المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(18) باب غسل المني من الثوب وغسل دم الحيض - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(18) باب غسل المني من الثوب وغسل دم الحيض

(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

[222]

عَن عَلقَمَةَ وَالأَسوَدِ؛ أَنَّ رَجُلاً نَزَلَ بِعَائِشَةَ، فَأَصبَحَ يَغسِلُ ثَوبَهُ. فَقَالَت عَائِشَةُ: إِنَّمَا كَانَ يُجزِئُكَ أن رَأَيتَهُ أَن تَغسِلَ مَكَانَهُ، فَإِن لَم تَرَ نَضَحتَ حَولَهُ، ولَقَد رَأَيتُنِي أَفرُكُهُ مِن ثَوبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَركًا، فَيُصَلِّي فِيهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَت: هَل رَأَيتَ فِيهِمَا؟ - يَعنِي: فِي ثَوبَيك شَيئًا -، قُلتُ: لا.

قَالَت: فَلَو رَأَيتَ شَيئًا غَسَلتَهُ. لَقَد رَأَيتُنِي وَإِنِّي لأَحُكُّهُ مِن ثَوبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَابِسًا بِظُفُرِي.

رواه أحمد (6/ 97 و 135)، والبخاري (229)، ومسلم (288) و (290)، وأبو داود (371 - 373)، والترمذي (117 و 118)، والنسائي (1/ 56).

ــ

(18)

ومن باب: غسل المني

(قولها: إنما كان يُجزئك أن رأيته أن تغسل مكانه) يجزئك: يكفيك، وأن رأيته بفتح الهمزة روايتنا، ووجهها: أنها مفعولة بإسقاط حرف الجر، تقديره: لأن رأيته، أو: مِن أجل، وهي مع الفعل بتأويل المصدر، وكذلك: أن تغسل مكانه، مفتوحة أيضًا على تأويل المصدر، وهو الفاعل بيجزئك. وهذا من عائشة يدل: على أن المني نجسٌ، وأنه لا يجزئ فيه إلا غسله، فإنها قالت: إنما وهي من حروف الحصر، ويؤيد هذا ويوضحه قولها: فإن لم تر نضحت حوله. فإن النَّضحَ إنما مشروعيتُه حيث تحققت النجاسة، وشك في الإصابة؛ كما قال عمر بن

ص: 548

[223]

وَعَن سُلَيمَانَ بن يَسَارٍ؛ قَالَ: أَخبَرَتنِي عَائِشَةُ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغسِلُ المَنِيَّ ثُمَّ يَخرُجُ إِلَى الصَّلاةِ فِي ذَلِكَ الثَّوبِ. وَأَنَا أَنظُرُ إِلَى أَثَرِ الغَسلِ فِيهِ.

رواه البخاري (230)، ومسلم (289)، وأبو داود (373)، والترمذي (117)، والنسائي (1/ 156)، وابن ماجه (536).

ــ

الخطاب رضي الله عنه، حيث أصبح يغسل جنابةً من ثوبه، فقال: أَغسِلُ ما رأيتُ، وأنضحُ ما لم أر (1).

وهذا مذهب السلف وجمهور العلماء. وذهب الشافعي وكثير من المحدثين: إلى أنه طاهر؛ متمسكين بقول عائشة: لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركًا فيصلي فيه، وبقولها: ولقد رأيتُني وإني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسًا بظفري، وهذا لا حجة فيه لوجهين:

أحدهما: أنها إنما ذكرت ذلك مُحتجة به على فُتياها، بأنه لا يجزئ فيه إلا الغسل فيما رؤي منه، والنضح فيما لم يُرَ، ولا تتقرر حجتها إلا بأن تكون فركته وحكته بالماء، وإلا ناقضَ دليلها فُتياها.

وثانيهما: أنها قد نصّت في الطريق الأخرى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه. لا يقال: كان غسله إياه مبالغة في النظافة؛ لأنا نقول: الظاهر من غسله للصلاة وانتظار جفافه وخروجه إليها وفي ثوبه بُقَع الماء؛ أن ذلك إنما كان لأجل نجاسته، وأيضًا: فإن مناسبة الغسل للنجاسة أصلية؛ إذ هي المأمور بغسلها، فحمل الغسل على قصد النجاسة أولى، ألا ترى أن الشافعية استدلوا على نجاسة الكلب بالأمر بغسل الإناء منه، ولم يعرجوا على احتمال كونه للنظافة، وكذلك نقول نحن في

(1) رواه مالك في الموطأ (1/ 50).

ص: 549

[224]

وَعَن أَسمَاءَ؛ قَالَت: جَاءَتِ امرَأَةٌ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِحدَانَا يُصِيبُ ثَوبَهَا مِن دَمِ الحَيضَةِ. كَيفَ تَصنَعُ بِهِ؟ قَالَ: تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقرُصُهُ بِالمَاءِ، ثُمَّ تَنضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ.

رواه أحمد (6/ 346 و 353)، والبخاري (227)، ومسلم (291)، وأبو داود (360 - 362)، والترمذي (138)، والنسائي (1/ 155).

* * *

ــ

غسل المني، ثم نقول: هب أن هذا الغسل يحتمل أن يكون للنجاسة، ويحتمل أن يكون للنظافة، وحينئذ يكون مجملاً لا يستدل به لا على طهارته، ولا على نجاسته، لكنا عندنا ما يدل على نجاسته، وهو أنه يمر في ممر البول، ثم يخرج فيتنجس بالمرور في المحل النجس، وهذا لا جواب عنه على أصل الشافعية عند الإنصاف.

قالوا: بول النبي صلى الله عليه وسلم وسائر فضلاته طاهرٌ طيبٌ، قلنا: لم يصح عند علمائنا في هذا شيء، والأصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم واحد من البشر، وهو مُسَاو لسائر المكلفين في الأحكام، إلا ما ثبت فيه دليل خصوصيته، سلمنا ذلك، لكن فغيره يكون منيهُ نجسًا بالمرور على ما ذكرنا، فإن قالوا: المني أصلٌ لخلق الإنسان فيكون طاهرًا كالتراب، قلبناه عليهم، فقلنا: المني أصلٌ لخلق الإنسان فيكون نجسًا كالعلقة. فإن قالوا كيف يكون نجسًا وقد خلق منه الأنبياء والأولياء؟ قلنا: وكيف يكون طاهرًا وقد خلق منه الكفرة والضلاّل والأشقياء، فبالذي ينفصلون به ننفصل.

و(قوله عليه الصلاة والسلام: تحته ثم تقرصه) رويناه مشددًا ومخففًا، والحت: الحك. والقرص، والتقريص: هو تقطيعه (1) بأطراف الأصابع ليتحلل بذلك، ويخرج من الثوب.

وقوله: ثم تنضحه، ذهب بعض الناس إلى أن النضح

(1) في (م): تقطيعك.

ص: 550