الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَقِيَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُمَا لَا يُشْتَرَطَانِ فِيهِمَا، إِذْ لَوْ نَوَى بِالْقَضَاءِ الأَْدَاءَ لَمْ يَضُرَّهُ وَانْصَرَفَ إِلَى الْقَضَاءِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَجٌّ أَفْسَدَهُ فِي صِبَاهُ أَوْ رِقِّهِ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ فَنَوَى الْقَضَاءَ، انْصَرَفَ إِلَى حَجَّةِ الإِْسْلَامِ وَهِيَ الأَْدَاءُ.
وَأَمَّا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ: فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيهَا الأَْدَاءُ وَالْقَضَاءُ؛ لأَِنَّ وَقْتَهَا مَحْدُودٌ بِالدَّفْنِ.
وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ: فَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عَلَى أَنَّهَا تَصِيرُ قَضَاءً إِذَا جَامَعَ قَبْل أَدَائِهَا، وَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ الاِشْتِرَاطِ فِيهَا.
وَأَمَّا الزَّكَاةُ: فَيُتَصَوَّرُ الْقَضَاءُ فِيهَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا عَدَمُ الاِشْتِرَاطِ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ كَوْنِ الصَّلَاةِ حَاضِرَةً أَوْ قَضَاءً، وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ أَدَاءٍ فِي حَاضِرَةٍ؛ لأَِنَّهُ لَوْ صَلَاّهَا يَنْوِيهَا أَدَاءً فَبَانَ وَقْتُهَا قَدْ خَرَجَ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَتَقَعُ قَضَاءً. وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَاهَا قَضَاءً فَبَانَ فِعْلُهَا فِي وَقْتِهَا وَقَعَتْ أَدَاءً، وَيُصْبِحُ قَضَاءً بِنِيَّةِ أَدَاءٍ إِذَا بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ، وَيَصِحُّ عَكْسُهُ إِذَا بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ وَقَصْدِ مَعْنَاهُ
(1) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 17 - 20، ومغني المحتاج 1 / 149.
الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لأَِنَّهُ مُتَلَاعِبٌ (1) .
أَقْسَامُ النِّيَّةِ:
النِّيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَالنِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ:
35 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ النِّيَّةَ تَنْقَسِمُ إِلَى حَقِيقِيَّةٍ وَحُكْمِيَّةٍ، وَأَنَّ الْحَقِيقِيَّةَ مَشْرُوطَةٌ فِي أَوَّل الْعِبَادَاتِ دُونَ اسْتِمْرَارِهَا، وَالْحُكْمِيَّةَ كَافِيَةٌ فِي اسْتِمْرَارِهَا.
فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعِبَادَةَ ذَاتَ الأَْفْعَال يُكْتَفَى بِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِهَا وَلَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي كُل فِعْلٍ اكْتِفَاءً بِانْسِحَابِهَا عَلَيْهَا، إِلَاّ إِذَا نَوَى بِبَعْضِ الأَْفْعَال غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ. قَالُوا: لَوْ طَافَ طَالِبًا الْغَرِيمَ لَا يُجْزِئُهُ الطَّوَافُ (2) .
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ عَلَى قِسْمَيْنِ: فِعْلِيَّةٍ مَوْجُودَةٍ، وَحُكْمِيَّةٍ مَعْدُومَةٍ، فَإِذَا حَضَرَتِ الْعِبَادَةُ وَجَبَ عَلَى الْمُكَلَّفِ النِّيَّةُ الْفِعْلِيَّةُ فِي أَوَّلِهَا، وَتَكْفِي الْحُكْمِيَّةُ فِي بَقِيَّتِهَا لِلْمَشَقَّةِ فِي اسْتِمْرَارِهَا بِالْفِعْل، قَال صَاحِبُ الطِّرَازِ: لَوْ وَزَنَ زَكَاتَهُ وَعَزَلَهَا لِلْمَسَاكِينِ، ثُمَّ دَفَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ اكْتَفَى بِالْحُكْمِيَّةِ وَأَجْزَأَتْ.
(1) منار السبيل 1 / 79، وكشاف القناع 1 / 315.
(2)
الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 45.