المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(17) باب تغيير المنكر من الإيمان - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ١

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس الألفبائي للكتب الواردة في تلخيص مسلم والمفهم

- ‌كلمة الناشر

- ‌(1) مقدمة التحقيق

- ‌(2) توثيق التلخيص والمفهم ومنهج المؤلف فيهما

- ‌أولًا - التوثيق:

- ‌ثانيًا - المنهج والأسلوب:

- ‌(3) فوائد إخراج كتاب "المفهم

- ‌ مكانته في شرح صحيح مسلم:

- ‌ أهميته في شرح غريب الأحاديث:

- ‌ تفرّده في تدوين فوائد الأحاديث:

- ‌ أسبقيته في حل الأحاديث المشكلة:

- ‌ إنصافه في عَرْض الآراء المذهبية:

- ‌ لماذا هذه الطبعة؟ وما فائدتها

- ‌(4) وصف النسخ الخطية المعتمدة وخطة التحقيق

- ‌أولًا - نسخ التلخيص:

- ‌ثانيًا - نُسَخ المفهم:

- ‌ثالثًا - خطة تحقيق كتاب "المفهم

- ‌(5) ترجمة المؤلف

- ‌1 - نسبُه ونشأته:

- ‌2 - عالم الإسكندرية:

- ‌3 - الفقيه المُحدِّث:

- ‌ مواقفه وآراؤه:

- ‌5 - شيوخه وتلاميذه:

- ‌6 - كتبه:

- ‌7 - وفاته:

- ‌صور النسخ المخطوطة

- ‌مقدمة كتاب المفهم

- ‌ مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم

- ‌(1) بابُ ما تضمَّنتهُ خُطبَةُ الكتابِ وصدرُهُ من المعاني والغريب

- ‌(2) بَابُ

- ‌(3) بَابُالنَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

- ‌(4) بَابُالتَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

- ‌(5) بَابالإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ

- ‌(6) بَابُ الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ

- ‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌(1) بَابُ مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا

- ‌(2) بَابُ وُجُوبِ التِزَامِ شَرَائِعِ الإِسلَامِ

- ‌(3) بَابُ مَنِ اقتَصَرَ عَلَى فِعلِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ وَانتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(4) بَابُ مَبَانِي الإِسلَامِ

- ‌(5) بَابُ إِطلَاقِ اسمِ الإِيمَانِ عَلَى مَا جَعَلَهُ فِي حَدِيثِ جِبرِيلَ إِسلَامًا

- ‌(6) بَابُ أَوَّلِ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ

- ‌(7) بَابٌ يُقَاتَلُ النَّاسُ إِلَى أَن يُوَحِّدُوا الله وَيَلتَزِمُوا شَرَائِعَ دِينِهِ

- ‌(8) بَابٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ

- ‌(9) بَابُ مَن لَقِيَ اللهَ تَعَالَى عَالِمًا بِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ

- ‌(10) بَابُ حَقِّ الله تعالى عَلَى العِبَادِ

- ‌(11) بَابٌ لَا يَكفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَينِ، بَل لَا بُدَّ مِنِ استِيقَانِ القَلبِ

- ‌(12) بَابُ مَن يَذُوقُ طَعمَ الإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ

- ‌(13) بَابٌ الإِيمَانُ شُعَبٌ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنهَا

- ‌(14) بَابُ الاِستِقَامَةِ فِي الإِسلَامِ، وَأَيُّ خِصَالِهِ خَيرٌ

- ‌(15) بَابٌ لَا يَصِحُّ الإِيمَانُ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَاجِحَةً عَلَى كُلِّ مَحبُوبٍ مِنَ الخَلقِ

- ‌(16) بَابٌ حُسنُ الجِوَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(18) بَابٌ الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ

- ‌(19) بَابٌ المَحَبَّةُ فِي اللهِ تَعَالَى وَالنُّصحُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌(20) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ

- ‌(21) بَابُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌(22) بَابُ إِثمِ مَن كَفَّرَ مُسلِمًا أو كَفَرَ حَقَّهُ

- ‌(23) بَابٌ نِسبَةُ الاِختِرَاعِ لِغَيرِ اللهِ حَقِيقَةً كُفرٌ

- ‌(24) بَابٌ حُبُّ عَلِيٍّ وَالأَنصَارِ آيَةُ الإيمَانِ، وَبُغضُهُم آيَةُ النِّفَاقِ

- ‌(25) بَابُ كُفرَانِ العَشِيرِ، وَكُفرٍ دُونَ كُفرٍ

- ‌(26) بَابُ تَركُ الصَّلَاةِ جَحدًا أو تَسفِيهًا لِلأَمرِ كُفرٌ

- ‌(27) بَابٌ الإِيمَانُ بِاللهِ أَفضَلُ الأَعمَالِ

- ‌(28) بَابٌ أيُّ الأَعمَالِ أَفضَلُ بَعدَ الإِيمَانِ

- ‌(29) بَابُ أَيُّ الذَّنبِ أَعظَمُ؟ وَذِكرِ الكَبَائِرِ

- ‌(30) بَابٌ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن فِي قَلبِهِ كِبرٌ

- ‌(31) بَابٌ رُكُوبُ الكَبَائِرِ غَيرُ مُخرِجٍ للمُؤمِنَ مِن إِيمَانِهِ

- ‌(32) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

- ‌(33) بَابٌ مَن تَبَرَّأَ مِنهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) بَابٌ مَن لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ

- ‌(35) بَابٌ مَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ

- ‌(36) بَابُ لَا يُغتَرُّ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى يُنظَرَ بِمَا يُختَمُ لَهُ

- ‌(37) بَابٌ قَتلُ الإِنسَانِ نَفسَهُ لَيسَ بِكُفرٍ

- ‌(38) بَابُ مَا يُخَافُ مِن سُرعَةِ سَلبِ الإِيمَانِ

- ‌(39) بَابٌ الإسلَامُ إِذَا حَسُنَ، هَدَمَ مَا قَبلَهُ مِنَ الآثَامِ، وَأَحرَزَ مَا قَبلَهُ مِنَ البِرِّ

- ‌(40) بَابُ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ

- ‌(41) بَابٌ فِي قَولِهِ عز وجل: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ

- ‌(42) بَابُ مَا يَهُمُّ بِهِ العَبدُ مِنَ الحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ

- ‌(43) بَابُ استِعظَامُ الوَسوَسَةِ وَالنُّفرَةُ مِنهَا خَالِصُ الإِيمَانِ وَالأَمرِ بِالاِستِعَاذَةِ عِندَ وُقُوعِهَا

- ‌(44) بَاب إِثمِ مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌(45) بَابُ مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهو شَهِيدٌ

- ‌(46) بَابُ مَنِ استُرعِيَ رَعِيَّةً، فَلَم يَجتَهِد، وَلَم يَنصَح لَهُم لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ، وَمَن نَمَّ الحَدِيثَ لَم يَدخُلِ الجَنَّةَ

- ‌(47) بَابٌ فِي رَفعِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ مِنَ القُلُوبِ، وَعَرضِ الفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌(48) باب كيف بدأ الإسلام وكيف يعود

- ‌(49) باب إعطاء من يخاف على إيمانه

- ‌(50) باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة عذابه إذا لم يؤمن

- ‌(51) باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم وما ينزل به

- ‌(52) باب في قوله تعالى: يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا الآية

- ‌(53) باب كيف كان ابتداء الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاؤه

- ‌(54) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في صغره واستخراج حظ الشيطان من قلبه

- ‌(55) باب في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، وتطهير قلبه، وحشوه حكمة وإيمانًا عند الإسراء

- ‌(56) باب ما خَصَّ الله به محمدًا نبينا صلى الله عليه وسلم من كرامة الإسراء

- ‌(57) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء، ووصفه لهم وصلاتهم وذكر الدجال

- ‌(58) باب هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه

- ‌(59) باب ما جاء في رؤية الله تعالى في الدار الآخرة

- ‌(60) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر

- ‌(61) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدخل النار من الموحدين

- ‌(62) باب شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين

- ‌(63) باب كيفية عذاب من يعذب من الموحدين وكيفية خروجهم من النار

- ‌(64) باب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم تفتح له الجنة، وأولهم شفاعة، واختباء دعوته شفاعة لأمته

- ‌(65) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه في التخفيف عنه

- ‌(66) باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح ولا قربة في الآخرة

- ‌(67) باب يدخل الجنة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفًا بغير حساب

- ‌(68) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة

- ‌(2) كتاب الطهارة

- ‌(1) باب فضل الطهارة وشرطها في الصلاة

- ‌(2) باب في صفة الوضوء

- ‌(3) باب فضل تحسين الوضوء والمحافظة على الصلوات

- ‌(4) باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌(5) باب توعد من لم يُسبِغ، وغسله ما ترك، وإعادته الصلاة

- ‌(6) باب الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره

- ‌(7) باب السواك عند كل صلاة والتيمن في الطهور

- ‌(8) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(9) باب ما يُستَنجَى به والنهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌(10) باب ما جاء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط والنهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌(11) باب ما جاء في البول قائمًا

- ‌(12) باب المسح على الخفين والتوقيت فيه

- ‌(13) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌(14) باب فعل الصلوات بوضوء واحد، وغسل اليدين عند القيام من النوم، وأن النوم ليس بحدث

- ‌(15) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء، وغسل الإناء سبع مرات

- ‌(16) باب النهي أن يبال في الماء الراكد وصب الماء على البول في المسجد

- ‌(17) باب نضح بول الرضيع

- ‌(18) باب غَسلِ المَنِيّ مِنَ الثَّوبِ وغسلِ دَمِ الحَيضِ

- ‌(19) باب في الاستبراء من البول والتستر وما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(20) باب ما يحل من الحائض

- ‌(21) باب في الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌(22) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو معاودة أهله

- ‌(23) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌(24) باب الولد من ماء الرجل وماء المرأة

- ‌(25) باب في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة

- ‌(26) باب قدر الماء الذي يُغتَسَل به ويُتَوَضَّأُ به واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد، واغتساله بفضلها

- ‌(27) باب كم يُصَبُّ على الرأس، والتخفيف في ترك نقض الضفر

- ‌(28) باب صفة غسل المرأة من الحيض

- ‌(29) باب في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌(30) باب لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌(31) باب سترة المغتسل والنهي عن النظر إلى العورة

- ‌(32) باب ما يستتر به لقضاء الحاجة

- ‌(33) باب ما جاء في الرجل يطأ ثم لا يُنزِلُ

- ‌(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه

- ‌(35) باب الوضوء من لحوم الإبل والمضمضة من اللبن

- ‌(36) باب في الذي يخيل إليه أنه خرج منه حدث

- ‌(37) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت

- ‌(38) باب ما جاء في التيمم

- ‌(39) باب تيمم الجنب والتيمم لرد السلام

- ‌(40) باب المؤمن لا ينجس، وذكر الله تعالى على كل حال، وما يتوضأ له

الفصل: ‌(17) باب تغيير المنكر من الإيمان

(17) بَابٌ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

[39]

وعَن طَارِقِ بنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَن بَدَأَ بِالخُطبَةِ يَومَ العِيدِ قَبلَ الصَّلَاةِ: مَروَانُ،

ــ

المسافرُ في البادية، ولتيسُّرِ ذلك على أهل البادية غالبًا، وتعذُّرِهِ على أهل الحَضَرِ ومشقَّتِهِ عليهم غالبًا. وقد رُوِيَ: الضَّيَافَةُ عَلَى أهل الوَبَر، وَلَيسَت عَلَى أهل المَدَر (1).

(17)

وَمِن بَابِ تَغيِيرُ المُنكَرِ مِنَ الإِيمَانِ

(قوله: أَوَّلُ مَن بَدَأَ بِالخُطبَةِ يَومَ العِيدِ قَبلَ الصَّلَاةِ: مَروَانُ) هذا أصحُّ ما رُوِيَ في أَوَّلِ من قدَّم الخطبةَ على الصلاة، وقد رُوِيَ: أوَّلَ مَن فعل ذلك عمر، وقيل: عثمان، وقيل: ابن الزبير، وقيل: معاوية رضي الله عنهم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: وبعيدٌ أن يصحَّ شيءٌ مِن ذلك عن مثل هؤلاء؛ لأنَّهم شاهدوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وصلَّوا معه أعيادًا كثيرة، والصحيحُ المنقولُ عنه، والمتواترُ عند أهل المدينة: تقديمُ الصلاة على الخطبة؛ فكيف يَعدِلُ أحد منهم عما فعله النبيُّ صلى الله عليه وسلم وداوَمَ عليه إلى أن توفِّي؟ فإن صحَّ عن واحدٍ مِن (2) هؤلاء أنَّه قدَّم ذلك، فلعلَّه إنما فعله لمَا رأى من انصرافِ الناسِ عن الخُطبة، تاركين

(1) رواه القضاعي في مسند الشهاب (202) من حديث ابن عمر، وابن عدي في الكامل (7/ 1)، قال القاري: لا أصل له. وقال القاضي في أول شرح مسلم: إنه موضوع عند أهل المعرفة، وتبعه النووي. (كشف الخفاء 1640).

(2)

فى (ع): مثل.

ص: 231

فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: الصَّلاةُ قَبلَ الخُطبَةِ، فَقَالَ: قَد تُرِكَ مَا هُنَالِكَ، فَقَالَ أبو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا، فَقَد قَضَى مَا عَلَيهِ؛

ــ

لسماعها مستعجلين، أو ليدرك الصلَاة مَن تأخَّر وبَعُدَ منزلُهُ، ومع هذين التأويلين، فلا ينبغي أن تُترَكَ سنَّةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لمثل ذلك، وأولئك الملأُ أعلمُ وأجلُّ من أن يصيروا إلى ذلك، والله أعلم.

وأمَّا مَروان وبنو أمية، فإنما قدَّموها؛ لأنَّهم كانوا في خُطَبهم ينالون من عليٍّ - كرم الله وجهه - ويُسمِعون الناسَ ذلك، فكان الناسُ إذا صلَّوا معهم، انصرفوا عن سَمَاعِ خُطَبِهِم لذلك، فلمَّا رأى مَروَانُ ذلك أو مَن شاء الله من بني أميَّة، قدَّموا الخطبة؛ لِيُسمِعُوا الناسَ مِن ذلك ما يكرهون. والصوابُ: تقديمُ الصلاةِ على الخُطبة؛ كما تقدَّم، وقد حكى فيه بعضُ علمائنا الإجماعَ.

و(قوله: فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ قَبلَ الخُطبَةِ، فَقَالَ أبو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا، فَقَد قَضَى مَا عَلَيهِ) مقتضَى هذا السياق أن المُنكِرَ على مَروان رجلٌ غيرُ أبي سعيد، وأنَّ أبا سعيد مصوِّبٌ للإنكار، مستدِلٌّ على صحته، وفي الرواية الأخرى: أن أبا سعيد هو المنكرُ على مروان والمستَدِلُّ.

ووجهُ التلفيقِ (1) بينهما: أَن يقال: إنَّ كلَّ واحد مِنَ الرجل وأبي سعيد أنكَرَ على مروان؛ فَرَأى بعضُ الرواةِ إنكارَ الرجل، ورأى بعضهم إنكارَ أبي سعيد. وقيل: هما واقعتان في وقتَينِ، وفيه بُعدٌ.

وفيه من الفقه: أنَّ سنن الإسلامِ لا يجوزُ تغييرُ شيء منها ولا مِن ترتيبها، وأنَّ تغييرَ ذلك منكَرٌ يجبُ تغييره ولو على الملوكِ إذا قُدِرَ على ذلك، ولم يَدعُ إلى منكرٍ أكبَرَ من ذلك.

وعلى الجملة: فإذا تحقَّق المنكَرُ وجَبَ تغييرُهُ على مَن رآه، وكان قادرًا على تغييره؛ وذلك كالمُحدَثَاتِ والبِدَع، والمجمعِ على أنَّه منكَر، فأمَّا

(1) في (ع): الفرق.

ص: 232

سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَن رَأَى مِنكُم مُنكَرًا فَليُغَيِّرهُ بِيَدِهِ، فَإِن لَم يَستَطِع فَبِلِسَانِهِ، فَإِن لَم يَستَطِع فَبِقَلبِهِ، وَذَلِكَ أَضعَفُ الإِيمَانِ.

رواه أحمد (3/ 10 و 20 و 49 و 54 و 92)، ومسلم (49)، وأبو داود (1140)، والترمذي (2173)، والنسائي (8/ 111)، وابن ماجه (4013).

ــ

إن لم يكن كذلك، وكان مما قد صار إليه الإمام، وله وجهٌ مَّا من الشرع، فلا يجوزُ لمن رأى خلافَ ذلك (1) أن يُنكِرَ على الإمام؛ وهذا لا يُختَلَفُ فيه. وإنما اختلف العلماء: فيمن قلَّده السلطانُ الحِسبةَ في ذلك، هل يَحمِلُ الناسَ على رأيِه ومذهبِهِ أم لا؟ على قولَين.

و(قوله: مَن رَأَى مِنكُم مُنكَرًا، فَليُغَيِّرهُ بِيَدِهِ) هذا الأمرُ على الوجوب؛ لأنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المنكر من واجباتِ الإيمان، ودعائمِ الإسلام، بالكتابِ والسنة وإجماع الأمة، ولا يُعتَدُّ بخلافِ الرافضة في ذلك؛ لأنَّهم إمَّا مكفَّرون؛ فليسوا من الأمة، وإمَّا مبتدعون؛ فلا يُعتَدَّ بخلافهم؛ لظهور فِسقهم؛ على ما حقَّقناه في الأصول.

ووجوبُ ذلك بالشرعِ لا بالعقل؛ خلافًا للمعتزلة القائلين بأنَّه واجبٌ عقلاً، وقد بيَّنَّا في الأصول أنَّه لا يجبُ شيءٌ بالعقل، وإنما العقلُ كاشفٌ عن ماهيَّاتِ الأمور، ومميِّزٌ لها، لا مُوجِبٌ شيئًا منها. ثم إذا قلنا: إنَّ الأمر بالمعروفِ، والنهيَ عن المنكر واجبٌ، فذلك على الكفاية، مَن قام به أجزَأَه عن غيره؛ لقوله تعالى: وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ ولوجوبه شرطان:

أحدهما: العلمُ بكون ذلك الفعلِ مُنكَرًا أو معروفًا.

والثاني: القدرةُ على التغيير.

(1) من (م) و (ط) و (ل).

ص: 233

[40]

وعَن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعُودٍ؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِن نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى فِي أُمَّةٍ قَبلِي، إِلَاّ كَانَ لَهُ مِن أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصحَابٌ؛

ــ

فإذا كان كذلك، تعيَّن التغييرُ باليد إن كان ذلك المُنكَرُ مما يَحتَاجُ في تغييره إليها، مثلُ: كَسرِ أواني الخمر، وآلاتِ اللهو؛ كالمزاميرِ والأوتاد والكبَرِ (1)، وكمنعِ الظالمِ من الضَّربِ والقتلِ وغيرِ ذلك، فإن لم يَقدِر بنفسه، استعان بغيره، فإن خاف من ذلك ثَوَرَانَ فتنةٍ، وإشهارَ سلاح، تعيَّن رفعُ ذلك، فإن لم يَقدِر بنفسه على ذلك، غيَّر بالقولِ المرتجى نفعُهُ، مِن لين أو إغلاظ؛ حسَبَ ما يكونُ أنفع، وقد يُبلَغُ بالرِّفقِ والسياسة ما لا يُبلَغ بالسيف والرياسة.

فإن خاف من القول القتل أو الأذى، غيَّر بقلبه، ومعناه: أن يكره ذلك الفعلَ بقلبه، ويعزمَ على أن لو قدَرَ على التغيير لغيَّره.

وهذه آخرُ خَصلَةٍ منَ الخصالِ المتعيِّنةِ على المؤمن في تغييرِ المُنكَر، وهي المعبَّرُ عنها في الحديث بأنَّها أضعفُ الإيمان، أي: خصالِ الإيمان، ولم يبق بعدها للمؤمنِ مرتبةٌ أخرى في تغيير المنكر؛ ولذلك قال في الرواية الأخرى: لَيسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَردَلٍ (2)، أي: لم يبق وراءَ هذه المرتبةِ رتبةٌ أخرى، والإيمانُ في هذا الحديث بمعنى الإسلام على ما تقدَّم.

وفيه دليلٌ على أن مَن خاف على نفسه القتلَ أو الضرب سقَطَ عنه التغيير، وهو مذهبُ المحقِّقين سَلَفًا وخَلَفًا، وذهبت طائفةٌ من الغلاة: إلى أنه لا يسقُطُ وإن خاف ذلك، وسيأتي استيفاءُ هذا المعنى في الجهاد إن شاء الله تعالى.

و(قوله: مَا مِن نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبلِي، إِلَاّ كَانَ لَهُ مِن أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصحَابٌ) أي: ما من رسولٍ من الرسلِ المتقدِّمة، ويعني بذلك: غالبَ الرسل

(1) الكِبَر: جمع كِبْر، وهو الطَّبل. ويجب إتلاف الطبل وكَسره في غير الحرب.

(2)

جزء من حديث رواه البخاري (5705)، ومسلم (220)، والترمذي (2448) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 234

يَأخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقتَدُونَ بِأَمرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخلُفُ مِن بَعدِهِم خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفعَلُونَ، وَيَفعَلُونَ مَا لَا يُؤمَرُونَ؛ فَمَن جَاهَدَهُم بِيَدِهِ فهو مُؤمِنٌ، وَمَن جَاهَدَهُم بِلِسَانِهِ فهو مُؤمِنٌ، وَمَن جَاهَدَهُم بِقَلبِهِ فهو مُؤمِنٌ، ولَيسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَردَلٍ.

رواه أحمد (1/ 458)، ومسلم (50).

* * *

ــ

لا كلَّهم؛ بدليل قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخَرِ الذي أخبَرَ فيه عن مجيء الأنبياءِ في أممهم يوم القيامة؛ فإنَّه قال فيه: يَأتِي النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَيَأتِي النَّبِيُّ وَلَيسَ مَعَهُ أَحَدٌ؛ فهذا العمومُ - وإن كان مؤكَّدًا مِن بعد النفي، فهو مخصَّصٌ بما ذكرناه.

والحواريُّون: جمع حَوَارِيٍّ، وهم خُلصَان (1) الأنبياء، الذين أخلصوا في حُبِّ أنبيائهم، وخَلَصُوا مِن كل عيب، وحُوَّارَى الدقيقِ: الدقيقُ الذي نُخِلَ؛ قاله الأزهريُّ. وقال ابن الأنباري: هم المختصُّون المفضَّلون، وسمِّي خُبزَ الحُوَّارَى؛ لأنه أشرفُ الخبز. وقيل: هم الناصرون للأنبياء؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: لكلِّ نبيٍّ مِن أمَّته حَوَارِيُّون، وحَوَارِيَّ الزبيرُ (2). وقيل في حَوَارِي عيسى خمسةُ أقوال: قيل: هم البِيضُ الثيابِ، وقيل: المبيِّضون لها، وقيل: المجاهدون، وقيل: الصَّيَّادون، وقيل: المُخلصون.

والأصحاب: جمعُ صَحب، كَفَرخٍ وأَفرَاخٍ؛ قاله الجوهري، وقال غيره:

(1) جاء في لسان العرب مادة: خلص: واستخلص الرجل؛ إذا اختصه بدخْلُلِه، وهو خالصتي وخلصاني، وهو خلصاني. يستوي فيه الواحد والجماعة. وتقول: هؤلاء خلصاني وخلصائي.

(2)

رواه أحمد (3/ 365)، وابن ماجه (122) من حديث جابر رضي الله عنه.

ص: 235