الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: " فَهَوِيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَال أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ (1) .
وَالْهَوَى اصْطِلَاحًا: قَال عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبُخَارِيُّ: الْهَوَى مَيَلَانُ النَّفْسِ إِلَى مَا تَسْتَلِذُّ بِهِ مِنَ الشَّهَوَاتِ مِنْ غَيْرِ دَاعِيَةِ الشَّرْعِ (2) .
وَيُسَمَّى أَهْل الْبِدَعِ بِأَهْل الأَْهْوَاءِ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الشَّهْوَةُ:
2 -
الشَّهْوَةُ فِي اللُّغَةِ: نُزُوعُ النَّفْسِ إِلَى مَا تُرِيدُهُ، وَقَدْ يُسَمَّى الْمُشْتَهَى شَهْوَةً، وَقَدْ يُقَال لِلْقُوَّةِ الَّتِي تَشْتَهِي الشَّيْءَ: شَهْوَةٌ، وَالْجَمْعُ شَهَوَاتٌ وَأَشْهِيَةٌ وَشُهًى (4) .
وَقَال أَبُو الْبَقَاءِ الْكَفَوِيُّ: الشَّهْوَةُ مَيْلٌ جِبِلِّيٌّ غَيْرُ مَقْدُورٍ لِلْبَشَرِ، بِخِلَافِ الإِْرَادَةِ (5) .
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الشَّهْوَةُ: حَرَكَةٌ لِلنَّفْسِ
(1) حَدِيث: " فَهَوِيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَال أَبُو بَكْرٍ. . ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (3 / 1385 - ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ عُمَر بْن الْخَطَّابِ رضي الله عنه.
(2)
كَشَفَ الأَْسْرَار عَنْ أُصُول البزدوي 3 / 50 نَشْر دَار الْكِتَابِ الْعَرَبِيِّ.
(3)
كَشَافٍ اصْطِلَاحَات الْفُنُون لِلتَّهَانَوِيِّ 6 / 1542.
(4)
الْمُفْرِدَات فِي غَرِيبِ الْقُرْآنِ لِلأَْصْفَهَانِيِّ، والمعجم الْوَسِيط.
(5)
الْكُلِّيَّات لأَِبِي الْبَقَاءِ الْكُفُوِي 1 / 105.
طَلَبًا لِلْمُلَائِمِ (1) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُول، وَيَتَّفِقَانِ فِي الدَّلَالَةِ وَالْمَدْلُول، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الْهَوَى مُخْتَصٌّ بِالآْرَاءِ وَالاِعْتِقَادَاتِ، وَالشَّهْوَةُ مُخْتَصَّةٌ بِنَيْل الْمُسْتَلَذَّاتِ، فَصَارَتِ الشَّهْوَةُ مِنْ نَتَائِجِ الْهَوَى وَهِيَ أَخَصُّ، وَالْهَوَى أَصْلٌ وَهُوَ أَعَمُّ (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْهَوَى:
يَتَعَلَّقُ بِالْهَوَى أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أ -
حُكْمُ اتِّبَاعِ الْهَوَى الْمَذْمُومِ:
3 -
إِذَا وَافَقَ الْهَوَى الشَّرْعَ فَهُوَ مَحْمُودٌ، أَمَّا إِذَا خَالَفَهُ فَهُوَ مَذْمُومٌ، وَقَدْ نَهَى الشَّرْعُ عَنِ اتِّبَاعِ الْهَوَى الْمَذْمُومِ بِالآْيَاتِ وَالأَْحَادِيثِ، أَمَّا الآْيَاتُ فَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا (3) } ، وَقَال تَعَالَى:{وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيل اللَّهِ (4) } ، وَقَال تَعَالَى:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (5) } .
(1) قَوَاعِد الْفِقْهِ لِلْبَرَكَتِي.
(2)
أَدَب الدُّنْيَا وَالدِّينِ للماوردي ص 41، 42 ط دَار ابْن كَثِير - بَيْرُوت.
(3)
سُورَة النِّسَاء / 135.
(4)
سُورَة ص / 26.
(5)
سُورَة النَّازِعَات / 40 - 41.
وَمِنَ الأَْحَادِيثِ مَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ، وَثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ، وَثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ، أَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ،. . . . إِلَخْ " (1) .
وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِل لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الأَْمَانِيَّ (2) .
وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: الْهَوَى عَنِ الْخَيْرِ صَادٌّ، وَلِلْعَقْل مُضَادٌّ، يُنْتِجُ مِنَ الأَْخْلَاقِ قَبَائِحَهَا، وَيُظْهِرُ مِنَ الأَْفْعَال فَضَائِحَهَا، وَيَجْعَل سِتْرَ الْمُرُوءَةِ مَهْتُوكًا، وَمَدْخَل الشَّرِّ مَسْلُوكًا.
وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الْهَوَى إِلَهٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ (3)، ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى:
(1) حَدِيث: " ثَلَاث مُهْلِكَات وَثَلَاث مُنْجِيَاتِ. . . ". أَخْرَجَهُ الْبَزَّار (كَشْف الأَْسْتَارِ 1 / 59 - 60 - ط الرِّسَالَة) ، وذكره الهيثمي فِي مَجْمَع الزَّوَائِد (1 / 91 - ط الْقُدْسِيّ) وعزاه إِلَى الْبَزَّارِ والطبراني فِي الأَْوْسَطِ، وَقَال: فِيهِ زَائِدَة بْن أَبِي الرُّقَاد وَزِيَاد النَّمِيرِي وَكَّلَاهُمَا مُخْتَلِف فِي الاِحْتِجَاجِ بِهِ.
(2)
حَدِيث: " الْكِيس مَنْ دَانَ نَفْسه. . . ". أَخْرَجَهُ أَحْمَد (4 / 124 - ط المينية) والحاكم فِي الْمُسْتَدْرِكِ (1 / 57 - ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ) وذكر الذَّهَبِيّ فِي تَلْخِيص الْمُسْتَدْرِك أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا وَاهِيًا.
(3)
أَدَب الدُّنْيَا وَالدِّينِ ص 33 ط دَار ابْن كَثِير
( {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)(1) } بِحَيْثُ لَا يَعْبُدُ صَاحِبُ الْهَوَى إِلَاّ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ، بِأَنْ أَطَاعَهُ وَبَنَى عَلَيْهِ دِينَهُ، وَلَا يَسْمَعُ حُجَّةً وَلَا يُبْصِرُ دَلِيلاً (2) .
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: طَاعَةُ الشَّهْوَةِ دَاءٌ، وَعِصْيَانُهَا دَوَاءٌ (3) .
وَقَال عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَيْنِ: اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَطُول الأَْمَل، فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَطُول الأَْمَل يُنْسِي الآْخِرَةَ (4) .
وَقَال الشَّاطِبِيُّ: الْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ مِنْ وَضْعِ الشَّرِيعَةِ إِخْرَاجُ الْمُكَلَّفِ عَنْ دَاعِيَةِ هَوَاهُ، حَتَّى يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ اخْتِيَارًا، كَمَا هُوَ عَبْدٌ لِلَّهِ اضْطِرَارًا.
وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ أُمُورٌ:
أَحَدُهَا: النَّصُّ الصَّرِيحُ الدَّال عَلَى أَنَّ الْعِبَادَ
(1) سُورَة الْجَاثِيَة / 23
(2)
بِرِيقَة مَحْمُودِيَّة 2 / 72.
(3)
حَدِيث: (طَاعَة الشَّهْوَة دَاء. . . ". ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَن الْمَاوَرْدِيّ فِي أَدَبِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ (ص 33 - ط دَار ابْن كَثِير) بِقَوْلِهِ: وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. . . الْحَدِيثُ، وَلَمْ نَقِفْ عَل
(4)
أَدَبُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ ص 33، 34