المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

وَقَالَ: إِذَا وَلَغَ الكَلبُ فِي الإِنَاءِ فَاغسِلُوهُ سَبعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ فِي التُّرَابِ.

رواه أحمد (4/ 86)، ومسلم (280)، وأبو داود (74)، والنسائي (1/ 177).

* * *

(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

282 -

[217] عَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُم فِي المَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغتَسِلُ مِنهُ.

رواه أحمد (2/ 346 و 362)، والبخاري (239)، ومسلم (282)، وأبو داود (69 و 70)، والترمذي (68)، والنسائي (1/ 49).

ــ

(16)

ومن باب: النهي عن البول في الماء الراكد

(قوله: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم) يعني به: الذي لا يجري. وقد جاء في لفظ آخر: الراكد أي: الساكن.

و(قوله: ثم يغتسل منه) الرواية الصحيحة: يغتسلُ برفع اللام، ولا يجوز نصبها؛ إذ لا ينتصب بإضمار أن بعد ثُم. وبعض الناس قيده: ثم يغتَسِل مجزومة اللام على العطف على: لا يبولن، وهذا ليس بشيء؛ إذ لو أراد ذلك لقال: ثم لا يغتَسلنَّ؛ لأنه إذ ذاك يكون عطف فعل على فعل، لا عطف جملة على جملة، وحينئذ يكون الأصل مساواة الفعلين في النهي عنهما، وتأكيدهما بالنون الشديدة،

ص: 541

[218]

وَعَنهُ؛ قَالَ: قاَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا يَغتَسِل أَحَدُكُم فِي المَاءِ

ــ

فإن المحل الذي توارَد عليه هو شيء واحد، وهو الماء، فعُدُوله عن ثم لا يغتسلن إلى ثم يغتسل دليل على أنه لم يرد العطف، وإنما جاء: ثم يغتسل على التنبيه على مآل الحال، ومعناه: أنه إذا بال فيه قد يحتاج إليه، فيمتنع عليه استعماله، لما وقع فيه من البول، وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يضرب أحدكم امرأته ضرب الأمة ثم يضاجعها (1)، برفع يضاجعها، ولم يروه أحد بالجزم، ولا يتخيله فيه؛ لأن المفهوم منه: أنه إنما نهاه عن ضربها؛ لأنه يحتاج إلى مضاجعتها في ثاني حال، فتمتنع عليه لما أساء من معاشرتها، فيتعذر عليه المقصود لأجل الضرب، وتقدير اللفظ: ثم هو يضاجعها، وثم هو يغتسل.

وهذا الحديث حجة لمن رأى أن قليل النجاسة ينجس قليل الماء، وإن لم تُغيره، وهو أحد أقوال مالك، ومشهور مذهبه في رواية المدنيين أنه طهور، لكنه مكروه مع وجود غيره. ويصح أن يحمل هذا الحديث على أنه إذا أبيح البول فيه أدى إلى تغيره، فحميت الذريعة بالنهي عن البول.

ومذهب السلف والخلف أنه لا فرق بين النهي عن البول فيه وبين صب بول فيه، ولا بين البول والغائط، وسائر النجاسات كلها. وذهب من أذهبه الله عن فهم الشريعة، وأبقاه في درجة العوام، وهو داود من المتقدمين، وابن حزم من المتأخرين المجترئين: على أن ذلك مقصورٌ على البول فيه خاصة، فلو صب فيه بولاً أو عذِرَةً جاز ولم يضر ذلك الماء، وكذلك لو بال خارج الماء فجرى إلى الماء لم يضره عندهما، ولم يتناوله النهي، ومن التزم هذه الفضائح وجمد هذا الجمود، فحقيق ألاّ يعد من العلماء، بل ولا في الوجود، ولقد أحسن القاضي أبو بكر رحمه الله حيث قال: إن أهل

(1) ذكره ابن حجر في فتح الباري (1/ 347) بهذا اللفظ، ولم يعزه لأحد. ورواه بنحوه البخاري (4942)، ومسلم (2855)، والترمذي (3340) من حديث عبد الله بن زمعة رضي الله عنه. وانظر: عشرة النساء رقم (284).

ص: 542

الدَّائِمِ وهو جُنُبٌ، فَقَالَ: كَيفَ يَفعَلُ يَا أَبَا هُرَيرَةَ؟ فقَالَ: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلاً.

رواه مسلم (283)، والنسائي (1/ 197).

[219]

وَعَن أَنَس بن مَالِكٍ؛ قَالَ: بَينَمَا نَحنُ فِي المَسجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذ جَاءَ أَعرَابِيٌّ، فَقَامَ يَبُولُ فِي المَسجِدِ. فَقَالَ أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَه مَه. قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تُزرِمُوهُ، دَعُوهُ

ــ

الظاهر ليسوا من العلماء، ولا من الفقهاء، فلا يعتد بخلافهم، بل هم من جملة العوام، وعلى هذا جل الفقهاء والأصوليين. ومن اعتد بخلافهم، إنما ذلك لأن من مذهبه أنه يعتبر خلاف العوام؛ فلا ينعقد الإجماع مع وجود خلافهم. والحق: أنه لا يعتبر إلا خلاف من له أهلية النظر والاجتهاد، على ما يذكر في الأصول.

و(قول أبي هريرة لما قيل له: كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولاً) يعني: أن يتناول منه، فيغتسل خارجه، ولا ينغمس فيه، وهذا كما قال مالك، حيث سئل عن نحو هذا، فقال: يحتال. وهذا كله محمول على غير المستبحر (1). وأما إذا كان كثيرا مستبحرًا بحيث لا يتغير فلا بأس به؛ إذ لم يتناوله الخبر.

وللإجماع على أن الماء إذا كان بحيث لا تسري حركة المغتسل أو المتوضئ إلى جميع أطرافه فإنه لا تضره النجاسة إذا لم تغيره، وهو أقصى ما فرق بين القليل والكثير في المياه، والله تعالى أعلم.

و(قوله: مه مه) هي: اسم من أسماء الأفعال، بمعنى كُفّ، وهي ساكنة الهاء، ويقال: به به بالباء بدل الميم، فإن وَصَلتَه نَوّنتَ مَهٍ مَهٍ، ويقال: مَهمَهتُ به؛ أي زجرته.

ولا تزرموه: بتقديم الزاي، أي: لا تقطعوا عليه بوله، يقال: زَرِمَ بوله،

(1)"المستبحر": الذي يُعَدّ كالبحر.

ص: 543

فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ. ثُمَّ إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ المَسَاجِدَ لا تَصلُحُ لِشَيءٍ مِن هَذَا البَولِ وَلا القَذَرِ،

ــ

بكسر الراء؛ أي: انقطع، وأزرمه غيره إزرامًا. وفي الحديث: لا تزرموا أي: لا تقطعوا عليه بوله (1). ويحتمل أمره بتركه أن يكون لئلا تنتشر النجاسة وتكثر، ولئلا يضره قطعُه، وليرفق به.

وقد فرقت الشافعية بين ورود الماء على النجاسة وورود النجاسة على الماء تمسكًا بهذا الحديث، وبقوله عليه الصلاة والسلام: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث (2).

فقالوا: إذا كان الماء دون القلتين فحلت به نجاسة تنجس، وإن لم تغيره، وإن ورد ذلك القدر فأقل على النجاسة فأذهب عينها بقي الماء على طهارته، وأزال النجاسة، وهذه مناقضة؛ إذ المخالطة قد حصلت في الصورتين، وتفريقهم بورود الماء على النجاسة وورودها عليه فرق صوري ليس فيه من الفقه شيء، وليس الباب من باب التعبُدات، بل هو من باب عقلية المعاني، فإنه من باب إزالة النجاسة وأحكامها، ثم هذا كله منهم يرده قوله عليه الصلاة والسلام: الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غير لونه أو رائحته أو طعمه (3).

و(قوله: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر) حجة لمالك في منع إدخال الميت المسجد وتنزيهها عن الأقذار جملة، فلا يقص فيها شعر، ولا ظفر، ولا يتسوك فيها؛ لأنه من باب إزالة القذر، ولا يتوضأ فيها، ولا يؤكل فيها طعامٌ منتن الرائحة، إلى غير ذلك مما في هذا المعنى.

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (م).

(2)

رواه أحمد (2/ 12)، وأبو داود (63 - 65)، والترمذي (67)، والنسائن (1/ 175) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(3)

رواه أحمد (3/ 16 و 31 و 86)، وأبو داود (66)، والنسائي (1/ 174) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.

ص: 544