المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(4) باب مباني الإسلام - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(4) باب مباني الإسلام

وَلَم أَزِد عَلَى ذَلِكَ شَيئًا، أَأَدخُلُ الجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَم، قَالَ: وَاللهِ، لا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيئًا.

رواه أحمد (3/ 348)، ومسلم (15).

* * *

(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

16 -

[13] عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: بُنِيَ الإِسلامُ عَلَى خَمسٍ: شَهَادَةِ أَن لَا إِلهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيتِ، وَصَومِ رَمَضَانَ.

ــ

في أصل الوضع: فيصلُحُ أن يطلق الحلالُ على كلِّ ما للإنسان أن يفعلَهُ شرعًا، ولا يُمتنَعَ منه، والحرامُ على ما منَعُ الإنسانُ من فعله مطلقاً.

و(قوله: وَلَم أَزِد عَلَى ذَلِكَ شَيئًا) يصلُحُ أن يُحمَلَ على ما ذكرناه آنفًا، وَيَحتَمِلُ أن يكون قال ذلك؛ لأنَّه لم يتفرّغ لفعلِ شيء من النوافل في تلك الحال: إمَّا لِشَغله بالجهاد، أو لغيره من أعمال الدين، والله تعالى أعلم.

(4)

وَمِن بَابِ مَبَانِي الإِسلَامِ

(قوله عليه الصلاة والسلام: بُنِيَ الإِسلامُ عَلَى خَمسٍ) يعني: أن هذه الخمس أساسُ دين الإسلام، وقواعدُه عليها تنبني، وبها تقوم، وإنما خَصَّ هذه بالذكر ولم يذكُر معها الجهاد، مع أنه به ظهر الدين، وانقمع به عُتَاةُ الكافرين؛ لأنَّ هذه الخمس فرضٌ دائم على الأعيان، ولا تسقطُ عمَّن اتَّصَفَ بشروط ذلك، والجهادُ من فروض الكفايات، وقد يسقُطُ في بعض الأوقات، بل وقد صار جماعةٌ

ص: 168

وَفِي رِوَايَةٍ: وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالحَجِّ. فَقَالَ رَجُلٌ: الحَجِّ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: لا، صِيَامِ رَمَضَانَ، وَالحَجِّ، هكَذَا سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.

ــ

كثيرةٌ إلى: أنّ فرضَ الجهاد قد سقَطَ بعد فتح مكَّة، وذُكرَ أنَّه مذهبُ ابنِ عمر، والثوري، وابن سِيرِينَ، ونحوُهُ لسُحنُون من أصحابنا، إلا أن ينزلَ العَدُو بقوم، أو يأمر الإمامُ بالجهاد، فيلزمُ عند ذلك.

وقد ظهَرَ مِن عدولِ ابن عمر عن جواب الذي قال له: ألا تغزو؟ إلى جوابه بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: بُنِيَ الإِسلامُ عَلَى خَمسٍ، أنَّه كان لا يرى فرضيَّةَ الجهاد في ذلك الوقت خاصَّةً، أو على أنَّهُ يرى سقوطَهُ مطلقًا؛ كما نُقِلَ عنه.

وحديث ابن عمر هذا قد روي من طرق: ففي بعضها: شَهَادَةِ أَن لَا إِلهَ إِلا اللهُ، وفي بعضها: على أن تعبَدَ اللهُ، وتكفَرَ بما دونه، فالأُولَى نَقلٌ للفظ، والأخرى نقلُ بالمعنى، والأصل نقل اللفظ، وهو المتفق عليه.

وقد اختُلِفَ في جواز نقل الحديثِ بالمعنى مِنَ العالِمِ بمواقعِ الكلم، وتركيبها على قولين: الجواز، والمنع. وأما مَن لا يَعرِف، فلا خلافَ في تحريمِ ذلك عليه، وقد أوضحنا المسألةَ في الأصول.

وقد وقع في بعضِ الرواياتِ في الأصل تقديمُ الحجِّ على الصوم، وهي وَهَمٌ، والله أعلم؛ لأنَّ ابن عمر لمَّا سَمِعَ المستعيدَ يُقدِّمُ الحجَّ على الصوم، زجَرَهُ ونهاه عن ذلك، وقدَّم الصومَ على الحجِّ، وقال: هكَذَا سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. ولا شك في أنَّ نقل اللفظ كما سُمِعَ هو الأَولَى والأسلم، والأعظم للأجر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: نَضَّرَ اللهُ امرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا؛ فَرُبَّ حَامِلِ فِقهٍ إِلَى مَن هو أَفقَهُ مِنهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقهٍ لَيسَ بِفَقِيهٍ (1). ويَحتَمِلُ أن

(1) رواه أبو داود (3660)، والترمذي (2658) من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.

"نضّر الله امرأً": دُعاء له بالنّضارة، وهي النِّعمة والبهجة.

ص: 169

وَفِي أُخرَى: بُنِيَ الإِسلَامُ عَلَى خَمسٍ: عَلَى أَن يُعبَدَ اللهُ، ويُكفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ. . . الحَدِيثَ.

رواه أحمد (2/ 26 و 93)، والبخاري (8)، ومسلم (16)، والترمذي (2736)، والنسائي (8/ 107).

* * *

ــ

يكون محافظةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على ترتيب هذه القواعد؛ لأنَّها نزلَت كذلك: الصلاةُ أولاً، ثُمَّ الزكاةُ، ثُمَّ الصوم، ثُمَّ الحج.

وَيَحتَمِلُ ذلك أن يكونَ لإفادة الأوكد فالأوكد؛ فقد يَستَنبِطُ الناظرُ في ذلك الترتيب تقديمَ الأوكدِ على ما هو دونَهُ إذا تعذَّر الجمعُ بينهما؛ كمن ضاق عليه وقتُ الصلاة، وتعيَّن عليه في ذلك الوقتِ أداءُ الزكاة لضرورة المستَحِقِّ؛ فيبدأ بالصلاة، أو كما إذا ضاق وقتُ الصلاة على الحَاجِّ، فيتذكَّرُ العشاءَ الآخرة، وقد بقي عليه مِن وقت صلاة العشاء الآخرة ما لو فعلَهُ فاته الوقوفُ بِعَرَفَةَ، فقد قال بعضُ العلماء: إنَّه يبدأُ بالصلاة وإن فاته الوقوفُ؛ نظرًا إلى ما ذكرناه، وقيل: يبدأ بالوقوف؛ للمشقَّةِ في استئناف الحَجِّ.

ومن ذلك: لو رجلٌ بزكاةٍ فرَّط في أدائها، وبكفَّارةِ فِطرٍ من رمضان، وضاقَ الثلثُ عنهما، بدَأَ بالزكاة أولا لأوكديَّتها على الصوم، وكذلك: لو بكفَّارةِ الفطر وبَهديٍ واجبٍ في الحَجِّ، قدَّمَ كَفَّارَةَ الفِطر؛ وهذا كلُّه على أصل مالك، فإنَّ ذلك كلَّه يُخرَجُ من الثلث، وأمّا مَن ذهب إلى أنَّ ذلك يُخرَجُ من رأس المال، فلا تفريعَ على ذلك بشيء ممَّا ذكرناه، والله تعالى أعلم.

* * *

ص: 170