الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن
[120]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ قَالَ: وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لا يَسمَعُ بِي أَحَدٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ أو نَصرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَم يُؤمِن بِالَّذِي أُرسِلتُ بِهِ، إِلاّ كَانَ مِن أَصحَابِ النَّارِ.
رواه أحمد (2/ 317)، ومسلم (153).
ــ
(50)
ومن باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن
(قوله: لا يسمع بي أحد من هذه الأمة) الحديث. الأمّة في أصل اللغة: الجماعة من الحيوان، قال الله تعالى: وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمثَالُكُم وقال: وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يسقون ثم قد استعمل في محامل شتّى، والمراد به في هذا الحديث: كل من أُرسِلَ إليه محمد صلى الله عليه وسلم ولزمته حجته، سواء صدّقه أو لم يصدّقه، ولذلك دخل فيه اليهودي والنصراني. لكن هذا على مساق حديث مسلم هذا، فإنه قال فيه: لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، بغير واو العطف، فإنّه يكون بدلاً من الأمة. وقد روى هذا الحديث عبد بن حميد، وقال: لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهوديّ ولا نصرانيّ (1)، فحينئذ لا يدخل اليهوديّ ولا النصرانيّ في الأمة المذكورة، والله تعالى أعلم.
وفيه دليل على أنّ مَن لم تبلغه دعوةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أمره، لا عقاب عليه ولا مؤاخذة، وهذا كما قال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبعَثَ رَسُولًا ومن لم تبلغه دعوة الرسول ولا معجزته، فكأنّه لم يُبعث إليه رسول.
(1) رواه أبو عوانة (1/ 104).
[121]
وعَن أَبِي مُوسَى الأشعَرِي؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلاثَةٌ يُؤتَونَ أَجرَهُم مَرَّتَينِ: رَجُلٌ مِن أهل الكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَأَدرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ، فَلَهُ أَجرَانِ. وَعَبدٌ مَملُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللهِ عز وجل وَحَقَّ سَيِّدِهِ، فَلَهُ أَجرَانِ. وَرَجُلٌ كَانَت لَهُ أَمَةٌ فَغَذَّاهَا فَأَحسَنَ غِذَاءَهَا، ثُمَّ أَدَّبَهَا فَأَحسَنَ أَدَبَهَا، ثُمَّ أَعتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجرَانِ.
ثُمَّ قَالَ الشَّعبِيُّ لِلخُرَاسَانِيِّ: خُذ هَذَا الحَدِيثَ بِغَيرِ شَيءٍ، فَقَد كَانَ الرَّجُلُ يَرحَلُ فِيمَا دُونَ هَذَا إِلَى المَدِينَةِ.
رواه أحمد (4/ 405)، والبخاري (3011)، ومسلم (154)، والترمذي (1116)، والنسائي (6/ 115).
* * *
ــ
وهذا الكتابيّ الذي يضاعَف أجرُه، هو الذي كان على الحقّ في شرعه عقدًا وفعلاً، ثمّ لم يزل متمسّكًا بذلك إلى أن جاء نبيّنا صلى الله عليه وسلم فآمن به، واتّبع شريعته، فهذا هو الذي يؤجَر على اتّباع الحقّ الأوّل والحقّ الثاني.
وأمّا من اعتقد الإلهيّة لغير الله تعالى، كما تعتقده النصارى اليوم، أو من لم يكن على حقّ في ذلك الشرع الذي ينتمي إليه، فإذا أسلم جبّ الإسلام ما كان عليه من الفساد والغلط، ولم يكن له حقّ يؤجر عليه إلاّ الإسلام خاصّة - والله أعلم -، وسيأتي في هذا الحديث زيادة بحث.
* * *