المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(13) باب الإيمان شعب، والحياء شعبة منها - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(13) باب الإيمان شعب، والحياء شعبة منها

(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

[29]

عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: الإِيمَانُ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَةً، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: بِضعٌ وَسَبعُونَ - أو بِضعٌ وَسِتُّونَ - شُعبَةً، فَأَفضَلُهَا: قَولُ لا إِلهَ إِلا اللهُ، وَأَدنَاهَا: إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ،

ــ

(13)

وَمِن بَابِ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

(قوله: الإِيمَانُ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَةً) الإيمانُ في هذا الحديث يرادُ به: الأعمالُ، بدليل أنَّه ذكَرَ فيه أعلى الأعمال، وهو قولُ: لا إلهَ إلَاّ الله، وأدناها، أي: أقرَبَها، وهو إماطةُ الأذى، وهما عملان؛ فما بينهما مِن قبيل الأعمال. وقد قدَّمنا القولَ في حقيقة الإيمان شرعًا ولغةً، وأنَّ الأعمالَ الشرعيَّةَ تسمَّى إيمانًا مجازًا وتوسُّعًا؛ لأنَّها عن الإيمان تكونُ غالبًا. والبِضعُ والبِضعَةُ واحدٌ، وهو من العَدَدِ بكسر الباء، وقد تُفتَح وهو قليلٌ؛ ذكره الجوهريُّ. فأمَّا مِن بَضعِ اللحم فبِفَتح الباء لا غير، والبَضعَةُ من اللحم، بالفتح القطعةُ منه، واستعملَتِ العربُ البِضعَ في المشهور مِن كلامها: فيما بين الثلاثِ إلى العَشر، وقيل: إلى التِّسع، وقال الخليلُ: البِضعُ: سبع، وقيل: هو ما بين اثنَينِ إلى عَشر، وما بين عشَرَ إلى عشرين، ولا يقالُ في أحدَ عشَرَ، ولا في اثنَي عشر، وقال الخليلُ أيضًا: هو ما بين نِصفِ العَقد، يريد مِن واحدٍ إلى أربع.

والشُّعبَةُ في أصلها: واحدةُ الشُّعَب، وهي أغصانُ الشجر، وهي بضمِّ الشين، فأمَّا شُعَبُ القبائل، فواحدُهَا: شَعبٌ بفتحها، وقال الخليل: الشَّعب: الاجتماعُ والافتراق. وفي الصحاح: هو من الأضداد. فيُراد بالشُّعبة في الحديث

ص: 216

وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ.

رواه أحمد (2/ 414 و 445)، والبخاري (9)، ومسلم (35)، وأبو داود (4676)، والترمذي (2614)، والنسائي (8/ 110)، وابن ماجه (57).

ــ

الخَصلة، ويعني: أنَّ الإيمانَ ذو خصال معدودة، وقد ذكَرَ الترمذيُّ هذا الحديثَ، وسمَّى الشُّعبة بابًا (1)، فقال: بِضعٌ وستون أو بضع وسَبعُونَ، ولا يُلتَفَتُ لهذا الشكِّ؛ فإنَّ غيره من الثقات قد جَزَمَ بأنَّه بِضعٌ وسبعون، وروايةُ مَن جزَمَ أولى.

ومقصودُ هذا الحديثِ: أنَّ الأعمالَ الشرعيَّةَ تسمَّى إيمانًا على ما ذكرناه آنفًا، وأنَّها منحصرةٌ في ذلك العدد، غيرَ أنَّ الشرع لم يُعيِّن ذلك العدد لنا (2) ولا فصَّله.

وقد تكلَّف بعضُ المتأخِّرين تعديدَ ذلك؛ فتصفَّحَ خِصَالَ الشريعةِ وعدَّدها، حتَّى انتهَى بها - في زعمه - إلى ذلك العَدَد، ولا يصحُّ له ذلك؛ لأنَّه يمكنُ الزيادةُ على ما ذكَرَ، والنقصانُ ممَّا ذكَرَ؛ ببيانِ التداخل.

والصحيحُ: ما صار إليه أبو سُلَيمان الخَطَّابيُّ وغيره: أنَّها منحصرةٌ في علمِ الله تعالى، وعِلمِ رسوله، وموجودةٌ في الشريعة، مفصَّلَةٌ فيها، غير أنَّ الشرعَ لم يُوقِفنَا على أشخاص تلك الأبواب، ولا عيَّن لنا عدَدَهَا، ولا كيفيَّةَ انقسامها، وذلك لا يَضُرُّنَا في عِلمنا بتفاصيلِ ما كُلِّفنا به مِن شريعتنا ولا في عملنا؛ إذ كلُّ ذلك مفصَّلٌ مُبيَّنٌ في جملةِ الشريعة، فما أُمِرنَا بالعَمَلِ به عَمِلنَاه، وما نُهِينَا عنه انتهَينَا، وإن لم نُحِط بِحَصرِ أعداد ذلك، والله تعالى أعلم.

والحياءُ: انقباضٌ وحِشمَةٌ يجدها الإنسانُ مِن نفسه عندما يُطَّلَعُ منه على

(1) قوله: وسمّى الشعبة بابًا، ساقط من (ع).

(2)

من (م) و (ط).

ص: 217

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما يُستَقبَحُ ويُذَمُّ عليه، وأصلُهُ غريزيٌّ في الفطرة، ومنه مكتسَبٌ للإنسان؛ كما قال بعضُ الحكماء في العقل:

رَأَيتُ العَقلَ عَقلَينِ

فَمَطبُوعٌ وَمَصنُوعُ

وَلَا يَنفَعُ مَصنُوعٌ

إِذَا لَم يَكُ مَطبُوعُ

كَمَا لَا تَنفَعُ العَينُ

وَضَوءُ الشَّمسِ مَمنُوعُ (1)

وهذا المكتَسَبُ: هو الذي جعلَهُ الشرعُ من الإيمان، وهو الذي يُكلَّفُ به.

وأمَّا الغريزيُّ فلا يكلَّفُ به؛ إذ ليس ذلك مِن كسبنا، ولا في وُسعنا، ولم يكلِّفِ اللهُ نفسًا إلَاّ وسعها؛ غير أنَّ هذا الغريزيَّ يَحمِلُ على المكتسب، ويُعِينُ عليه؛ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: الحَيَاءُ لَا يَأتِي إِلَاّ بِخَيرٍ، والحَيَاءُ خَيرٌ كُلُّهُ (2). وأوَّلُ الحياءِ وأَولَاه: الحياءُ من الله تعالى، وهو ألَاّ يراك حيثُ نهاك، وذلك لا يكونُ إلَاّ عن معرفةٍ بالله تعالى كاملة، ومراقبةٍ له حاصلَة، وهي المعبَّرُ عنها بقوله: أَن تَعبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ؛ فَإِن لَم تَكُن تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ (3).

وقد رَوَى الترمذيُّ مِن حديث ابن مسعود أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قال: استَحيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ، فَقَالُوا: إِنَّا نَستَحيِي وَالحَمدُ للهِ، فَقَالَ: لَيسَ ذَلِكَ، ولكنَّ الاستِحياءَ من الله حقَّ الحَيَاءِ: أَن تَحفَظَ الرَّأسَ وَمَا حَوَى، وَالبطنَ وما وَعَى، وَتَذكُرَ المَوتَ وَالبِلَى، فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدِ استَحيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ (4).

(1) الأبيات أوردها الماوردي في "أدب الدنيا والدين" ص (29 - 30) طبعة دار ابن كثير.

(2)

رراه مسلم (37)(61).

(3)

سبق تخريجه برقم (7) في تلخيص مسلم.

(4)

رواه أحمد (1/ 387)، والترمذي (2460).

ص: 218

[30]

وَعَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ مِنَ الأَنصَارِ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، فَقَالَ: الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ.

رواه أحمد (2/ 56 و 147)، والبخاري (24)، ومسلم (36)، وأبو داود (4795)، والترمذي (2618)، والنسائي (8/ 121)، وابن ماجه (58).

ــ

قال الشيخ: وأهلُ المعرفة في هذا الحياءِ منقسمون؛ كما أنّهم في أحوالهم متفاوتون كما تقدم، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم جُمِعَ له كمالُ نوعَيِ الحياء، فكان في الحياءِ الغريزيِّ أشدَّ حياءً من العَذراء في خِدرها، وفي حيائِهِ الكسبيِّ في ذِروتها.

و(قوله: مر بِرَجُلٍ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ) أي: يَعذِلُهُ على كثرته، ويزجُرُهُ عنه.

و(قوله عليه الصلاة والسلام: دَعهُ) زجرٌ للواعظ؛ لأنَّه عليه الصلاة والسلام عَلِمَ أنّ ذلك الشخصَ لا يضرُّهُ الحياءُ في دينه، بل ينفعُهُ؛ ولذلك قال له: دَعهُ، فَإِنَّ الحَيَاءَ لَا يَأتِي إِلَاّ بِخَير.

وقد يُفرِطُ الحياءُ على بعضِ الناس، حتَّى يمنعَهُ ذلك من القيامِ بحقِّ الله تعالى من الأمرِ بالمعروفِ وتغييرِ المنكر، ويحملَهُ على المداهنة في الحَقِّ، وكلُّ ذلك حياءٌ مذمومٌ شرعًا وطبعًا (1) يحرُمُ استعمالُهُ، ويجب الانكفافُ عنه؛ فإنَّ ذلك الحياءَ أحقُّ باسم الجُبنِ والخَوَر، وأَولَى منه باسمِ الحياءِ والخَفَر.

(1) قوله: شرعًا وطبعًا، من (م).

ص: 219

[31]

وعَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: الحَيَاءُ لَا يَأتِي إِلَاّ بِخَير، فَقَالَ بُشَيرُ بنُ كَعبٍ: إِنَّهُ مَكتُوبٌ فِي الحِكمَةِ: أَنَّ مِنهُ وَقَارًا، وَمِنهُ سَكِينَةً، فَقَالَ عِمرَانُ: أُحَدِّثُكَ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَتُحَدِّثُنِي عَن صُحُفِكَ؟ !

رواه أحمد (4/ 427)، والبخاري (6117)، ومسلم (37)، وأبو داود (4796).

* * *

ــ

و(قولُ بُشَير بن كعب: إِنَّ مِنهُ وَقَارًا، وَمِنهُ سَكِينَةً) يعني: إنَّ منه ما يحملُ صاحبَهُ على أن يُوَقِّرَ الناسَ ويتوقَّرُ هو في نفسه، ومنه: ما يحملُهُ على أن يَسكُنَ عن كثيرٍ ممَّا يتحرَّكُ الناسُ إليه مِنَ الأمورِ التي لا تليقُ بذوي المروءات.

ولم يُنكِر عِمرَانُ على بُشَيرٍ هذا القولَ مِن حيثُ معناه، وإنَّما أنكرَهُ عليه مِن حيثُ إنَّه (1) أتى به في مَعرِضِ مَن يعارضُ كلامَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بكلامِ الحكماءِ، ويقاومُهُ به؛ ولذلك قال له: أُحَدِّثُكَ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَتُحَدِّثُنِي عَن صُحُفِكَ! وقيل: إنَّما (2) أنكَرَه عليه؛ لأنَّه خافَ أن يَخلِطَ بالسُّنَّة ما ليس منها؛ فَسَدَّ ذريعةَ ذلك بالإنكار، والله تعالى أعلم.

* * *

(1) ساقط من (ع).

(2)

في (ط): إنه إنما.

ص: 220