الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَلَبِ الأَْجْرِ وَالثَّوَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ (1) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْنَى الدَّقِيقَ لِلنِّيَاحَةِ هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ، وَأَمَّا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ فَيَدُل كَلَامُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُل فِي النِّيَاحَةِ بِمَعْنَاهَا الاِصْطِلَاحِيِّ (2) .
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْيَسِيرَ مِنَ الْكَلَامِ فِي وَصْفِ الْمَيِّتِ، أَوْ يَسِيرَ النُّدْبَةِ كَقَوْلِهِ: يَا أَبَتَاهُ يَا وَالِدَاهُ؛ مُبَاحٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ بِصِيغَةِ النَّوْحِ، قَال أَحْمَدُ: إِذَا ذَكَرَتِ الْمَرْأَةُ مِثْل مَا حُكِيَ عَنْ فَاطِمَةَ رضي الله عنها لَا يَكُونُ مِثْل النَّوْحِ (3)، وَالَّذِي حُكِيَ عَنْ فَاطِمَةَ رضي الله عنها هُوَ مَا رَوَاهُ أَنَسٌ رضي الله عنه قَال: لَمَّا ثَقُل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَعَل يَتَغَشَّاهُ الْكَرْبُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاكَرْبَ أَبَاهُ، فَقَال لَهَا: لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهُ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهُ
(1) الفروق 2 / 172، 173.
(2)
نهاية المحتاج 3 / 16، 17، وشرح المحلى على المنهاج وحاشية قليوبي وعميرة 1 / 343، والمجموع 5 / 281، والأذكار للنووي مع الفتوحات الربانية 4 / 130، 136، ومغني المحتاج 2 / 43، وإرشاد الساري 2 / 409.
(3)
شرح الزركشي 2 / 356، 357، والإنصاف 2 / 568، ومطالب أولي النهى 1 / 926.
إِلَى جِبْرِيل نَنْعَاهُ (1) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنِّيَاحَةِ:
تَتَعَلَّقُ بِالنِّيَاحَةِ أَحْكَامٌ، مِنْهَا:
أ -
تَعْذِيبُ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ:
8 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُعَذَّبُ بِشَيْءٍ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَيْهِ إِلَاّ إِذَا وَصَّى بِذَلِكَ فَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ؛ لأَِنَّ النِّيَاحَةَ أَوِ الْبُكَاءَ الْمُحَرَّمَيْنِ بِسَبَبِهِ وَمَنْسُوبَانِ إِلَيْهِ، فَأَمَّا مَنْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَنَاحُوا مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْهُ فَلَا يُعَذَّبُ بِذَلِكَ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (2) } وَحَمَل جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ خَبَرَ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ (3) عَلَى مَا إِذَا وَصَّى بِذَلِكَ وَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ (4) .
(1) حديث: " لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 8 / 149 ط السلفية) .
(2)
سورة فاطر / 18.
(3)
حديث: " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 151 ط السلفية) ومسلم (2 / 640 ط عيسى الحلبي) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، واللفظ للبخاري.
(4)
المجموع 5 / 308، والبناية شرح الهداية 2 / 1044 طبعة دار الفكر، بيروت، والاستذكار 8 / 322، وكشاف القناع 2 / 163، 164.