَتَوَضَّأَ عِندَهَا. فَقَالَت: يَا عَبدَ الرَّحمَنِ! أَسبِغِ الوُضُوءَ. فَإِنِّي سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: وَيلٌ لِلأعقَابِ مِنَ النَّارِ.
رواه أحمد (6/ 81 و 84 و 99 و 192)، ومسلم (240).
ــ
وفي هذا الحديث ما يدل على أن الذكر بعد الوضوء فضيلة من فضائله، وعلى أن أبواب الجنة ثمانية لا غير، وعلى أن داخل الجنة يخير في أي الأبواب شاء، وقد تقدم استيعاب هذا المعنى.
(5)
ومن باب توعد من لم يُسبغ
(قوله: ويل للأعقاب من النار) ويل: كلمة عذابٍ وقبُوحٍ وهلاكٍ، مثل: ويح، وعن أبي سعيد الخدري وعطاء بن يسار: هو وادٍ في جهنم، لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حرّه. وقال ابن مسعودٍ: صديدُ أهلِ النارِ، ويقال: وَيلٌ لزيد،
[181]
وَعَن عَبدِ اللهِ بنِ عمرو؛ قَالَ: رَجَعنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ. تَعَجَّلَ قَومٌ عِندَ العَصرِ، فَتَوَضَّؤوا وَهُم عِجَالٌ، فَانتَهَينَا إِلَيهِم، وَأَعقَابُهُم تَلُوحُ لَم يَمَسَّهَا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَيلٌ لِلأعقَابِ مِنَ النَّارِ. أَسبِغُوا الوُضُوءَ.
ــ
وويلاً له بالرفع على الابتداء، والنصب على إضمارِ الفعلِ، فإن أضفته لم يَكُن إلا النصب؛ لأنك لو رفعته لم يكن له خبرٌ.
والأعقاب: جمع عقبٍ، وعقب كل شيء: آخره، والعراقيب: جمع عرقوب، وهو العصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان، وعرقوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يَدِها، قال الأصمعي: وكل ذي أربع فعرقوباه في رجليه، وركبتاه في يديه. ومعنى ذلك: أن الأعقاب والعراقيب تعذب إن لم تعمم بالغسل.
وهذه الأحاديث كلها تدل على أن فرض الرجلين الغسل، لا المسح، وهو مذهب جمهور السلف وأئمة الفتوى، وقد حكي عن ابن عباس وأنس وعكرمة: أن فرضهما المسح إن صح ذلك عنهما، وهو مذهب الشيعة.
وذهب ابن جرير الطبري: إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح، وسبب الخلاف اختلاف القراء (1)، في قوله تعالى: وَأَرجُلَكُم بالخفض والنصب، وقد أكثر الناس في تأويل هاتين القراءتين. والذي ينبغي أن يقال: إن قراءة الخفض عطف على الرأس فهما يُمسحان. لكن إذا كان عليهما خُفان، وتلقينا هذا القيد من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ لم يصح عنه أنه مسح رجليه إلا وعليهما خُفان. والمتواتر عنه غسلهما، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم بفعله الحال الذي تغسل فيه الرجل، والحال الذي تمسح فيه (2)، فليكتف بهذا فإنه بالغ، وقد طولنا النفس في هذه المسألة في (3) كتابنا في شرح التلقين أعان الله على تمامه.
(1) في (ل): القراءة.
(2)
في (ع): به.
(3)
سقط من (ع).
وَفِي رِوَايَةٍ؛ قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ سَافَرنَاهُ، فَأَدرَكَنَا وَقَد حَضَرَت صَلاةُ العَصرِ فَجَعَلنَا نَمسَحُ عَلَى أَرجُلِنَا، فَنَادَى: وَيلٌ لِلأعقَابِ مِنَ النَّارِ.
رواه أحمد (2/ 193)، والبخاري (60)، ومسلم (241)، وأبو داود (97)، والنسائي (1/ 78).
[182]
وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً لَم يَغسِل عَقِبَيه، فَقَالَ: وَيلٌ لِلأَعقَابِ مِنَ النَّارِ.
وَفِي أخرى: وَيلٌ لِلعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ.
رواه أحمد (2/ 282 و 284 و 406 و 409 و 430)، والبخاري (165)، ومسلم (242)، والترمذي (41)، والنسائي (1/ 77).
ــ
و(قوله: فجعلنا نمسح على أرجلنا، قد يتمسك به من قال بجواز مسح الرجلين، ولا حجة له فيه لأربعة أوجه:
أحدها: أن المسح هنا يراد به الغسل، فمن الفاشي المستعمل في أرض الحجاز، أن يقولوا: تمسحنا للصلاة؛ أي: توضأنا.
وثانيها: أن قوله: وأعقابهم تلُوحُ لم يمسها الماء يدل على أنهم كانوا يغسلون أرجلهم؛ إذ لو كانوا يمسحونها؛ لكانت القدم كلها لائحة، فإن المسح لا يحصل منه بَللُ الممسوح.
وثالثها: أن هذا الحديث قد رواه أبو هريرة فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لم يغسل عقبه، فقال: ويل للأعقاب من النار (1).
(1) رواه أحمد (4/ 409)، والبخاري (165)، ومسلم (242)(29).