الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْ تَفْرِيعَاتِهِمْ أَيْضًا: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَاهِبِ حَبْسُ الْهِبَةِ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْبِضَ الْعِوَضَ الْمُشْتَرَطَ أَوْ مَا يَرْضَى بِهِ، وَلَوْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ قَبْل دَفْعِ الْعِوَضِ وُقِفَ: فَإِمَّا يُعَوِّضُ أَوْ يَرُدُّ الْهِبَةَ، وَيَتَلَوَّمُ لَهَا تَلَوُّمًا لَا يَضُرُّ بِهِمَا فِيهِ (1) .
وَلَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَالشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ بِيَدِهِ، فَإِنَّ الْهِبَةَ نَافِذَةٌ كَالْبَيْعِ، وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْضُهَا إِنْ دَفَعَ الْعِوَضَ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْل أَنْ يَدْفَعَ الْعِوَضَ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِوَرَثَتِهِ مَا كَانَ لَهُ مِنَ الْحُقُوقِ (2) .
وَالْعِوَضُ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُعَاوِضُ بِهِ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ، وَعَلَى الْوَاهِبِ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ مَعِيبًا طَالَمَا أَنَّ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءً أَوْ يُكْمِلُهُ لَهُ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْعِوَضُ مِمَّا لَمْ يَعْتَدَّ النَّاسُ التَّعَاوُضَ بِهِ كَالْحَطَبِ وَالتِّبْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَاهِبَ قَبُولُهُ (3) . عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْوَاهِبُ فِي طَلَبِ الْعِوَضِ عَلَى النُّقُودِ الْمَسْكُوكَةِ أَوِ السَّبَائِكِ أَوِ الْحُلِيِّ الْمُكَسَّرِ إِلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ، فَإِذَا اشْتَرَطَهُ عُوِّضَ عُرُوضًا أَوْ طَعَامًا، وَمِثْل الشَّرْطِ: الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ (4) .
(1) الْخَرَشِيّ 7 / 114.
(2)
الْمَرْجِع السَّابِق.
(3)
الْخَرَشِيّ 7 / 120.
(4)
الْخَرَشِيّ 7 / 118.
وَلَوْ وَهَبَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ شَيْئًا لِلآْخَرِ ثُمَّ طَلَبَ الْعِوَضَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ؛ لأَِنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِنَفْيِ الثَّوَابِ بَيْنَهُمَا (1) .
الْقَوْل الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ تَقْتَضِي عِوَضًا (2) .
التَّكْيِيفُ الْفِقْهِيُّ لِلْعِوَضِ الْمُتَأَخِّرِ عَنِ الْهِبَةِ الْمُطْلَقَةِ:
37 -
صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ) الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ لَا تَقْتَضِي عِوَضًا بِأَنَّ التَّعْوِيضَ الْمُتَأَخِّرَ عَنِ الْهِبَةِ الْمُطْلَقَةِ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ.
فَقَدْ جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: التَّعْوِيضُ الْمُتَأَخِّرُ عَنِ الْهِبَةِ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنِ أَصْحَابِنَا، يَصِحُّ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْهِبَةُ وَيَبْطُل بِمَا تَبْطُل بِهِ الْهِبَةُ، لَا يُخَالِفُهَا إِلَاّ فِي إِسْقَاطِ الرُّجُوعِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَثْبُتُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الأُْولَى وَلَا يَثْبُتُ فِي الثَّانِيَةِ، فَأَمَّا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ هِبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ. وَلَوْ وَجَدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْمَوْهُوبِ عَيْبًا فَاحِشًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ وَيَرْجِعَ فِي الْعِوَضِ، وَكَذَلِكَ الْوَاهِبُ إِذَا وَجَدَ بِالْعِوَضِ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْعِوَضَ وَيَرْجِعَ
(1) الْخَرَشِيّ 7 / 118.
(2)
الإِْنْصَاف 7 / 116.