الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النِّيَّةِ، فَلَوْ فَعَل شَيْئًا مِنَ الْوَاجِبَاتِ قَبْل النِّيَّةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ.
وَيُسْتَحَبُّ الإِْتْيَانُ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ مَسْنُونَاتِ الطَّهَارَةِ إِنْ وُجِدَ ذَلِكَ الْمَسْنُونُ قَبْل وَاجِبٍ. كَغَسْل الْيَدَيْنِ لِغَيْرِ الْقَائِمِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْل إِنْ وُجِدَ قَبْل التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْل، لِتَشْمَل النِّيَّةُ مَفْرُوضَ الطَّهَارَةِ وَمَسْنُونَهَا، فَيُثَابُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا. فَإِنْ غَسَل الْيَدَيْنِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَكَمَنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا؛ لِحَدِيثِ: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ (1) ، فَتُسْتَحَبُّ إِعَادَةُ غَسْلِهِمَا بَعْدَ النِّيَّةِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ، وَلَا يُبْطِل النِّيَّةَ عَمَلٌ يَسِيرٌ قَبْل الشُّرُوعِ فِي الطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا. فَإِنْ كَثُرَ بَطَلَتْ وَاحْتَاجَ إِلَى اسْتِئْنَافِهَا، وَيُسْتَحَبُّ اسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا بِقَلْبِهِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لَهَا فِي جَمِيعِ الطَّهَارَةِ لِتَكُونَ أَفْعَالُهُ كُلُّهَا مُقْتَرِنَةً بِالنِّيَّةِ. وَلَا بُدَّ مِنَ اسْتِصْحَابِ حُكْمِهَا بِأَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَهَا، فَإِنْ عَزَبَتْ عَنْ خَاطِرِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّلَاةِ. وَمَحَلُّهُ إِنْ لَمْ يَنْوِ بِالْغَسْل نَحْوَ تَنْظِيفٍ أَوْ تَبَرُّدٍ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمَجْدُ (2) .
(1) حديث: " إنما الأعمال بالنيات. . . ". تقدم تخريجه ف 8.
(2)
كشاف القناع 1 / 90.
حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ النِّيَّةِ:
18 -
بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ النِّيَّةَ شُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ حَتَّى يَتَمَيَّزَ مَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى عَمَّا لَيْسَ لَهُ، وَتَتَمَيَّزُ مَرَاتِبُ الْعِبَادَاتِ فِي أَنْفُسِهَا حَتَّى تَتَمَيَّزَ مُكَافَأَةُ الْعَبْدِ عَلَى فِعْلِهِ وَيَظْهَرَ قَدْرُ تَعْظِيمِهِ لِرَبِّهِ (1) .
فَمِثَال الأَْوَّل: الْغُسْل يَكُونُ عِبَادَةً وَتَبَرُّدَا، وَحُضُورُ الْمَسَاجِدِ يَكُونُ لِلصَّلَاةِ وَفُرْجَةً وَاسْتِرَاحَةً، وَالسُّجُودُ لِلَّهِ أَوْ لِلصَّنَمِ.
وَمِثَال الثَّانِي: الصَّلَاةُ، لاِنْقِسَامِهَا إِلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ، وَالْفَرْضُ إِلَى فَرْضٍ عَلَى الأَْعْيَانِ وَفَرْضٍ عَلَى الْكِفَايَةِ وَفَرْضٍ مَنْذُورٍ وَفَرْضٍ غَيْرِ مَنْذُورٍ. وَمِنْ هُنَا تَظْهَرُ كَيْفِيَّةُ تَعَلُّقِ النِّيَّةِ بِالْفِعْل؛ فَإِنَّهَا لِلتَّمْيِيزِ.
وَتَمْيِيزُ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ بِإِضَافَتِهِ إِلَى سَبَبِهِ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالاِسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ بِوَقْتِهِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ، أَوْ بِحُكْمِهِ الْخَاصِّ كَالْفَرِيضَةِ، أَوْ بِوُجُودِ سَبَبِهِ كَرَفْعِ الْحَدَثِ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ سَبَبٌ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، فَإِذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ ارْتَفَعَ وَصَحَّ الْوُضُوءُ (2) .
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 29، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 12، ومواهب الجليل 1 / 232.
(2)
مواهب الجليل 1 / 232.