الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خُلِقُوا لِلْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَالدُّخُول تَحْتَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِْنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (1) } .
وَالثَّانِي: مَا دَل عَلَى ذَمِّ مُخَالَفَةِ هَذَا الْقَصْدِ:
مِنَ النَّهْيِ أَوَّلاً عَنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللَّهِ، وَذَمِّ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ، وَإِيعَادِهِمْ بِالْعَذَابِ الْعَاجِل مِنَ الْعُقُوبَاتِ الْخَاصَّةِ بِكُل صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الْمُخَالَفَاتِ، وَالْعَذَابِ الآْجِل فِي الدَّارِ الآْخِرَةِ، وَأَصْل ذَلِكَ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَالاِنْقِيَادُ إِلَى طَاعَةِ الأَْغْرَاضِ الْعَاجِلَةِ وَالشَّهَوَاتِ الزَّائِلَةِ.
الثَّالِثُ: مَا عُلِمَ بِالتَّجَارِبِ وَالْعَادَاتِ مِنْ أَنَّ الْمَصَالِحَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ لَا تَحْصُل مَعَ الاِسْتِرْسَال فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالْمَشْيِ مَعَ الأَْغْرَاضِ، لِمَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّهَارُجِ وَالتَّقَاتُل وَالْهَلَاكِ الَّذِي هُوَ مُضَادٌّ لِتِلْكَ الْمَصَالِحِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعِبَادِ بِالتَّجَارِبِ وَالْعَادَاتِ الْمُسْتَمِرَّةِ؛ وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى ذَمِّ مَنِ اتَّبَعَ شَهَوَاتِهِ، وَسَارَ حَيْثُ سَارَتْ بِهِ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، انْبَنَى عَلَيْهِ قَوَاعِدُ:
مِنْهَا أَنَّ كُل عَمَلٍ كَانَ الْمُتَّبَعُ فِيهِ الْهَوَى بِإِطْلَاقٍ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى الأَْمْرِ أَوِ النَّهْيِ أَوِ التَّخْيِيرِ، فَهُوَ بَاطِلٌ بِإِطْلَاقٍ.
(1) سُورَة الذَّارِيَاتِ / 56، 57
وَكُل فِعْلٍ كَانَ الْمُتَّبَعُ فِيهِ بِإِطْلَاقِ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ أَوِ التَّخْيِيرِ، فَهُوَ صَحِيحٌ وَحَقٌّ؛ لأَِنَّهُ قَدْ أَتَى بِهِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَوَافَقَ فِيهِ صَاحِبُهُ قَصْدَ الشَّارِعِ فَكَانَ كُلُّهُ صَوَابًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا إِنِ امْتَزَجَ فِيهِ الأَْمْرَانِ فَكَانَ مَعْمُولاً بِهِمَا فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ وَالسَّابِقِ (1) .
وَمِنْهَا: أَنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى طَرِيقٌ إِلَى الْمَذْمُومِ وَإِنْ جَاءَ فِي ضِمْنِ الْمَحْمُودِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُضَادٌّ بِوَضْعِهِ لِوَضْعِ الشَّرِيعَةِ فَحَيْثُمَا زَاحَمَ مُقْتَضَاهَا فِي الْعَمَل كَانَ مَخُوفًا (2) .
وَمِنْهَا: أَنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى فِي الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَظِنَّةٌ لأَِنْ يَحْتَال بِهَا عَلَى أَغْرَاضِهِ، فَتَصِيرَ كَالآْلَةِ الْمُعَدَّةِ لاِقْتِنَاصِ أَغْرَاضِهِ، كَالْمُرَائِي يَتَّخِذُ الأَْعْمَال الصَّالِحَةَ سُلَّمًا لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَبَيَانُ هَذَا ظَاهِرٌ.
وَمَنْ تَتَبَّعَ مَآلَاتِ اتِّبَاعِ الْهَوَى فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَجَدَ مِنَ الْمَفَاسِدِ كَثِيرًا (3) .
ب -
أَنْوَاعُ مُتَّبِعِي الْهَوَى:
4 -
قَال عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبُخَارِيُّ: إِنَّ مِمَّنِ اتَّبَعَ
(1) الْمُوَافِقَات لِلشَّاطِبِي 2 / 168، 171 - 174 وانظر التَّفْسِير الْكَبِير لِلْفَخْرِ الرَّازِيّ 4 / 34.
(2)
الموافقات2 / 174.
(3)
الموافقات2 / 176.