المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

[246]

عَن عَائِشَةَ؛ قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ. يَبدَأُ فَيَغسِلُ يَدَيهِ - وَفِي رِوَايَةٍ: كَفَّيهِ ثَلاثًا -، ثُمَّ يُفرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغسِلُ فَرجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يَأخُذُ المَاءَ، فَيُدخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَن قَدِ استَبرَأَ، حَفَنَ عَلَى رَأسِهِ ثَلاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجلَيهِ.

رواه أحمد (6/ 237)، والبخاري (258)، ومسلم (316)، وأبو داود (240 - 244)، والترمذي (104)، والنسائي (1/ 131).

ــ

(25)

ومن باب صفة غُسلِهِ صلى الله عليه وسلم من الجنابة

(قوله: ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر) قيل: إنما فعل ذلك ليسهل دخول الماء إلى أصول الشعر، وقيل: ليتأنس بذلك حتى لا يجد بعده من صب الماء الكثير نفرة (1).

و(قوله: حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات) استبرأ أي: استقصى وبالغ، من قولهم: استبرأ الخبرُ. وحفن: أخذ وصب. الحفنات: جمع حفنة، وهي ملء الكفين من الطعام أو نحوه، وأصلها من الشيء اليابس كالدقيق والرمل ونحوه. يقال: حفنتُ لهُ حفنةً؛ أي: أعطيته قليلاً، قاله في الصحاح.

ولا يفهم من هذه الثلاث حفنات أنه غسل رأسه ثلاث مرات؛ لأن التكرار في الغسل غير مشروع؛ لما في ذلك من المشقة، وإنما كان ذلك العدد؛ لأنه بدأ بجانب رأسه الأيمن، ثم الأيسر، ثم على وسط رأسه، كما جاء في حديث

(1)"النُّفْرة": الانقباض.

ص: 576

[247]

وَعَن مَيمُونَةَ؛ قَالَت: أَدنَيتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غُسلَهُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيهِ مَرَّتَينِ أو ثَلاثًا، ثُمَّ أَدخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ أَفرَغَ بِهِ عَلَى فَرجِهِ، وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الأَرضَ فَدَلَكَهَا دَلكًا شَدِيدًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ أَفرَغَ عَلَى رَأسِهِ ثَلاثَ حَفنَاتٍ مِلءَ كَفهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَن مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَغَسَلَ رِجلَيهِ، ثُمَّ أَتَيتُهُ بِالمِندِيلِ فَرَدَّهُ.

ــ

عائشة الآتي بعد هذا، وكما وقع في البخاري أيضًا من حديثها.

و(قوله: ثم أفاض الماء على سائر جسده) استدل (1) به من لم يشترط التدليك، وهو الشافعي، ولا حجة له فيه؛ لأن أفاض إنما معناه: غسل، كما جاء في حديث ميمونة الآتي بعد هذا.

: هو صب الماء على المغسول ودلكه، على ما نقله أصحابنا، والذي وقفت عليه من نقل بعض اللغويين: أن الغسل إجادة التطهير، وهو يُفيدُ: أن مجرد الإفاضة والغمس لا يكتفى به في مسمى الغسل، بل لا بد مع ذلك من مبالغة، إما بالدلك، أو بما يتنزَّل منزلتَهُ، وقد تواردت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان يغسل أعضاء وضوئه، ويدلكها بيديه، ولا فرق بين الغسل والوضوء في هذا. وقد روي من حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمها كيفية الغسل، وأمرها أن تدلك، وهذا ذكره ابن حزم، وضعفه، وسيأتي في حديث أسماء بنت شَكَلٍ ما يدل على التدليك (2).

و(قولهُ هنا: ثم غسل رجليه)

وفي حديث ميمونة: ثم تنحى عن مقامِه فغسل رجليه، استحب بعض العلماء أن يؤخر غسل رجليه على ظاهر هذه الأحاديث، وذلك ليكون الافتتاحُ والاختتام بأعضاء الوضوء.

وقد رُوي عن مالك: ليس العمل على تأخير غسل الرجلين، وليتم وضوءه في أول غسله، فإن أخرهما

(1) في (ع): اشترط.

(2)

يأتي الحديثُ في أول باب (28).

ص: 577

وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَ أُتِيَ بِمِندِيلٍ، فَلَم يَمَسَّهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ بِالمَاءِ هَكَذَا، يَعنِي يَنفُضُهُ.

ــ

أعاد وضوءه عند الفراغ، وكأنه رأى أن ما وقع هنا كان لما ناله من تلك البقعة، وروي عنه: أنه واسعٌ، والأظهر الاستحباب؛ لدوام النبي صلى الله عليه وسلم على فعل ذلك.

و(في حديث ميمونة أنه أتي (1) بالمنديل فرده) يتمسك به من كره التَمندُلَ (2) بعد الوضوءِ والغسل، وبه قال ابن عمرو، وابن أبي ليلى، وإليه مال أصحاب الشافعي رحمه الله، وقال: هو أثر عبادةٍ فتكره إزالته، كدم الشهيد، وخلوف فم الصائم، ولا حجة في الحديث؛ لاحتمال (3) أن يكون رده إياه لشيء رَآهُ في المنديل، أو لاستعجاله للصلاة، أو تواضعًا، أو مجانبة لعادة المترفهين.

وأما القياس فلا نسلمهُ؛ لأنا نمنع (4) الحكم في الأصل؛ إذ الشهيد يحرم غَسل دمه، لا يكره، ولا تكره إزالة الخلوف بالسواك، وروي عن ابن عباس أنه يُكره التمندُلُ في الوضوء دون الغسل. والصحيح أن ذلك واسع، كما ذهب إليه مالك، تمسكًا بعدم الناقل عن الأصل. وأيضًا فقد روي عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة ينشف بها بعد الوضوء (5)، ومن حديث معاذ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح وجهه من وضوئه بطرف ثوبه (6)، ذكرهما الترمذي، وقال: لا يصح في الباب شيء.

و(قولها: وجعل يقول بالماء هكذا) تعني: ينفضه، ردٌّ على من كره

(1) فى (م) و (ط): أتيته.

(2)

في الأصول: (المنديل) والمثبت من (ط).

(3)

في (ل): لحالة.

(4)

في (ع): لا نمنع.

(5)

رواه الترمذي (53).

(6)

رواه الترمذي (54).

ص: 578

وَفِي أُخرى: وَصفُ الوُضُوءِ كُلِّهِ، يَذكُرُ المَضمَضَةَ وَالاستِنشَاقَ فيه.

رواه البخاري (257)، ومسلم (317)، وأبو داود (245)، والترمذي (103)، والنسائي (1/ 137).

[248]

وَعَن عَائِشَةَ؛ قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ دَعَا بِشَيءٍ نحو الحِلابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، بَدَأَ بِشِقِّ رَأسِهِ الأَيمَنِ، ثُمَّ الأَيسَرِ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيهِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأسِهِ.

ــ

التمندل، وقال: لأن الوضوء نور، إذ لو كان كما قال لما نفضه عنه؛ لأن النفضَ كالمسح في إتلاف ذلك الماء.

و(قولها: إن النبي صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق في الغسل) متمسك لأبي حنيفة في إيجابه المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل، وقد تكلمنا على ذلك في الوضوء، ولا متمسك له فيه هاهُنا؛ للاتفاق على أن هذا الوضوء في أول الغسل ليس بواجب، بل مندوب؛ ولأن المأمور به في الغسل ظاهر جلدِ الإنسان لا باطنه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: فاغسلوا الشعر وأنقوا البَشر (1)، والبَشر: ظاهر جلد الإنسان المباشِر.

و(قول عائشة: دعا بشيءٍ نحو الحلاب) روايتنا فيه: الحلاب، بكسر الحاء المهملة لا يصح غيرهًا، قال الخطابي: هو إناءٌ يسع قدر حلبةٍ، وقال غيره: إناء ضخم يحلب فيه، يقال له: المِحلب أيضًا، بكسر الميم، قال الشاعر:

صاحِ! هل رأيت أو سَمِعتَ براع

رد في الضرع ما ثوى (2) في الحلاب

(1) رواه أبو داود (248)، والترمذي (106)، وابن ماجه (597) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

في (ل): ما قرّ.

ص: 579