الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَانْظُرْ آرَاءَ الْفُقَهَاءِ فِي أَثَرِ اخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ عَلَى النِّكَاحِ فِي مُصْطَلَحِ (اخْتِلَاف الدَّارَيْنِ ف 5) .
مَا يَلْحَقُ بِدَارِ الْكُفْرِ فِي الْحُكْمِ بِوُجُوبِ الْهِجْرَةِ مِنْهَا:
13 -
أَلْحَقَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ فِي الْحُكْمِ بِوُجُوبِ الْهِجْرَةِ مِنْهَا عَلَى مَنْ أَطَاقَهَا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِظْهَارِ دِينِهِ فِي إِقَامَتِهِ بِهَا دَارَ الْبُغَاةِ وَدَارَ الْبِدْعَةِ (1) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْهِجْرَةَ مِنْ أَرْضِ الْحَرَامِ وَالْبَاطِل بِظُلْمٍ أَوْ فِتْنَةٍ فَرِيضَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَال الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتَّبِعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَال وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ (2)، وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: لَا يُقِيمُ أَحَدٌ فِي مَوْضِعٍ يُعْمَل فِيهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ. قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فَإِنْ قِيل: فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ بَلَدٌ إِلَاّ كَذَلِكَ؟ قُلْنَا: يَخْتَارُ الْمَرْءُ أَقَلَّهَا إِثْمًا، مِثْل أَنْ يَكُونَ بَلَدٌ بِهِ كُفْرٌ، فَبَلَدٌ فِيهِ جَوْرٌ خَيْرٌ مِنْهُ، أَوْ بَلَدٌ فِيهِ عَدْلٌ
(1) كَشَّاف الْقِنَاع 3 / 43، وشرح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 94، والمبدع 3 / 314، والفروع 6 / 197
(2)
حَدِيث " يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْر مَال الْمُسْلِمِ غَنَم. . . ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (1 / 69 ط السَّلَفِيَّة) مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَحَرَامٌ، فَبَلَدٌ فِيهِ جَوْرٌ وَحَلَالٌ خَيْرٌ مِنْهُ لِلْمُقَامِ، أَوْ بَلَدٌ فِيهِ مَعَاصٍ فِي حُقُوقِ اللَّهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَلَدٍ فِيهِ مَعَاصٍ فِي مَظَالِمِ الْعِبَادِ (1) .
الْهِجْرَةُ مِنْ بَلَدٍ تُجْتَرَحُ فِيهَا الْمَعَاصِي:
14 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل لِلْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ: وَهُوَ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ مِنَ الأَْرْضِ الَّتِي يُعْمَل فِيهَا بِالْمَعَاصِي. حَيْثُ قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ (2) } إِذَا عُمِل فِيهَا بِالْمَعَاصِي فَاخْرُجْ مِنْهَا (3) .
قَال ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُول: لَا يَحِل لأَِحَدٍ أَنْ يُقِيمَ بِبَلَدٍ يُسَبُّ فِيهِ السَّلَفُ (4) .
الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ كُل مَنْ أَظْهَرَ حَقًّا بِبَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الإِْسْلَامِ وَلَمْ يُقْبَل مِنْهُ، وَلَمْ يَقْدِرْ
(1) عَارِضَة الأَْحْوَذِيّ لاِبْنِ الْعَرَبِيِّ 7 / 88 وَمَا بَعْدَهَا، وانظر فَتْح الْعَلِيّ الْمَالِك لعليش 1 / 375، والمعيار للونشريسي 2 / 121
(2)
سُورَة الْعَنْكَبُوتِ / 56
(3)
أَثَر سَعِيد بْن جُبَيْرٍ: إِذَا عُمِل فِيهَا بِالْمَعَاصِي فَاخْرُجْ مِنْهَا. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ (21 / 9 ط مُصْطَفَى الْحَلَبِيِّ)
(4)
أَحْكَام الْقُرْآنِ لاِبْنِ الْعَرَبِيِّ 1 / 484، وتفسير الْقُرْطُبِيّ 5 / 350