الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ فِعْل شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ نَاقِضٌ لِلْهُدْنَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَهْل الْهُدْنَةِ أَنَّهُ نَاقِضٌ (1) .
وَبِالنَّظَرِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ نَوَاقِضِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ يُمْكِنُنَا إِرْجَاعُهَا إِلَى الأَْسْبَابِ التَّالِيَةِ:
أ - الْعُدُول عَنِ الْمُوَادَعَةِ فِي الظَّاهِرِ.
ب - الْخِيَانَةُ فِي الْبَاطِنِ.
ج - الْعُدُول عَنِ الْمُجَامَلَةِ فِي الْقَوْل وَالْفِعْل.
د - النَّبْذُ مِنْ قِبَل الإِْمَامِ إِذَا رَأَى نَقْضَ الصُّلْحِ أَصْلَحَ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ ذَلِكَ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ.
أَوَّلاً: الْعُدُول عَنِ الْمُوَادَعَةِ فِي الظَّاهِرِ:
21 -
مِنْ مُوجِبَاتِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ الْمُوَادَعَةُ فِي الظَّاهِرِ، وَهِيَ الْكَفُّ عَنِ الْقِتَال وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لِلنُّفُوسِ وَالأَْمْوَال، فَيَجِبُ عَلَى أَهْل الْهُدْنَةِ مِثْل مَا يَجِبُ لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
فَإِنْ عَدَل أَهْل الْهُدْنَةِ عَنِ الْمُوَادَعَةِ إِلَى ضِدِّهَا فَقَاتَلُوا قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَتَلُوا قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَخَذُوا مَال قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
(1) نِهَايَة الْمُحْتَاجِ 8 / 102، وروضة الطَّالِبِينَ 10 / 337.
انْتَقَضَتْ هُدْنَتُهُمْ بِفِعْلِهِمْ وَلَمْ يُفْتَقَرْ إِلَى حُكْمِ الإِْمَامِ لِنَقْضِهَا، وَجَازَ أَنْ يَبْدَأَ بِقِتَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ وَيَشُنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ وَيَهْجُمَ عَلَيْهِمْ غِرَّةً وَبَيَاتًا، وَجَرَى ذَلِكَ فِي نَقْضِ الْهُدْنَةِ مَجْرَى تَصْرِيحِهِمْ بِالْقَوْل بِأَنَّهُمْ قَدْ نَقَضُوا الْهُدْنَةَ (1) .
وَقَدْ غَزَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْل مَكَّةَ بَعْدَ الْهُدْنَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ لأَِنَّهُمْ كَانُوا نَقَضُوا الْعَهْدَ بِمُعَاوَنَتِهِمْ بَنِي كِنَانَةَ عَلَى قِتَال خُزَاعَةِ، وَكَانَتْ حُلَفَاءَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلِذَلِكَ جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَسْأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَجْدِيدَ الْعَهْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ فَلَمْ يُجِبْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى ذَلِكَ، فَمِنْ أَجْل ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى النَّبْذِ إِلَيْهِمْ إِذْ كَانُوا قَدْ أَظْهَرُوا نَقْضَ الْعَهْدِ بِنَصْبِ الْحَرْبِ لِحُلَفَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2) .
ثَانِيًا: الْخِيَانَةُ فِي الْبَاطِنِ:
22 -
مِنْ مُوجِبَاتِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ تَرْكُ الْخِيَانَةِ بِأَنْ لَا يَسْتَسِرَّ أَهْل الْهُدْنَةِ بِفِعْلٍ مَا يَنْقُضُ الْهُدْنَةَ لَوْ أَظْهَرُوهُ، مِثْل أَنْ يُمَايِلُوا فِي السِّرِّ
(1) الْحَاوِي 18 / 443، والبحر الرَّائِق 5 / 85، والمبسوط لِلسَّرْخَسِيَ 10 / 86 - 88، وأحكام الْقُرْآن لِلْجَصَّاصِ 3 / 67.
(2)
حَدِيث: " مَجِيء أَبِي سُفْيَان إِلَى رَسُولٍ صلى الله عليه وسلم لِتَجْدِيدِ الْعَهْدِ. . . " أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّةِ (5 / 9 - ط دَار الْكُتُبِ الْعِلْمِيَّةِ) مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْن عُقْبَة مُرْسَلاً.