الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالأَْخْذُ الْحَقِيقِيُّ يَكُونُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى قَصْدٍ وَنِيَّةٍ فَيَمْلِكُهُ الآْخِذُ سَوَاءٌ قَصَدَ بِأَخْذِهِ مِلْكَهُ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ مَلَكَهُ (1) .
وَالأَْخْذُ الْحُكْمِيُّ يَكُونُ بِالْهَيْئَةِ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَوَّلاً: مَا كَانَ بِاسْتِعْمَال مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِلاِصْطِيَادِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الآْلَةِ يَتَمَلَّكُ الصَّيْدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَصَدَ بِهَا الاِصْطِيَادَ أَوْ لَا، حَتَّى أَنَّ مَنْ نَصَبَ شَبَكَةً فَتَعَقَّل بِهَا صَيْدٌ مَلَكَهُ صَاحِبُ الشَّبَكَةِ قَصَدَ بِنَصْبِ الشَّبَكَةِ الاِصْطِيَادَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ؛ لأَِنَّ الشَّبَكَةَ إِنَّمَا تُنْصَبُ لأَِجْل الصَّيْدِ، فَلَوْ نَصَبَهَا لِلْجَفَافِ فَتَعَقَّل بِهَا صَيْدٌ لَا يَتَمَلَّكُهُ لأَِنَّهُ لَا يَصِيرُ آخِذًا لَهُ بِالشَّبَكَةِ.
ثَانِيًا: مَا كَانَ بِاسْتِعْمَال مَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ لِلاِصْطِيَادِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الآْلَةِ لَا يَتَمَلَّكُ الصَّيْدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِلَاّ إِذَا قَصَدَ بِهَا الاِصْطِيَادَ، حَتَّى إِنَّ مَنْ نَصَبَ فُسْطَاطًا وَتَعَقَّل بِهِ صَيْدٌ، إِنْ قَصَدَ بِنَصْبِ الْفُسْطَاطِ الصَّيْدَ مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الصَّيْدَ لَا يَمْلِكُهُ (2) .
(1) الفتاوى الهندية 5 / 417، والأشباه لابن نجيم ص 286 ط دار الكتب العلمية، ونهاية المحتاج 8 / 117.
(2)
الفتاوى الهندية 5 / 417 - 418، وحاشية ابن عابدين 5 / 298، وانظر الذخيرة للقرافي 4 / 185 ط دار الغرب الإسلامي، وحاشية الدسوقي 2 / 114، والمغني لابن قدامة 8 / 562 - 563، ونهاية المحتاج7 / 118 - 119.
ن: النِّيَّةُ فِي اللُّقَطَةِ:
72 -
الْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنِ الْتَقَطَ عَلَى قَصْدِ أَنْ يَحْفَظَ اللُّقَطَةَ لِمَالِكِهَا أَبَدًا فَهِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ (1) .
كَمَا كَانَ الْفُقَهَاءُ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ كَأَنْ نَوَى تَمَلُّكَهَا فِي الْحَال وَكِتْمَانَهَا فَيَكُونُ ضَامِنًا غَاصِبًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي بَرَاءَةِ الْمُلْتَقِطِ بِرَدِّ اللُّقَطَةِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا أَوْ لِيُمْسِكَهَا لِنَفْسِهِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَا يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِلَاّ بِرَدِّ اللُّقَطَةِ إِلَى يَدِ صَاحِبِهَا أَوْ إِلَى يَدِ وَكِيلِهِ، لأَِنَّ الأَْخْذَ وَقَعَ لِنَفْسِهِ فَصَارَ غَاصِبًا، وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ إِلَاّ بِالرَّدِّ إِلَى الْمَالِكِ أَوْ إِلَى وَكِيلِهِ.
(1) روضة الطالبين 5 / 406 والوسيط 4 / 291، والفتاوى الهندية 2 / 291، والجوهرة النيرة 2 / 64 ط مكتبة إمدادية باكستان، والتاج والإكليل 6 / 75، والمغني لابن قدامة 5 / 712، والذخيرة 9 / 104 - 105.
وَقَال زُفَرُ: إِذَا رَدَّهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ بَرِئَ لأَِنَّهُ قَدْ رَدَّهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا أَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (1)
وَإِذَا أَخَذَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ بِنِيَّةِ الأَْمَانَةِ ثُمَّ طَرَأَ لَهُ قَصْدُ الْخِيَانَةِ، فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَا يَضْمَنُ اللُّقَطَةَ إِنْ تَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ فِي الْحَوْل، كَمَا أَنَّ الْمُودَعَ لَا يُضْمَنُ بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ (2) .
وَدَلَّل ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ نِيَّةَ الاِغْتِيَال فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُجَرَّدَةٌ عَنْ مُصَاحَبَةِ فِعْلٍ، إِذْ غَايَةُ الأَْمْرِ أَنَّ النِّيَّةَ تَبَدَّلَتْ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ (3) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْل الْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ، وَابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ
(1) الجوهرة النيرة 2 / 46، والفتاوى الهندية 2 / 292، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 112، وروضة الطالبين 5 / 406، وكشاف القناع 4 / 213، والمغني 5 / 706 - 707،714
(2)
مطالب أولي النهى 4 / 223، وروضة الطالبين 5 / 407، وحاشية الدسوقي 4 / 121.
(3)
حاشية الدسوقي 4 / 121، ومواهب الجليل 6 / 76.
الْحَطَّابُ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَضْمَنُ لأَِنَّ نِيَّةَ الاِغْتِيَال قَدْ صَاحَبَهَا فِعْلٌ وَهُوَ الْكَفُّ عَنِ التَّعْرِيفِ (1)
وَالْمَسْأَلَةُ لَا تَتَأَتَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ لِبَرَاءَةِ الْمُلْتَقِطِ مِنَ الضَّمَانِ الإِْشْهَادَ بِأَنَّهُ أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِحِفْظِهَا وَرَدِّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَتَبَدُّل نِيَّةِ الْمُلْتَقِطِ عِنْدَئِذٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرٌ، حَتَّى مَنْ أَخَذَ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يُشْهِدْ - فِيمَا إِذَا أَمْكَنَهُ الإِْشْهَادُ - وَقَال أَخَذْتُهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى (2) .
أَمَّا عَنْ أَخْذِ اللُّقَطَةِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَقَدْ قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لَا بِنِيَّةِ الْحِفْظِ وَلَا بِنِيَّةِ اغْتِيَالِهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إِذَا رَدَّهَا بِالْقُرْبِ، وَيَضْمَنُ إِذَا رَدَّهَا بَعْدَ الْبُعْدِ (3) .
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ مَنْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ وَلَا يَقْصِدُ خِيَانَةً وَلَا أَمَانَةً، أَوْ يَقْصِدُ أَحَدَهُمَا وَيَنْسَاهُ فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ وَلَهُ التَّمَلُّكُ بِشَرْطِهِ (4) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَا تُتَصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَهُمْ، إِذْ
(1) روضة الطالبين 5 / 407، وحاشية الدسوقي 4 / 121
(2)
الفتاوى الهندية 2 / 291، والجوهرة النيرة 2 / 46.
(3)
مواهب الجليل 6 / 77.
(4)
روضة الطالبين 5 / 407.