المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

[206]

عَن هَمَّامٍ؛ قَالَ: بَالَ جَرِيرٌ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيهِ، فَقِيلَ: تَفعَلُ هَذَا؟ فَقَالَ: نَعَم. رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيهِ.

ــ

(12)

ومن باب المسح على الخفين

أنكر طائفة من أهل البدع المسح على الخفين في السفر والحضر، كالخوارج؛ لأنهم لم يجدوه في القرآن، على أصلهم وردهم أخبار الآحاد، وأنكرته الشيعة؛ لما رُوي عن علي أنه كان لا يمسح. وأنكره غير هؤلاء زاعمين أن التمسك بآية الوضوء أولى؛ إما لأنها ناسخة لما تقدمها من جواز المسح الثابت بالسنة، وإما لأنها أرجح من أخبار الآحاد.

وأما جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى فالمسح عندهم جائز. قال الحسن: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين، ثم إنه قد ورد من الأحاديث الصحيحة والمشهورة ما يفيد مجموعها القطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين. وقد روي عن مالك إنكار المسح على الخفين، وليس ذلك بصحيح مطلقًا، وإنما الذي صح عنه من رواية ابن وهب في هذا؛ أنه قال: لا أمسح في حضر ولا سفر، نقلها أبو محمد بن أبي زيد في نوادره وغيره. فظاهر هذا أنه اتقاه في نفسه.

وقد روى ابن نافع في المبسوط عن (1) مالك ما يزيل كل إشكال، أنه قال له عند موته: المسح على الخفين في الحضر والسفر صحيح، يقين، ثابت، لا شك فيه، إلا أني كنت أجد في خاصة نفسي بالطهور،

(1) ساقط من (م).

ص: 527

قَالَ إبرَاهِيمُ: كَانَ يُعجِبُهُم هَذَا الحَدِيثُ، لأَنَّ إِسلامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعدَ نُزُولِ المَائِدَةِ.

رواه أحمد (4/ 358)، والبخاري (387)، ومسلم (272)، وأبو داود (154)، والترمذي (93)، والنسائي (1/ 81).

ــ

ولا أرى من مسح مقصرًا فيما يجب عليه؛ وعلى هذا حمل أحمد بن حنبل قول مالك.

كما روي عن عمر أنه أمرهم أن يمسحوا أخفافهم، وخلع هو وتوضأ، وقال: حُبب إلي الوضوء. ونحوه عن أبي أيوب. قال الشيخ رحمه الله: وعلى هذا يحمل ما روي عن علي. قال أحمد بن حنبل: فمن ترك ذلك على نحو ما تركه عمر، وأبو أيوب، ومالك، لم أنكره عليه، وصلينا خلفه ولم نعبه إلا أن يترك ذلك ولا يراه، كما صنع أهل البدع، فلا نصلي خلفه.

فأما من أنكر المسح في الحضر - وهي أيضًا رواية عن مالك - فلأن أكثر أحاديث المسح إنما هي في السفر، والصحيح جواز المسح فيه، إذ هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله، وحديث السُّباطة مما يدل عليه؛ حيث كانت السُّباطة خلف الحائط، بل قد روي في ذلك الحديث عن حذيفة، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة. . وذكر الحديث.

وقد روى أبو داود عن بلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الأسواق لحاجته، ثم خرج فتوضأ، ومسح على خفيه (1). والأسواق: موضع بالمدينة. وسيأتي حديث عليّ في توقيت المسافر والمقيم (2).

و(قول النخعي: كان يُعجبُهُم) يعني: أصحاب عبد الله، وقد جاء في

(1) رواه أبو داود (153).

(2)

يأتي برقم (208).

ص: 528

[207]

وَعَنِ المُغِيرَةِ؛ قَالَ: كُنتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيلَةٍ فِي مَسِيرٍ فَقَالَ لِي: أَمَعَكَ مَاءٌ؟ قُلتُ: نَعَم. فَنَزَلَ عَن رَاحِلَتِهِ، فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى فِي سَوَادِ اللَّيلِ، ثُمَّ جَاءَ، فَأَفرَغتُ عَلَيهِ مِنَ الإِدَاوَةِ، فَغَسَلَ وَجهَهُ، وَعَلَيهِ جُبَّةٌ مِن صُوفٍ - وَفِي رِوَايَةٍ: شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الكُمَّينِ - فَلَم يَستَطِع أَن يُخرِجَ

ــ

روايةٍ مفسرًا هكذا. وإنما أعجبهم ذلك؛ لأنه إنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أسلم، وأسلم بعد نزول المائدة، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول المائدة، فلا تكون آية الوضوء التي في المائدة ناسخة للسُّنة الثابتة في ذلك (1)، ولا مرجحة عليها؛ خلافًا لمن ذهب إلى ذلك.

و(قوله في حديث المغيرة: ذات ليلة) أي: ليلة من الليالي، وهي منصوبة على الظرفية، كما تقول: ذات مرة؛ أي: مرة من المرات، ويقال للمذكر: ذا صباح وذا مساءٍ، كما قال الشاعر (2):

عزمت على إقامة ذي صباح

لأمر ما يسود من يسود

وكان هذا المسير في غزوة تبوك، كما في الموطأ. والمسير: السير، وقد يكون: الطريق الذي يسار فيه. وتوارى: غاب. والإداوة: الإناء من الجلد، وفي طريق آخر: مطهرة، وفيه حجة للجماعة في جواز صب الماء على المتوضئ. وقد رُوي عن عمر وابنه كراهة ذلك، وقد روي عنهما خلاف ذلك. فروي عن عمر: أن ابن عباس صب على يديه الوضوء. وقال ابن عمر: لا أبالي، أعانني رجل على وضوئي وركوعي وسجودي (3). وهو الصحيح.

وفيه دليلٌ على جواز الاقتصار على فروض الوضوء دون السنن، إذا

(1) ساقط من (ع).

(2)

هو أنس بن نَهِيك.

(3)

رواه أبو جعفر الطبري كما في فتح الباري (1/ 286).

ص: 529

ذِرَاعَيهِ مِنهَا، حَتَّى أَخرَجَهُمَا مِن أَسفَلِ الجُبَّةِ. فَغَسَلَ ذِرَاعَيهِ، وَمَسَحَ بِرَأسِهِ، ثُمَّ أَهوَيتُ لأَنزِعَ خُفَّيهِ، فَقَالَ: دَعهُمَا، فَإِنِّي أَدخَلتُهُمَا طَاهِرَتَينِ وَمَسَحَ عَلَيهِمَا.

ــ

أرهقت إلى ذلك ضرورة. ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعلها ولم يذكرها المغيرة، والظاهر خلاف، وقد روى البخاري من حديث عبد الله بن زيد: أنه عليه الصلاة والسلام اقتصر على الفروض (1)، وقد قدمنا قوله للأعرابي: توضأ كما أمرك الله (2)، وفيه دليلٌ على أن يسير التفريق في الطهارة لا يفسدها. قال أبو محمد عبد الوهاب: لا يختلف في أن التفريق غير المتفاحش لا يُفسد الوضوء. واختلف في الكثير المتفاحش، فروي عن ابن وهب: أنه يفسده في العمد والسهو، وهو أحد قولي الشافعي، وحكي عن ابن عبد الحكم أنه لا يفسده في الوجهين، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي في قول آخر. وعند ابن القاسم: أنه يفسده مع العمد أو التفريط، ولا يفسده مع السهو.

وقال أبو الفضل عياض: إن مشهور المذهب أن سنة، وهذا هو الصحيح؛ بناءً على ما تقدم: من أن الفرائض محصورة في الآية، وليس في الآية ما يدل على الموالاة، وإنما أخذت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإذ لم يرو عنه قط أنه فرق تفريقًا متفاحشًا.

واختلف في الفرق بين اليسير والكثير؛ فقيل: ذلك يرجع إلى الاجتهاد، وليس فيه حدٌّ، وقيل: جفاف الوضوء هو الكثير. وفيه دليلٌ على أن الصوف لا ينجس بالموت؛ لأن الجبة كانت من عمل الشام، والشام إذ ذاك بلاد الكفر والشرك من مجوس وغيرهم، وأكثر مأكلهم ميتة، ولم يسأل عن ذلك صلى الله عليه وسلم ولا توقف فيه.

وفيه دليلٌ على الضيق والتشمير للأسفار.

و(قوله: دعهما، فإني أدخلتهما وهما طاهرتان) حمل الجمهور هذه

(1) سبق تخريجه برقم (173).

(2)

سبق تخريجه ص (482).

ص: 530

رواه أحمد (4/ 251)، والبخاري (5799)، ومسلم (274)، وأبو داود (149 و 150 و 151)، واقرمذي (97 - 100)، والنسائي (1/ 82).

[208]

وَعَن شُرَيحِ بنِ هَانِئٍ؛ قَالَ: أَتَيتُ عَائِشَةَ أَسأَلُهَا عَنِ المَسحِ عَلَى الخُفَّينِ. فَقَالَت: عَلَيكَ بِابنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَلهُ. فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلنَاهُ، فَقَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلمُسَافِرِ، وَيَومًا وَلَيلَةً لِلمُقِيمِ.

رواه مسلم (276)، والنسائي (1/ 84).

* * *

ــ

الطهارة على العرفية، وهي طهارة الحدث، وخصّوها بالماء؛ لأنه الأصل، والطهارة به هي الغالبة. ورأى أصبغ: أن طهارة التيمم تدخل تحت مطلق قوله: هما طاهرتان، وقيل عنه: إنه بناه على أن التيمم يرفع الحدث.

وذهب داود إلى أن المراد بالطهارة هنا: هي الطهارة من النجس فقط، فإذا كانت رجلاه طاهرتين من النجاسة جاز المسح على الخفين، وسبب الخلاف: الاشتراك في اسم الطهارة.

و(قوله (1) في حديث علي: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم) نصٌّ في اشتراط التوقيت في المسح، وبه أخذ أبو حنيفة، والثوري، وأصحاب الحديث، والشافعي، ومالك وأحمد في أحد قوليهما، ومشهور مذهب مالك: أنه لا توقيت فيه، وهو قول الأوزاعي والليث، والقول

(1) قدّمنا هذه الفقرة من حديث علي برقم (208) كي تتوافق مع شرح الحديث في الباب (12).

ص: 531