الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اخْتُلِفَ فِي اتِّحَادِهِ، كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْل، فَمَنْ رَآهُمَا مُتَّحِدَيْنِ مَنَعَ مِنْ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ عَلَى أَجْزَائِهِمَا، وَمَنْ رَآهُمَا مُتَعَدِّدَيْنِ جَوَّزَ تَفْرِيقَ النِّيَّةِ عَلَى أَبْعَاضِهِمَا (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ فَرَّقَ الْمُتَوَضِّئُ النِّيَّةَ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، بِأَنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْ كُل عُضْوٍ عِنْدَ غَسْلِهِ أَوْ مَسْحِهِ، صَحَّ وُضُوؤُهُ، لِوُجُودِ النِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ (2) .
ثَانِيًا: الأَْحْكَامُ التَّفْصِيلِيَّةُ لِلنِّيَّةِ:
سَبَقَ أَنْ بَيَّنَّا الأَْحْكَامَ الْعَامَّةَ لِلنِّيَّةِ، وَنُورِدُ هُنَا أَثَرَ النِّيَّةِ فِي الأَْفْعَال الَّتِي تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ مِنْ عِبَادَاتٍ أَوْ مُعَامَلَاتٍ أَوْ غَيْرِهِمَا:
أَثَرُ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ:
أ -
النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ:
44 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ:
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ إِلَاّ بِهَا، وَذَهَبَ الْبَعْضُ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَآخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا فَرْضٌ. وَنُوَضِّحُ آرَاءَهُمْ فِيمَا يَلِي:
(1) قواعد الأحكام 1 / 186 - 187، وانظر المجموع 1 / 316.
(2)
كشاف القناع 1 / 86.
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْل الزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَوْل جُمْهُورِ أَهْل الْحِجَازِ وَيُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: إِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ، فَلَا يَصِحُّ إِلَاّ بِالنِّيَّةِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (1) } ، وَالإِْخْلَاصُ هُوَ عَمَل الْقَلْبِ وَهُوَ النِّيَّةُ، وَالأَْمْرُ بِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ (2) . . . "، وَلَيْسَ الْمُرَادُ صُورَةَ الْعَمَل فَإِنَّهَا تُوجَدُ بِلَا نِيَّةٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ حُكْمَ الْعَمَل لَا يَثْبُتُ إِلَاّ بِالنِّيَّةِ. قَالُوا: وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ لَا يَكُونُ الْعَمَل شَرْعِيًّا يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ إِلَاّ بِالنِّيَّةِ، وَلأَِنَّ الْوُضُوءَ طَهَارَةٌ مِنْ حَدَثٍ تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَصِحَّ بِلَا نِيَّةٍ كَالتَّيَمُّمِ، وَلأَِنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ ذَاتُ أَرْكَانٍ فَوَجَبَتْ فِيهَا النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ.
وَيَنْوِي الْمُتَوَضِّئُ رَفْعَ الْحَدَثِ، أَوِ اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إِلَى طُهْرٍ، أَوْ أَدَاءَ فَرْضِ الْوُضُوءِ (3) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ النِّيَّةَ سُنَّةٌ فِي
(1) سورة البينة / 5.
(2)
حديث: " إنما الأعمال بالنيات. . . ". تقدم في فقرة 13.
(3)
المجموع 1 / 311 - 314، ومغني المحتاج 1 / 47، ونيل المآرب 1 / 60 - 61، وكشاف القناع 1 / 85، وبداية المجتهد 1 / 6.